الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

الصين في العقد المقبل: نموذج اقتصادي واجتماعي واعتلاء صدارة العالم

الصين في العقد المقبل: نموذج اقتصادي واجتماعي واعتلاء صدارة العالم  الرئيس الصيني شي جين بينغ
بعيدًا عن المخاوف التي تنتاب مجتمعات الدول الكبرى والصغرى من كوفيد 19، ومن ترهل النظام الرأسمالي المتوحش، ها هي الصين بقيادة الرئيس شي جينبينغ تعلن مسارًا واثقًا لإنجاز الخطّة الخمسيّة 2021-2025 على طريق الأهداف طويلة الأجل حتى العام 2035 كمحطّة أولى، والعام 2050 حين تكون الصين قد حقّقت طموحها في ان تكون دولة اشتراكيّة حديثة وعظيمة.
في 12 نوفمبر 2020، وفي الذكرى الثلاثين لبدء ثورة الانفتاح والتنمية، أطلّ الرئيس شي من شنغهاي ليؤكد ضرورة استمرار الانفتاح والإصلاح، داعيا الى المزيد من الابتكار والاستكشاف وبخاصة في مجالات العلوم الأساسيّة وميدان التكنولوجيا، والى اختراقات كبيرة في التقنيّات الرئيسية والأساسية، وإنشاء تجمعّات صناعيّة ذات مستوى عالميّ، تشمل الطب الحيويّ والذكاء الاصطناعيّ، وخلق بيئة أعمال على مستوى العالم موجهّة الى السوق لكنها تلتزم بالقانون الدولي وتقوم على أسس التعاون المنتج، والمنافسة النظيفة.
ان دعوة الرئيس شي في الذكرى الثلاثين لبدء مسار الانفتاح والإصلاح الناجح ، تزامنت مع إصدار الدليل التوضيحي عن اللجنة المركزيّة للحزب في دورتها التاسعة عشرة المنعقدة عشيّة الذكرى المئوية للحزب. وفي هذا الدليل تأكيد على أن الصين تستطيع تحقيق الهدف الأكبر عالميًّا وهو" بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل في الوقت المحدّد 2050".
لقد وضعت الصين نصب أعينها تحقيق مايلي في العام 2035، اي خلال ثلاث خطط خمسيّة:
- زيادة قوة الصين الاقتصاديّة والتكنولوجيّة والقوّة الوطنيّة المتكاملة في القطاعات كافّة.
- قائدة في الابتكار على المستوى العالمي
- الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات، في مجالات التصنيع والتحضّر والتحديث الزراعي، وبناء اقتصاد حديث.
- حماية حقوق الشعب في المشاركة والتنمية، واحترام سيادة القانون في البلاد والحكومة والمجتمع.
- تعزيز الثقافة والتعليم وتشجيع المواهب على انواعها.
- ابتكار اساليب عمل صديقة للبيئة.
- رفع نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلّي الى مستوى الدول المتقدّمة المتوسطّة، وزيادة حجم الطبقة الوسطى، وتقليص التفاوت في التنمية بين المدن والريف.
- تعزيز قوة الصين في الفضاء السيبراني والتكنولوجيا الرقميّة.
- احراز تقدم جديد في بناء حضارة ايكولوجيّة، وتعزيز رفاهية الشعب، ورفع مستوى الحوكمة.
- كل ذلك في اطار التوحد الوطني، اي الحفاظ على وحدة الأراضي الصينيّة، وان تنوعّت الأنظمة الاقتصادية فيها( ما كاو وهونغ كونغ).
قد يتبادر الى ذهن القارئ ان الأمنيات شيء، وأن تحقيقها شيء آخر. هذا صحيح دون شك، لكن نظرة فاحصة على مسار ثلاثين سنة ماضية كفيلة بأن تؤكد ان ما وضع من خطط جرى تنفيذها بنجاح كبير، وهذا ما سوف يتكرر في المستقبل، سيما وان خطوات الإصلاح ومحاربة الفساد تسير جنبًا الى جنب مع خطوات التنمية والانفتاح. كذلك فإن من يبحث جدّيًا في مآزق النظام الاقتصادي الحر الذي اصبح ومنذ عقود، نظامًا رأسماليًّا متوحشًّا، حيث الفارق الشاسع بين طبقة الأغنياء المحدودة عددًا، وبين طبقة الفقراء المتزايدة أعدادها عاما بعد عام، يتأكد أن النموذج الصيني في الاقتصاد، وفي العدالة الاجتماعية، وفي التطور الثابت، هو طريق تقدّم المجتمعات والبشريّة، سيما وانه لا يقوم على أساس نهب ثروات المستعمرات والبلدان الضعيفة في افريقيا وآسيا وأميركا اللاتينيّة، ولا على أساس نشر الحروب وتشجيع احتلال اراضي الغير كما تفعل الإدارات الأميركيّة.
أخيرا، ان نظرة فاحصة لإسلوب مواجهة كوفيد 19، بين الصين وأميركا، تعطي دليلا إضافيًّا على من سيكون الرابح والمتقدّم أكثر في العقود القادمة.
 
عدنان برجي/ مدير المركز الوطني للدراسات
 عن "مجلة الموقف"، التي تصدر في بيروت