السبت 20 إبريل 2024
خارج الحدود

أتركين في قراءة للانتخابات الأمريكية: من "ديمقراطية التلفزة" إلى "ديمقراطية العصيان"

أتركين في قراءة للانتخابات الأمريكية: من "ديمقراطية التلفزة" إلى "ديمقراطية العصيان" محمد أتركين،و دونالد ترامب، ومنافسه في الرئاسيات الامريكية بايدن
ضمن متابعتها للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، خص محمد أتركين الأستاذ الجامعي في المادة الدستورية، جريدة "أنفاس بريس"، بتصريح يريد فيه مظاهر هذه "الديمقراطية الأمريكية" التي تحولت لـ: "فُرجة انحرافية" بمعنى الكلمة، فيما يلي نص التصريح: 

"عديدة هي الكتابات التي تلصق وصف الفُرجة بالديمقراطية الأمريكية، فاعليها، حملاتها الانتخابية، المعارك التلفزية، وشخصانية السلطة المغلفة بتعابير القائد، المنقد، الملهم.. لعل نمط الثقافة الأمريكية، تاريخها، طبيعة تركيبة مجتمعها، الذهنية الخاصة، نمط الثقافة السياسية التي بقيت وفيت لتقاليد "الرعاة" والآباء المؤسسين.. تفسر، وإن باختلاف في الدرجة، الوصف المذكور...
لكن، هذه الديمقراطية المبنية على "الفرجة" أخذت أبعادا، نزعُم أنها "انحرافية"، ومنها الآتي:
- التمرد على القواعد المنظمة للانتخابات، طريقة التصويت المتنوعة، النتائج التي لا تترجم فيها المقاعد بأمانة التصويت الشعبي المباشر، بالرغم من أن هذه الآليات محددة من قبل وسارية النفاذ منذ مئات السنين؛
- عدم قبول قرارات قضاء المحكمة العليا والمحاكم الفدرالية، في نظام مبني على قاعدة checks and balances، يكفل للقضاء دورا مستقلا، ضابطا لتوازن النسق الدستوري العام؛
- رفض تسليم السلطة في حالة الخسارة، والتهديد بالاستقواء بالشارع، بخطاب تحريضي، شعبوي غير معهود؛
- التشكيك في المؤسسات الضامنة للسير الحسن للاقتراع وصدقيته، ونعتها "بالسرقة"، في نسق يقَدم في تقارير مؤسساته دروسا لباقي العالم وتقييما لدوله؛
- الإعلان عن الفوز دون اكتمال فرز الأصوات، في قطيعة مع التقليد القائم على التربص في إعلان الفوز أو الخسارة إلى حين اتمام احتساب كل بطائق التصويت، بغض النظر عن الطريقة المتبعة للاقتراع؛
- التدخل في شؤون القضاء، عبر الدعوة إلى توقيف لجان الفرز عن فرز واحتساب الأصوات، في صورة تنزع لتضخيم صورة الرئيس على حساب باقي المؤسسات الدستورية.
هل يتعلق الأمر برد فعل صادر عن شخص لا يحب الخسارة؟ أو كما يعبر عنه بالفرنسية  mauvais perdant؟ أم أن الملمح الظاهر من الإشكال يُخفي أزمة عميقة في النظام السياسي والدستوري الأمريكي، تذهب إلى حد إعادة النظر في القواعد التي وضعها الآباء المؤسسون في دستور يقدم اليوم بنعوت المستقر والقابل للتجديد وللقراءة التطورية (living constitution)؟
كيف ما كانت نتيجة الانتخابات، فهذه الأخيرة، سياقا ومسارا، تدعو المهتمين بالنسق الدستوري والسياسي الأمريكي، إلى تجديد أسئلتهم ومناهجهم، للاقتراب أكثر من هذا التغيير "الصادم"، الذي يؤسس لثقافة "العصيان" على الديمقراطية قواعد ومؤسسات.. ولفهم الدور المقبل لرئيس البيت الأبيض، لرأب الصدع المجتمعي، في أعقاب انتخابات قسمت الولايات المتحدة الأمريكية إلى شيع وطوائف، وأعادت التفكير في أسطورة "الفدرالية" المقدمة "كعبقرية أمريكية" لتأسيس أمة لا ماضي مشترك لها..