الخميس 18 إبريل 2024
سياسة

الموساوي: انتخابات2021...لفتيت يوقف اللطم الجماعي الذي يمارسه "البيجيدي"

الموساوي: انتخابات2021...لفتيت يوقف اللطم الجماعي الذي يمارسه "البيجيدي" عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، ورئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى الإبراهيمي، وعبد السلام المساوي(يسارا)
يرتبط فشل الإسلاميين بطبيعة تصورهم للديمقراطية التي اختزلوها خلال ممارستهم للحكم كمعادل وحيد لصناديق الاقتراع، حيث صارت الشرعية الانتخابية هي سندهم في الحكم كطريق للاستفراد، ولإلغاء المعارضة في التفكير والتدبير، ولذلك أصبح المشترك في خطاب الإسلاميين هو التصريح بأنهم إفراز لصناديق الاقتراع، وبالتالي فأي طعن في الحاكمين وسياساتهم هو طعن في الديمقراطية.
إن هذا التحصن بصناديق الاقتراع يخفي إيمانهم بأن العملية الديمقراطية هي مجرد مرحلة انتقالية في نظرهم لإقامة الخلافة الإسلامية، وتصدق في هذا السياق " ديمقراطية المرة الواحدة".
كان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت موفقا إلى حد بعيد؛ حينما رد على هجومات نواب حزب العدالة والتنمية ضد الولاة والعمال بالقول "باركا من البكاء فأنتم تعرفون أن ما تقولونه غير صحيح "، والحقيقة أن جملة لفتيت على بساطتها كانت مانعة جامعة، لوقف جلسة اللطم الجماعي التي يمارسها " البيجيدي "مع اقتراب كل استحقاقات انتخابية، والبحث عمن يعلق عليه قادة الحزب الحاكم جرس فشلهم المسبق، بينما هم لا ينتبهون إلى أن ثقافة التباكي السياسي أصبحت حيلة بالية وسط الرأي الذي يعي جيدا تهافت خطاب المظلومية.
لا نحتاج هنا إلى سرد الكثير من وقائع المظلومية، التي يكررها الحزب الحاكم ببشاعة ويحاول توظيفها على رأس كل محطة انتخابية لربح الأصوات والمقاعد بدون تعاقد برنامجي، فقد أصبح من المعلوم بالضرورة كما يقول الفقهاء أن يسخن قادة حزب العدالة والتنمية محركاتهم الانتخابية بإنتاج خطاب لشيطنة المؤسسة القضائية ورجال الإدارة الترابية وخلق معارك مفتعلة تجاه الولاة والعمال واتهامهم بمحاولة استهداف منتخبيه والنيل من شعبيتهم، وإظهارهم بمظهر الغول الذي لا هم له سوى الانتقام من حزب الإسلاميين.
والحقيقة أن الحزب الحاكم اعتاد على الاسترزاق بالبكاء السياسي الذي يجنبه المساءلة والمحاسبة عن تدبيره الكارثي للشأن العام سواء كان وطنيا أو محليا، لكن ما لا يفهمه " البيجيدي " أن الكثير من المياه جرت تحت جسر الدولة والمجتمع، فلم تعد الدولة بمؤسساتها الدستورية رهينة ابتزازه ومقايضته كما وقع في الولايتين السابقتين، ولم يعد المجتمع قابلا لاستهلاك خطاب الديماغوجية والشعبوية التي فوتت على المغرب عقدا كاملا من التنمية ورجعت بنا سنوات إلى الوراء بعد استنزاف مجهود وطني في معارك سياسوية عادت بالويلات على أوضاع المغاربة.
الذين يعتقدون أن الحياة السياسية والحزبية في المغرب ابتدأت مع حزب العدالة والتنمية - رحم الله عبد الكريم الخطيب وغفر لإدريس البصري وأطال عمر البقية الباقية ممن شاركوا في فعل الولادة القيصرية للحزب إياه - لا يعرفون أنهم يعيشون في بلد / أمة، عاش قرونا وقرونا قبل أن يفكر حسن البنا في إنشاء التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي استلهم منه البعض سيرته السياسية.
لا يدرك حزب العدالة والتنمية في هذا المنعرج الذي يمر منه المغرب لبناء دولة قوية وفاعلة في المنتظم الدولي أنه يضيع فرصتين حقيقيتين، الفرصة الأولى تضييعه للتحول إلى حزب سياسي مدني يتعاطى مع الأحداث والقضايا بحس سياسي مرن وعقلاني وليس بإيديولوجية عقدية تعيقه في التوصل إلى اجتهادات واقعية.
أما الفرصة الثانية فهي التحول إلى حزب بمواصفات وطنية فكريا وترابيا والقطع مع الفكر الأممي الذي يؤمن بالدولة الإسلامية العابرة لحدود الدول .
فلم يعد الأمر يحتمل وجود حزب سيفه مع المغرب وقلبه مع أعداء الوطن، الوقت وقت حسم ولا مجال لوضع رجل هنا ورجل هناك.
