الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري:الوطن فوق كل شيء

محمد بوبكري:الوطن فوق كل شيء محمد بوبكري
عندما أتأمل موقف بعض "شيوخ" جماعات الإسلام السياسي في المغرب المعادي جهرا، وبانتهازية، لـشرعية سيادة المغرب على صحرائه، حيث يعتبرون أن الوطن منافس للدين وللخالق. وهذا ما ورد حرفيا في كتابي الشيخ يوسف القرضاوي، منظرهم الكبير، الذي يحمل عنوان "ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده"، كما ورد في كتابه الذي يحمل عنوان "الإخوان المسلمون". ونتيجة تأملي في خطاباتهم، تأكد لي أن هؤلاء يشكلون ظاهرة شاذة لا نظير لها في مختلف بلدان العالم، حيث توجد في هذه البلدان ديانات توحيدية وعلماء عظام ومفكرين وفنانين كبار، ولا أحد منهم ولا من مواطني هذه الدول، بما فيها القوى العظمى، يعتبر أن مفهوم الوطن يتعارض جذريا مع الدين وينافسه. فلقد كشف هؤلاء "الشيوخ" عن غبائهم عندما اعتبروا أن القدس أرفع شأنا من وطنهم، وأن علاقتهم بالقدس تتجاوز علاقتهم بأرض وطنهم، وأنها أعلى مرتبة منه، ما يعني أنهم يؤلهون القدس، الأمر الذي يدخلهم في الشرك، حيث جعلتم أموال تركيا، ضد الإسلام عقيدة وروحا، لأنهم يعتبرون القدس فوق الوطن وفوق التاريخ والجغرافيا. وبذلك، فإن عقولهم صغيرة لأنها تختزل الدين والخالق معا في القدس، حيث ينكرون أن الله فوق كل شيء، وأنه هو خالق كل شيء، وهو القوي العزيز، ولا يشبهه شيء في الأرض، ولا في السماء... وهذا ما يدل على أنهم لم يقرأوا القرآن المجيد، وأن على قلوبهم وعقولهم أقفال، وأنهم لا يعيرون للبعد الروحي والأخلاقي للقرآن أي اعتبار، فصاروا يعادون وطنهم خدمة لنظام أردوغان التركي الذي يتمسح بأحذية حكام إسرائيل لفك العزلة عليه. وما لا يعلمه هؤلاء "الشيوخ"، أو يتجاهلونه، هو أن إسرائيل ترفض هذا النظام الذي ما يزال مستمرا في لعق أحذية حكامها، مما يجرده من الكرامة، ويجعله مرفوضا، لأنه منافق يقول ما لا يفعل، وماكر وعديم الأخلاق، فأصبح معزولا في شرق المتوسط وفي الغرب كله.... وقد يتعرض قريبا لعقوبات دولية.
وتجدر الإشارة إلى أن تركيا عضو في الحلف الأطلسي، وأن هذا الأخير نشر مؤخرا خريطة المغرب كاملة تضم صحراءه. ما يبين أن المغرب الحكيم قد حقق انتصارا ببعد نظره وقيمه، في عقر دار الحلف الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا، الأمر الذي قد يؤشر على قرب وضع حد لعضوية نظام أردوغان في هذا الحف... كما أنه صار شبه مؤكد أن هذا النظام قد يتعرض لحصار شامل، لأنه انخرط في مؤامرات ضد الأمن القومي للدول الغربية التي استقوى بها على بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. هكذا، صار يتأكد شيئا فشيئا قرب موعد انهيار نظام أردوغان...
لذلك، يجب على شيوخ جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين صعدوا إلى السلطة في بلدانهم بفضل الدعم السياسي التركي، الذي لعب دورا كبيرا في إقناع بعض القوى العظمى بصلاحهم للغرب، وساهم في صعودهم إلى السلطة في بلدانهم، الأمر الذي ساعد على تقويتهم سياسيا وماديا... ما جعل رئيس الحكومة السابق يبيح لنفسه تجاوز حدوده الدستورية، فصار يمارس الشعبوية للمزايدة على المؤسسات الدستورية...، يجب على هؤلاء الشيوخ أن يستفيقوا من نومهم ويتراجعوا عن غيهم...
يعارض بعض " شيوخ" جماعات الإسلام السياسي في المغرب الاعتراف الدولي بشرعية سيادة المغرب على صحرائه، فافتروا على المغرب أنه تنازل عن القضية الفلسطينية، وقايضها بقضيته. وقد فعلوا ذلك خدمة لسيدهم أردوغان الذي يهابونه لأنه يدفع لهم المال، وبالتالي فهم يتاجرون بالمغرب والمغاربة معا.
على " شيوخ" جماعات الإسلام السياسي الذين يكيلون بمكيالين أن يعلموا أن حيلهم لا تنطلي علينا، لأنهم يريدون فقط الحفاظ على مقاعدهم في السلطة، وفي الآن نفسه يمارسون الضحك على ذقون المغاربة؛ فهم مع المغرب وضده في آن واحد حفاظا على مصالحهم مع المغرب وتركيا معا. عليهم أن يفهموا أننا نرفض ذلك، لأن الوطن لا يقبل المساومة، فهو فوق كل شيء، ولا يمكن توظيف مصلحته العليا لتلبية أي نوع من المصالح والأغراض...
وإذا كان معلوما أن انفصال الصحراء عن المغرب سيؤدي إلى إضعافه لصالح خصومه أعدائه الذين يرغبون في أن يروه ضعيفا صغيرا، ما يمكنهم من الاستقواء عليه تلبية لرغباتهم التوسعية، إذ لن يكون المغرب بدون صحرائه ذلك الوطن الذي ننشده، فلماذا يعترض هؤلاء "الشيوخ" على استكمال الوحدة الترابية للمغرب خدمة لأطماع خارجية تتربص بوطننا؟ ألا يعني هذا أن هؤلاء هم امتداد في الداخل لقوى التوسع على حساب المغرب؟ ألا يجعل منهم موقفهم هذا امتدادا للاستعمار التركي والإيراني والجزائري؟ ألا يشكل موقفهم هذا خيانة للوطن؟....