ناقش مؤخرا موسى إسماعيل، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد والتدبير حول موضوع " الإصلاح المحاسباتي الجديد بالقطاع العام في المغرب، على ضوء القانون التنظيمي للمالية لسنة 2015 ومعايير المحاسبة الدولية IPSAS"، وذلك بمقر مركز دراسات الدكتوراه التابع لجامعة سيدي محمد بن عبد بفاس، وأمام لجنة مكونة من الأساتذة:
عبد اللطيف الداكر، (أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير فاس) رئيسا ومقررا.
سمير الرابحي، (أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير فاس) مشرفا.
عبد العالي لحرش، (أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس) مقررا.
عبد اللطيف مرغيش، (أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير فاس) مقررا
محمد العمراني، (أستاذ بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير فاس) فاحصا.
وبعد المناقشة والمساواة قررت اللجنة منح الباحث لقب دكتور في الاقتصاد والتدبير بميزة مشرف جدا مع تنويه لجنة المناقشة.
ملخص أطروحة الإصلاح المحاسباتي الجديد بالقطاع العام في المغرب على ضوء القانون التنظيمي للمالية لسنة 2015 والمعايير المحاسبية الدولية IPSAS"
جاءت هذه الأطروحة لتقييم الإصلاح المحاسبي المغربي ليس فقط من زاوية الامتثال للنصوص والمعايير، بل من حيث آثاره الفعلية على جودة المعلومة المالية والأداء التنظيمي، مع التركيز على دور الفاعل البشري في إنجاح أو تعثر الإصلاح.
وقد تم تنظيم البحث وفق بنية علمية متدرجة تعكس هذا الطموح التحليلي من خلال ثلاثة فصول:
الفصل الأول جاء بعنوان : الإطار النظري والقانوني والمعياري للإصلاح حيث أسس هذا الفصل للخلفية الفكرية والقانونية للإصلاح المحاسبي في القطاع العام واستعرض أهم النظريات التي فسرت التحولات الحديثة في تدبير المالية العمومية، مثل نظرية الوكالة، والنظرية المؤسسية، ومنهج التدبير العمومي الجديد، والتي تؤكد جميعها أن جودة المعلومة المالية تشكل شرطًا أساسيًا للمساءلة والنجاعة.
بينما الفصل الثاني حمل عنوان واقع الإصلاح المحاسبي في المغرب – بين التقدم والتعثر، تتبع تطور المحاسبة العمومية المغربية منذ نشأتها التاريخية القائمة على منطق “الخزينة” إلى محاولات الانتقال نحو محاسبة حديثة تعكس الوضعية المالية الحقيقية للدولة، وركز الفصل على تحليل دور المؤسسات المعنية بالإصلاح، مثل وزارة الاقتصاد والمالية والخزينة العامة للمملكة والمجلس الأعلى للحسابات، كما يرصد مدى إدماج معايير IPSAS في المخطط المحاسبي للدولة وأنظمة المعلومات المالية، وأبرز التفاوت الواضح في مستوى التنفيذ بين الإدارات المركزية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، كاشفًا عن تحديات بشرية وتنظيمية وتقنية ما تزال تعيق استكمال الإصلاح.
في حين الفصل الثالت والأخير والذي يعد بمثابة قلب الأطروحة عنون ب "المنهجية والنتائج – تقييم الأثر الحقيقي للإصلاح"، حيث اعتمد مقاربة علمية مزدوجة تجمع بين البحث النوعي (مقابلات مع فاعلين مؤسساتيين) والبحث الكمي (استبيانات وتحليل إحصائي) وهدف إلى قياس مدى التزام الإدارات العمومية بمتطلبات الإصلاح، وأثر ذلك على جودة المعلومة المحاسبية وعلى الأداء التنظيمي، وتُظهر النتائج أن الامتثال الشكلي للمعايير لا يكفي لتحقيق الأهداف المرجوة، إذ يلعب مستوى استيعاب الفاعلين العموميين للإصلاح وتملكهم له دورًا حاسمًا في تحويل النصوص والمعايير إلى تحسين فعلي في الشفافية والنجاعة.
لتخلص الأطروحة في الأخير، إلى أن الإصلاح المحاسبي في المغرب يشكل رافعة حقيقية لتحسين الحكامة المالية وتعزيز الثقة في تدبير المال العام، لكنه يظل مشروعًا مؤسساتيًا طويل النفس. فاستكماله يتطلب الاستثمار في التكوين وبناء القدرات، وتحسين تكامل أنظمة المعلومات، وترسيخ ثقافة الشفافية والمساءلة داخل الإدارة العمومية.
وبذلك، تؤكد الدراسة أن الانتقال إلى محاسبة عمومية حديثة لا يُقاس فقط بسرعة اعتماد المعايير الدولية، بل بقدرتها على تحسين جودة القرار العمومي، وجاذبية الاستثمار، وتعزيز العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن.