الحاجة اليوم ماسة لأحزاب مواطنة ، جادة وجدية تؤمن بالوطن وبالمصالح العليا للوطن ، أحزاب تواكب هذا الإبداع الملكي للملك محمد السادس، وهذا الإبداع المغربي في مجال مقاومة الخيانة والانفصال واللصوصية بوطنية وبتقدير حقيقي، تقفل الباب على المتسللين سهوا إلى ميدان السياسة، وهم كثر ...لن ينسى "بيجيدي" عادته القديمة، ولن يفرط في سلاح أثبت فعاليته في جمع الغنائم، قبل وإبان كل المعارك الانتخابية التي دخلها، إذ أصبح المفروض في نظر الحزب استباق كل نزال انتخابي بـ " تبوريدة " يستعرض فيها غلبته على الداخلية.
استغل "صقور "بيجيدي"، انعقاد مجلسهم الوطني، لصب الزيت على النار، من خلال العودة إلى "ابتزاز الدولة "، عبر إصدار بلاغ شديد اللهجة، باستئناف المغرب علاقته بإسرائيل، وإقرار أمريكا بمغربية الصحراء.
وأطلق "صقور" الحزب نيران مدفعية الابتزاز صوب الولاة والعمال، لأنهم انتقدوا طريقة تدبيرهم " السيئة "للمجالس المنتخبة، ولم يجدوا بدا من إحياء شعار إسقاط الاستبداد والفساد، كأن المغرب كان دولة الحزب الوحيد، ولم تتصارع الأحزاب على شفافية ونزاهة الانتخابات.
ومارس "صقور" الحزب بإغلاق باب الاجتهاد لتغيير القوانين الانتخابية، لأنها تخدم مصالحهم، لتحقيق الفوز بولاية ثالثة، وإقصاء الأحزاب الأخرى، أليس هذا استبدادا ؟
والمثير للاستغراب أن يؤكد الحزب رفضه عقد مؤتمر استثنائي للإطاحة بالعثماني، بسبب توقيعه إعلان التطبيع مع إسرائيل، وفي الوقت نفسه يندد بالتطبيع معها، في فقرة طويلة، إذ كان عليه أن يدفع رئيس الحكومة والوزراء إلى تقديم استقالتهم، لأنه سيتم توقيع اتفاقيات بين أعضاء الحكومتين المغربية والإسرائيلية، وتبادل الزيارات قريبا.
مرة أخرى يختار حزب العدالة والتنمية أسلوب "التقلاز" ولغة الابتزاز السياسي لمخاطبة الدولة وإطلاق حملة انتخابية سابقة لأوانها، مرة أخرى يعود إسلاميو المؤسسات لطريقتهم البشعة في ممارسة الضغط والتلويح بقضايا حقوق الإنسان واستهداف العمال والولاة والتشهير بالقضاء كما لو أنه حركة جذرية تعمل خارج الأطر المؤسساتية للنظام السياسي.
مرة أخرى يفضل الحزب الحاكم لعب دور الضحية في كل ما يجري وأنه حزب لا حول ولا قوة له أمام جبروت قوى غير مرئية بالعين المجردة.
مرة أخرى يعود حزب المصباح لهوايته المفضلة بازدواجية الخطاب التي ظلت تلازم تدبيره جزءا من السلطة طيلة عقد من الزمن ، فهو مولع بالتواجد في كل الأمكنة في نفس الوقت، يريد الزبدة وثمن الزبدة، يعشق ملذات السلطة وصولجان المعارض، ولذلك فهو دائم البحث عن المبررات التي تسمح له بممارسة الشيء ونقيضه . وهي قضية عودة العلاقات المغربية - الإسرائيلية لم يجد برلمانه من ملاذ للهروب من المسؤولية سوى إشهار جدار الاختباء وراء الملك، وإشهار ثقافة الإكراه من دلالات فقهية وتاريخية، لرفع الحرج عنهم بمبرر أن العثماني وقع تحت ضغط الإكراه وبالتالي فمعظم تصرفاته أكره عليها مما يبطل عنه تبعاتها السياسية.
الجميع يدرك أن حزب العدالة والتنمية لا تهمه حقوق الإنسان أو مآلات التطبيع أو القوانين المتعلقة بالاستحقاقات، ما يهمه هو الحفاظ على مصالحه الانتخابية وزبنائه الذين يصوتون عليه، حتى لو أدى به الأمر إلى التشهير بالمؤسسات الدستورية التي يقودها منذ عقد من الزمن أمام أعداء الوطن قبل أصدقائه.
إن الأقنعة التي لبسها الإسلاميون طويلا، وخدعوا بها الكثير من المغاربة ، سقطت أخيرا وظهرت حقيقة عقيدتهم الخبيثة ، عقيدة الدمار والتشتيت ووهم الخلافة الذي لم ولن يتحقق . وقضية فلسطين أو الأصل التجاري الذي بنوا عليه مجدهم لم يعد ممكنا تخدير عقول البسطاء بها. وبالدارجة المغربية : ساعتهم سالات ...ولم يعد لدجلهم أي تأثير لأن المغاربة بدؤوا يكتشفون، ولو متأخرين من هم أصدقاؤهم الحقيقيون ومن هم أعداؤهم الحقيقيون.
 
عبد السلام الموساوي، قيادي اتحادي / وجدة