الأربعاء 24 إبريل 2024
فن وثقافة

لأنه فضح التدمير البيئي لغابة المعمورة.. نص أغنية "مال الغابة مقلقة" طاله التحريف

لأنه فضح التدمير البيئي لغابة المعمورة.. نص أغنية "مال الغابة مقلقة" طاله التحريف جلال مزيوني وأحد شيوخ الحلقة

كثيرة هي نصوص الأغاني الشعبية، وأغاني "العيطية" التي تعرضت إلى التحريف والتشويه، حيث نجد مثلا أغنية "الغابة" التي غناها الشيخين مومن القمش وعبد الله المكانة، وتم تسجيلها على أسطوانات "كازا ديسك" سنة 1968 قد تعرضت للتحريف والتشويه.

 

لقد اقتحم التحريف النص الأصلي لأغنية "الغابة" وخاصة لازمته، فانحرفت عن طابعها العفيف المتمثل في تلك الصيحة التي تتخلل النص من أوله إلى آخره، والتي تخبرنا بطريقة حزينة عما وقع لغابة المعمورة من قطع للأشجار وتبديد لثروة طبيعية برمتها، وهي التي كانت تشكل حينئذ مصدر رزق لمجموعة من الشرائح الاجتماعية المتاخمة لها.

 

وحتى نتبين مواطن التحريف، سنلجأ إلى إدراج مقاطع من النص الأصلي والنص الهجين، اعتمادا على أسلوب المقابلة، وعليه ستصبح اللازمة كالتالي:

"مال الغادية مقلقة ـ مال الغابة مقلقة

من حر لهوى خايفة - من حر المنشار خايفة"...

 

ولإطلاق رصاصة الرحمة على النص برمته، أضيفت مفردات ناغلة بالميوعة والابتذال والإيحاءات الجنسية من قبيل:

"سر، فر، عيط، اجبد، مشات تصيد، ساعة تصيدات، نهار الحد، ما كاين حد، هي لي بغات..."

 

إنه القتل السافر لتراثنا الموسيقي والغنائي الشعبي مع سبق الإصرار والترصد. فالسطو على اللازمة الأصلية في عمقه، سطو على لحظة تاريخية برمتها تعرضت معها غابة المعمورة للتدمير والاجتثاث، وهو الأمر الذي رصدته لنا الأغنية الشعبية في حينه.

 

تجدر الإشارة إلى أن هذا التحامل على الفن الشعبي، ومن خلاله الأغنية الشعبية، كجزء لا يتجزأ من الذاكرة الشعبية، والذي يلجأ إلى أشكال تدميرية شرسة، بدأ مع الجنرال "ليوطي" إبان فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب، لأنه كان يدرك تمام الإدراك أن القضاء على الشعوب يبدأ أولا بمحو الذاكرة وطمس معالم كل ما هو مشع وحيوي في الثقافتين الشعبية والوطنية على حد سواء.

 

إلا أن هذا الأسلوب الذي يراهن على إقبار التراث لم يتوقف –للأسف- بذهاب الاستعمار، بل استمر حتى في مغرب الاستقلال، بالاحتواء حينا وبالتحريف حينا آخر.