في تطور ملفت لحراك الجزائر وبعد أن كان النشطاء يتمسكون بشعرة معاوية مع الجيش أملا في أن يصطف هذا الجيش مع مطالب الشعب الجزائري المتمثلة في دولة مدنية ديمقراطية يكون فيها الشعب مصدرا لكل السلط، وبعد أن استوعب الشعب كذلك مناورات العسكر الرامية إلى الالتفاف على مطالبه عبر فبركة ملفات قضائية للعديد من الوجوه السياسية وتقديمهم كأكباش فداء لإيهام الشعب بان العسكر يسعى لمحاربة الفساد.
هاهو الشعب يقطع شعرة معاوية مع الجيش ويخرج في مظاهرات حاشدة ليس للاحتفال بتخليد ذكرى الحراك وإنما للحسم النهائي مع المؤسسة العسكرية التي يراها الأمر والناهي، والمتحكمة في جميع مناحي الحياة الإعلامية والثقافية والسياسية والاقتصادية بل حصنت نفسها عبر دستور مفصل على المقاس يجعلها خارج المسائلة وفوق الحدود وبالرغم من أن العسكر راهن لتكسير الحراك على تصدير أزمته الداخلية إلى دول الجوار باعتماد. نظرية المؤامرة، وتهديد سلامة التراب الوطني إلا أنه ومع ذلك فطن الجزائريون لأعيب العسكر، حيث أضحى ما يهمهم هو الوضع الداخلي المرتبط بالافتقاد إلى أبسط شروط العيش الكريم من مسكن وملبس وتطبيب وأكل وشرب، أما عدى ذلك فلم يعد سوى حصان طروادة الذي يعلق عليه العسكر فشله.
وبين شرعية مطالب الشارع النابعة من قلب المحتجين وشرعية العسكر الذي مازال يحن لمقطوعة من الفيلم الجزائري في سبعينات القرن الماضي( اعلي موت واقف) تتعطل آمال الجزائريين في حقهم في دولة مدنية وديمقراطية مكان العسكر الطبيعي فيها هو الثكنات وليس قصر المرادية.