الثلاثاء 16 إبريل 2024
مجتمع

لا تذبحوا الأطباء يرحمكم الله إنهم يسقطون تباعا في زمن كورونا وتُسفك دماؤهم!!!

لا تذبحوا الأطباء يرحمكم الله إنهم يسقطون تباعا في زمن كورونا وتُسفك دماؤهم!!! كم من طبيب اغتالته كورونا كي ينقذك أنتَ؟
اسألوا الأمهات.. اسألوا الآباء كم يدفعون لحصول أبنائهم على شهادة دكتوراه في الطب؟
اسألوا الطبيب نفسه كم يهدر من الزمن في حياته ليزاول مهنة من أكثر المهن نبلا وإنسانية!!
ألم يخطر في بالك وأنت تخطو عتبة باب عيادة طبيب كم تكلف هذه العيادة؟ كم ثمن تلك التجهيزات والمعدات الطبية؟ كم يدفع لموظفات الاستقبال؟
لن يكفيك الحساب في ذهنك، أخرج آلة حاسبة وابدأ العدّ من الصفر، من يوم الحصول على شهادة البكالوريا وبداية تشكّل "نواة" الحلم أن تدرس الطبّ.. وأنت على علم مسبق أنه طريق يدمي أقدامك، ويستنزف سنوات طويلة من عمرك.. يمشي زمن الطبيب بسرعة سلحفاة معدتها نهمة لا تشبع من التهام الأوراق الزرقاء.. والدك تخاله في جبّة "صرّاف" من فرط ما يدفع من "العملة الصّعبة"..  يعتريك الخجل وأنت في الثلاثين من عمرك ومازلت تنتظر من "الصّراف" والدك أن ينفخ جيوبك المنكمشة، لا فرق بينك وبين "المتسوّل"!! هي ليست أربع سنوات فقط، بل خمس أو عشر سنوات من الاعتقال "القسري" بين سجن الكتب ومدرجات كليات الطب والمستشفيات الحكومية.. اشكر ذلك "الصرّاف" الذي انحنى ظهره ليسقي تلك "النواة" التي نمت فيك كي تصير نخلة.
هذا هو زمن الأطباء الافتراضي الذين يقصّون من أعمارهم سبع أو عشر سنوات كأنهم كانوا نياما في سبات عميق.. بعد أن يبعثوا من كهفهم  يَتَساءَلون بَينَهُم "قالَ قائِلٌ مِنهُم كَم لَبِثتُم قالوا لَبِثنا يَومًا أَو بَعضَ يَومٍ قالوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِما لَبِثتُم"!!
يذوب إحساس الطبيب بالزمن، لا يشعر بثقل السنوات.. رفّة رمش عين تعادل عمرا، وربّما عقدا من الزمن انفرطت حبّاته بسرعة، لذا حين يستفيق من خَدَرِه "اللذيذ" يسأل نفسه هذا السؤال الوجودي "كم لبثتُ؟!"
الطبيب غفوة عمر
إغماضة عين
موت سريري
لا نسأل أنفسنا كلّ هذه الأسئلة ونحن نخطو عتبة عيادة أنيقة ليطرد الطبيب من صدورنا أرواحنا الشرّيرة. نخطو متوجّسين.. نجلس على كرسي من الجمر بعيون جاحظة مستعدة للانفجار. قبل أن يحين دورك تجهّز نفسك للتخلّص من تقطيبة الجبين، وتخرج قناعك الآخر لتبدو باسما وهادئا ومتصالحا مع نفسك.. توزع عبارات الإعجاب والشكر والامتنان، وفي داخلك تشتعل المشاعر المتناقضة، وتكبح سعار الوحوش على حوافّ شفتيك.
نمتلئ بمشاعر الكراهية ونحن ندفع ثمن الفحص، ونطرح سؤالا مريبا: كم لبثنا في غرفة الفحص لدفع هذا الثمن؟!
كم دفع الطبيب من ثمن ليصبح إطفائيا لحرائق جسدك؟ كم ندفع في مطعم بسيط لالتهام وجبة سمك؟! كم نهدر من مال لشراء حذاء رياضي.. ونبخل على حياتنا ونتهم الطبيب بأنه جزّار آدمي وسارق؟!
كم من طبيب اغتالته كورونا كي ينقذك أنتَ؟ يتساقطون تباعا ستة أو سبعة في الأسبوع.. الطبيب أوّل من يستنشق عطر الموت بعد اجتياح وباء كورونا… لماذا حين تفترسنا جائحة كورونا نرمي البيضة الفاسدة في سلة واحدة؟ لماذا لا يحرك فينا موت طبيب شعرة ألم؟ لماذا نتعاطف مع تدمير مصحة خاصة ولا نطرح على أنفسنا هذا السؤال: من المسؤول عن تدمير الصحة؟ فتشوا في كراريس مديرية الضرائب كم يسدد الأطباء من أتاوات؟ كم يدفعون من العرق؟ كم تبلغ الأرقام الفلكية التي تجنيها ولا تصرف على صحة المواطنين؟!
أزيلوا عن عيونكم الغشاوة يرحمكم الله!!