الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: لا خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين حول سيادة المغرب على صحرائه

محمد بوبكري: لا خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين الأمريكيين حول سيادة المغرب على صحرائه محمد بوبكري
يتمنى خصوم الوحدة الترابية المغربية أن يقدم الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" على إعادة النظر في قرار الرئيس المنتهية ولايته "دونالد ترامب" القاضي باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه. وأظن أن هذا التمني نابع من حقد هؤلاء على المغرب وطموحاتهم التوسعية التي جعلتهم يمنون النفس بحصول ذلك، لكنه مجرد توهم لا يمكن أن يتحول إلى واقع للاعتبارات الموضوعية الآتية:
يدعي هؤلاء أن الرئيس ترامب قد اتخذ هذا القرار في نهاية ولايته، وبمجرد تغريدة في موقع تويتر، ما يمكن الطعن في قانونيته، والحال أن هذا القرار دستوري لا غبار عليه، كما تم تسجيله في السجل الفيدرالي، ما يعني أنه ساري المفعول، ولا يمكن إلغاؤه، لاسيما أن الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية هي دولة المؤسسات الديمقراطية، ما يقتضي استمرارية الدولة، بصرف النظر عن ولاية هذا الرئيس أو ذاك.
لقد اعتقد هؤلاء أن الاختلاف القائم بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي الأمريكيين حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وما نجم عنها من مشادات كلامية، قد يدفع الرئيس المنتخب "جو بايدن" إلى إعادة النظر في قرار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بشرعية سيادة المغرب على صحرائه. ويكشف هذا الاعتقاد أن أصحابه لا يعرفون أي شيء عن الثقافة السياسية الأمريكية، وما تقتضيه من علاقات ديمقراطية واحترام متبادل بين مختلف الفاعلين السياسيين، حيث لا تنهض هذه الثقافة السياسية على الحقد وغريزة الانتقام. فالأحزاب السياسية في الولايات المتحدة ليست قبائل أو جماعات إسلاموية تكفيرية تسعى إلى الفتك بالآخرين الموجودين خارجها، أو المختلفين معها وعنها.
لذلك يُسقط أصحاب هذا الاعتقاد عقيدتهم السياسية المغلقة والمنغلقة وممارساتهم الفتاكة بخصومهم على الأحزاب السياسية الأمريكية، وهذا أمر غير صحيح؛ فالمسؤولون السياسيون الأمريكيون لا تهمهم ذواتهم، وليسوا شيوخ قبائل أو رعاة في الشرق الأوسط يبحثون عن غنائم خاصة، بل إنهم وطنيون يحترمون المواطن، ويضعون مصلحة وطنهم فوق كل شيء. وهذا منطق لا يفهمه شيوخ جماعات الإسلام السياسي ولا زعامات القومجيين عندنا، فأحرى أن يأخذوا به، حيث صاروا يمارسون العنف ضد المختلفين عنهم ومعهم في آن واحد، وذلك بالحيلولة دون تحرر مجتمعهم من عقال الجمود والانفتاح على الآخر والمستقبل والمساهمة في ِبنَاء الحضارة الإنسانية. وإذا لم يتخلصوا من شرنقة الهوية المنغلقة، فسيحكمون على أنفسهم بالفناء لا محالة.
كما لا يعي هؤلاء أن الأمريكيين لا يشبهونهم في أحقادهم وغلهم، بل إن مجتمعهم متحرر  من أمراضهم هذه، لأنه تخلص منها وقطع معها منذ زمن طويل، ما جعل المسؤولين الأمريكيين ديمقراطيين بامتياز. هكذا، فإن السياسي الأمريكي لا يحقد على غيره من المواطنين، كما يفعل الزعماء القومجيون وشيوخ جماعات الإسلام السياسي، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعلى افتراض أن الرئيس "جو بايدن" سيعيد النظر في اعتراف بلاده بشرعية سيادة المغرب على صحرائه، فإنه لن يتخذ هذا القرار جزافا، بل سيراعي المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية. ولا أظن أن الرئيس دونالد ترامب قد اتخذ هذا القرار بشكل مزاجي ودون مراعاة مصلحة بلده وأمنها القومي، بل استشار، على غرار ما يفعل سائر الرؤساء الأمريكيين، جمهوريين وديمقراطيين في كل قراراتهم، مختلف الخبراء والفاعلين السياسيين والاقتصاديين الأمريكيين، إن لم يكونوا هم من نصحوه باتخاذه، بعد شهور، وربما حتى أعوام، من دراسة هذا الإجراء وتقليبه من كل جوانبه، وذلك على عكس الثقافة السائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
بالإضافة إلى ذلك، فالاتفاقية التي تم توقيعها في الرباط بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية تشكل مدخلا للسلام في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، كما في أفريقيا. لذلك لا يمكن لأي مسؤول سياسي غربي أن يعلن أنه ضدها.
بناء على ما سبق وغيره، أرجح أن "جو بايدن" لن يغير قرار الرئيس ترامب"، نظرا لوطنية الرئيس "بايدن"، وعدم قبوله أن يكون ضد مصلحة بلده وأمنه القومي، ولا ضد السلام في الشرق الأوسط وفي أفريقيا.