الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد السلام المساوي: الحكاية اليوم ليست تتفيه "استقالة" الأزمي!!!

عبد السلام المساوي: الحكاية اليوم ليست تتفيه "استقالة" الأزمي!!! عبد السلام المساوي

الحكاية اليوم ليست الرد على إدريس الأزمي أو تتفيه استقالته، ولا حتى اعتبارها. والحكاية أيضا ليست في الحديث عن حربائية الأزمي وتهربه من المسؤولية السياسية في الوقت بدل الضائع.

 

نعم قدم "استقالته" من رئاسة المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية لأسباب لم يكشف عنها في رسالته!!! لأسباب وأهداف يعرفها هو ويعرفها قبله شيخه عبد الإلاه بنكيران ...

 

الحكاية هي لماذا لم يقدم استقالته من عمودية فاس والبرلمان ورئاسة الفريق... نعلم أن التعويضات والملذات تمنعه من الاستقالة من هنا وهناك وهنالك....

 

الحكاية هي سؤال عن طريقة وصول مثل هؤلاء إلى المسؤولية، وعن الناس الذين يصوتون لأجل إيصال أناس يقولون لنا في نهاية المطاف "واش بغيتونا نخدمو بيليكي" إلى مراكز القرار ومراكز التشريع وبقية المؤسسات .

 

هذا السؤال جارح ومؤلم، ويمس أوتارا حساسة عديدة، لكنه ضروري.. السؤال الأكبر في المغرب اليوم هو من يصوت على أحزاب لا تتوفر على برامج سياسية، بل تمتلك فقط الشعارات والخطب والكلام المرسل والمطلق على عواهنه، وحين تضيق بها الدائرة وتتضح كل أوجه انعدام الكفاءة فيها تفاجئنا عبر طاقاتها "الخلاقة" بعبارات مثل "بيليكي" وغيرها كثير؟!!!!

 

ينسى الأزمي وأمثاله أن السياسة ليست أسهما في شركة مدرة للربح، السياسة عمل تطوعي في الأساس، ومن أراد تحقيق مداخيل وأرباح فما عليه سوى ممارسة التجارة وتجشم عناء الاستثمار .

 

ما لا يفهمه العمدة الذي صنعه بنكيران من فراغ وأراد به مواجهة جيله من مؤسسي الحزب الحاكم، أن المغاربة ليس مقدرا عليهم تحقيق ترف وبحبوحة العيش لوزرائهم وبرلمانييهم، وأنه آن الأوان لنزع ملعقة التعويضات الخيالية من فم السياسيين وتركهم يبكون ويجذبون ما شاءوا وكيفما شاءوا، ولو كان للأزمي وجه تعلوه نقطة الاحمرار لشعر بالحرج بضائقة الملايين وتقدم بتنازل عن واحد من تعويضاته المتعددة لكن لا حياة لمن تنادي .

 

للأسف ابتلينا بطينة من السياسيين يعيشون عالة بالسياسة لكنهم قد يتحولون إلى ثوار مستعدين لقلب الطاولة والتهديد واطلاق وابل من الاتهامات اذا تجرأ أحد على الاقتراب من غنيمتهم .

 

اعتنق العدالة والتنمية، منذ نيله الشرعية وانخراطه في العمل السياسي داخل المؤسسات بفضل الراحل عبد الكريم الخطيب، وبفضل الراحل الآخر ادريس البصري، شعار الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وشعار كل الشعبويين في العالم كله "كلهم فاسدون" أو "Tous pourris" وظل يقول لقواعده والمتعاطفين معه ان كل الاحزاب المغربية الأخرى مليئة بالمنافقين واللصوص والفاسدين والذين يملؤون بطونهم بمال الفقراء، والذين لا يراعون الله ولا يريدون دخول الجنة أبدا ولا يكترثون بالشعب المغربي إطلاقا .

 

دخل الحزب معمعة العمل الحكومي والبرلماني، وشرع في اكتشاف ملذات الحياة، وفجأة وجد المغاربة أنفسهم أمام زعيمه بنكيران وهو يمتشق المعاش تلو المعاش، ويرفض التخلي عن المناصب الدنيوية الزائلة، أو التي كان يصفها بأنها زائلة، ويجلس في الدار يراقب الفيسبوك ولايفاته، ويطلق من خلاله رصاص الرحمة على نفسه أولا، وعلى حزبه ثانيا، وعلى عديد الشعارات التي أمطر بها الناس هو ورفاقه، أو لنقل إخوانه، في الحزب سابقا على امتداد عديد السنوات.

 

يظهر عبد الإلاه بنكيران، الحديث العهد بالبرلمان، وهو يرغى ويزبد بلحيته المبعثرة أمام فتح الله ولعلو، وزير الاقتصاد والمالية في حكومة التناوب. دخل بنكيران البرلمان بعد صفقة سياسية غامضة، وجاء محملا بمهارات الدعوة والخطابة ليثير موضوع المعاشات والظلم الذي  فيه، قبل أن يجيبه ولعلو، كان يتابع شطحاته بابتسامة ماكرة لا يتقنها غير من خبر الناس ودروب تحولاتهم في الأمكنة والأزمنة .

 

وكأن ولعلو يقول في قرارة نفسه: "سنرى ما ستفعلون يوم تكونون مكاننا"، وذلك بالفعل ما حدث بعد عشرين من مشهد ابن كيران في البرلمان، يعود إدريس الأزمي، رئيس المجلس الوطني للبيجيدي، إلى نفس القاعة البرلمانية ليرغد ويزبد بدوره، لكن بدون لحية مبعثرة هذه المرة، ودفاعا عن تعدد التعويضات وعن المعاشات، لأن البرلمانيين كما قال "ما غاديش لخدمة بيليكي "!!!!!