الخميس 18 إبريل 2024
في الصميم

سيدي سليمان.. من عاصمة الليمون إلى منبت الإرهابيين القادمين من أوروبا!

سيدي سليمان.. من عاصمة الليمون إلى منبت الإرهابيين القادمين من أوروبا! عبد الرحيم أريري

هجرة المغاربة إلى أوروبا ليست دوما ذات وجه مشرق، إذ تخلف ندوبا وجراحات خطيرة، من أبرزها أن بعض المغاربة الذين ولدوا وترعرعوا في دول المهجر كانوا فريسة سهلة للسقوط في براثن التطرف والإرهاب.

 

ويكفي أن ندرس الظاهرة في بلجيكا وفرنسا وإسبانيا وهولندا، لنقف على الأرقام المفجعة لارتفاع منسوب التطرف في صفوف بعض أبناء مغاربة المهجر.

 

هذا الوضع انعكس سلبا على المغرب، بحيث أن مغاربة العالم لا يحولون العملة الصعبة أو القيم النبيلة أو الإشراقات الثقافية من حضارة الغرب إلى المغرب فحسب، بل وتم تحويل خطاب التطرف والإرهاب كذلك من دول أوروبا إلى المغرب عبر بعض المهاجرين الذين نشأوا هناك.

 

كانت البداية بمدن الشمال (خاصة طنجة وتطوان والمضيق والناضور) التي تم فيها تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية بها لوجود روابط بين هذا الحوض المصدر للهجرة وبين إسبانيا وبلجيكا وهولندا حيث تنشط الحركات المتطرفة، وهي دول معروفة كونها تحولت إلى منبت للجهاديين الأوروبيين ذوي الأصل العربي. أما اليوم فوقع تمطط وانزياح لظاهرة تصدير التطرف من أوروبا إلى مدن كانت إلى عهد قريب بمنأى عن هذا الوباء الإرهابي.

 

وتنهض مدينة سيدي سليمان، لتكون أسطع مثال على ما نقول، حيث كشفت يومية "الأخبار" بتاريخ 23 دجنبر2020، عن رقم صادم يتجلى في أن التيار السلفي الجهادي بسيدي سليمان، عرف، في ظرف عشرة أعوام، انتفاخا مهولا في المنتسبين إليه، إذ قفز من 75 جهادي عام 2008 إلى 485 جهادي سنة 2019. وهذه الأرقام تزكيها (تضيف "الأخبار") عمليات محاكمة الإرهابيين بالمغرب، حيث وصل عدد المتابعين بتهم الإرهاب 50 فردا ينحدرون من حوض واد بهت، الذي تعد سيدي سليمان "عاصمته"!! هذا دون ذكر عدد من مات منهم في بؤر التوتر تحت راية داعش أو النصرة الإرهابيتين بساحات القتال بسوريا والعراق.

 

وإذا أضفنا معطى آخر يخص تفكيك الخلايا الإرهابية بسيدي سليمان، سنضع أيدينا على قلوبنا خوفا من المصير القاتم الذي يهدد، ليس حوض الغرب فقط، بل ويهدد المغرب برمته. فخلال نصف سنة فقط تم تفكيك خليتين إرهابيتين بالمنطقة: الأولى تضم 7 إرهابيين، والثانية تضم أربعة إرهابيين، منهم واحد سبق أن أدين بقانون الإرهاب !

 

سيدي سليمان كانت إلى حدود السبعينات من القرن العشرين بلدة زاهية ومزهرة، إلى أن شوهتها سنوات الجفاف في الثمانينات (كما تشوهت مدن مغربية أخرى)، بفعل تسونامي الهجرة القروية، حيث توافد على سيدي سليمان آلاف النازحين من القرى القاحلة. وانتفخت المدينة بدون أن تكون مهيأة لاستقبال هاته الأعداد الهائلة من الوافدين (انتقل عدد سكانها من 50.000 نسمة إلى أزيد من 90.000 نسمة في ظرف وجيز)، فتناسل السكن العشوائي والهامشي وما يرافقهما من ظواهر الهشاشة والبطالة والجهل والفقر والتيه. وبدل أن تكون سيدي سليمان مدينة مدمجة للسكان أضحت مدينة طرد. فتنامت ظاهرة هجرة أبناء المدينة إلى أوروبا (انطلاقا من بداية تسعينيات القرن الماضي)، خاصة بمدن الجنوب الفرنسي ومدن إسبانيا.

 

وها هي سيدي سليمان تجني، اليوم، ليس ثمار الليمون والحبوب كما ألفت ذلك على مر الأجيال، بل تجني ثمار بعض المهاجرين المغاربة الذين أدخلوا سموم التطرف من دول المهجر، وحملوا معهم جينات إرهابية من بروكسيل وبوردو وبرشلونة لتلويث تربة المغرب.