السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

كريم مولاي: لم تعد هنالك مصلحة للجزائر في احتضان البوليساريو

كريم مولاي: لم تعد هنالك مصلحة للجزائر في احتضان البوليساريو كريم مولاي
 
تشير الأنباء الواردة من الجزائر العاصمة أن توجيهات صارمة صدرت إلى الجيش الجزائري إلى اتخاذ أقصى درجات الاستنفار، بالتزامن مع إعلان قيادة البوليساريو في الجزائر العاصمة بانتهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع المغرب في العام 1991.
حالة الاستنفار العسكري، التي يبدو أن المؤسسة العسكرية الجزائرية بصدد التفكير في الخطوة التي تليها، تذكرني شخصيا بأيام العام 1994، حين كانت قيادة الجيش تخوض حربها ضد الانتخابات التي أتت بالجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الحكم، حيث عمدت يومها إلى استهداف مناطق سياحية في مراكش تمهيدا لخطوة إغلاق الحدود البرية مع المغرب، التي لا تزال مغلقة إلى يوم الناس هذا، والهدف يومها تذكير الجزائريين بوجود عدو خارجي هو المغرب، ثم ممارسة مزيد من الضغط على الرباط من أجل إجبارها على التنازل على ملف الصحراء.
لم يكن هنالك أي دافع مقنع لتحرك عدد من عناصر البوليساريو لإغلاق معبر حدودي لعبور الأشخاص والبضائع بين المغرب وموريتانيا، غير الضغط على المغرب واستفزازه من أجل حماية العابرين من المغاربة والأفارقة، وتأمين تنقلهم.. خطوة لقيت تفهما إقليميا ودوليا، ليس فقط لأنها تستجيب لمطالب عشرات المدنيين من العابرين من وإلى المغرب وعبرها، ولكن لأنها، أيضا، تأتي في ظروف أمنية وصحية غاية في التعقيد، بسبب تنامي المظاهر الإرهابية والارتفاع المقلق في عدد الإصابات بوباء كورونا المستجد..
وإذا استثنينا النظام المصري، الذي وقف تاريخيا مع البوليساريو ومع النظام العسكري في الجزائر، فإن غالبية الدول العربية قد أعربت عن تأييدها للخطوة المغربية، واعتبرتها خطوة في الاتجاه الصحيح.. وهو موقف يجب أن يعيد طرح السؤال أمام نظام الحكم في الجزائر: إلى متى يتم الاستمرار في احتضان ميليشيات مسلحة بغية النيل من بلد جار، بينما الأوضاع الصحية والاقتصادية في الجزائر تحتاج إلى المزيد من العناية والاهتمام؟
والسؤال الأخطر والأهم من ذلك كله: إلى متى سيظل النظام الجزائري يؤجل التجاوب مع مطالب الاستحقاق الديمقراطي، الذي دفع الجزائريين من أجله دماء زكية طيلة العقود الستة الماضية من عمر الدولة الوطنية المستقلة؟
نعم لم نسمع أي موقف رسمي جزائري يهدد بالدخول في حرب مع المغرب، ولكن فتح الإعلام الرسمي لقادة البوليساريو لتهديد بلد جار في ظل وباء يحصد أرواح مئات الآلاف حول العالم، ومنه منطقتنا، ينذر بتطورات خطيرة لا أعتقد أن الجزائر تحتملها قبل المنطقة..
لكننا قرأنا عن استعراض الجيش الجزائري لأول مرة سلاحه الهجومي الحديث الذي اقتناه مؤخرا، من روسيا وهو نظام "إسكندر ـ إي" للصواريخ التكتيكية.
وتحدثت صحف النظام الجزائري عن نشر الجيش الجزائري لمقطع فيديو أظهر استخدام صواريخ "إسكندر" التكتيكية الحديثة في تدريبات أجراها الجيش مؤخرا.
ونقلت عن صحيفة Military Watch الأمريكية أن "إسكندر" يعتبر أقوى صاروخ باليستي تكتيكي في العالم، وأن روسيا لم تصدره إلا للجزائر وأرمينيا.
ووفق ذات الصحيفة فإن مدى عمل "إسكندر" بلغ 500 كيلومتر، وأنه من أحدث وأخطر الأسلحة في إفريقيا.
ولك عزيزي القارئ أن تتساءل: لمن توجه الجزائر رسائلها الاستعراضية هذه، لشعب طحنته البطالة والفقر قبل أن تأتي كورونا، أم لبلدان الجوار المنشغلة كل بقضاياها الداخلية، أم هو رسالة إلى المغرب تحديدا بعد أن تم الإيعاز للبوليساريو بإغلاق معبر الكركرات والتهديد بإنهاء العمل بوقف إطلاق النار؟
لعله يكون كل ذلك، لكن العاقل يجب أن يدرك أن إشعال الحروب بهذه الطريقة، سيحرق أصحابها قبل الآخرين، وسيعزلهم عن العالم الموحد في مواجهة وباء لازال مجهول النشأة والطبيعة والمسار..
ثم، أليس الأجدر بالنظام الجزائري أن يقنع البوليساريو ويفرج عمن لديه من صحراويين حبسهم في تندوف، ليعودوا إلى بلادهم المغرب ليعيشوا كباقي مواطني المغرب من غير تمييز؟ ماذا ستجني الجزائر من استمرارها في استنزاف اقتصادها من أجل قضية تبين للعالم أجمع أن حلها لن يكون إلا سياسيا؟ وهي قبل ذلك وبعده بيد الأمم المتحدة؟
 
كريم مولاي، خبير أمني جزائري