الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: احتجاجات معبر الكركرات والفعل الحقوقي بالصحراء

الحسين بكار السباعي: احتجاجات معبر الكركرات والفعل الحقوقي بالصحراء الحسين بكار السباعي

غاية في نفس يعقوب صمنا عن الكتابة بضع وقت، واليوم نرى أنه لزاما علينا العودة لتطويع القلم وتبيان ما يجب تبيانه تماشيا مع المثل الصحراوي "منين تحك لحكيكة كلها يلحك أهلو" ومعناه حينما يجد الجد كل واحد يعود لأهله.

 

لقد تحدث الشارع المغربي عامة بمستجدات معبر الكركرات، ومنا من أصاب، ومنهم من أخطأ، وبينها سنقف لنجرد الحقائق عن شطحات البوليساريو في تندوف وتفسيرها ليس لنفهمها نحن، بل بغية شرحها لمتعاطفين معهم لا يدرون أي الحقائق اسمى، ولا أي الطرق تؤدي لروما.

 

في البداية يجب أن نقر أن ما يقع مؤخرا في معبر الكركرات ليس بالجديد ولا الغريب، فقد عهدناها من بداية وقف إطلاق النار، حيث كانت هاته الرقصات تتم داخل المدن الجنوبية يقودها من يسمون أنفسهم حقوقيين صحراويين، وهم في الوقاع متاجرون بأحلام المستضعفين...، بعدها انطلقت أوراش التنمية على طول الخط الساحلي وبها تراجعت اصوات الشارع المؤيدة لفكرة الانفصال، بل تعدته لنجد أبناء عمومة القيادات تتشبث بمغربية الصحراء وتعيش تحت حكم رشيد وتبني مستقبلها ومستقبل الأجيال الصحراوية بكل عزم وإصرار، لا تؤخذهم في ذلك لومة لائم أراد شرا بالمغرب ولا شحنا سياسيا قادما من الجارة الجزائر ولا حتى أموالها التي تدفع للخروج للشوارع.

 

بعد الألفية بدت بوادر الفضح تطال قيادات البوليساريو، وفي مقدمتهم كناري إسبانيا المسمى بولسان الذي يتقاضى ما بين 10000درهم إلى 40000 لمنح شهادة اعتراف بحق اللجوء للمهاجرين الصحراويين الذين فضلوا الهجرة سرا، وطبيعي جدا أن يبتدئ هؤلاء صفحاتهم الفيسبوكية بالولاء لجبهة الانفصال إلى حين الحصول على بطاقة الإقامة، واليوم ها هم يعودون للمداشر ولأهلهم وما كانت بطاقة لاجئ إلا قفزا على قانون الهجرة والدخول في قانون اللاجئين وهو القانون نفسه الذي ترفض الجزائر تطبيقه وتنزيله على محتجزي تيندوف لما له من واجبات تجاههم.

 

ويا لغرابة الصدف اليوم نجد الجزائر تتناول إعلاميا اللاجئين الصحراويين بأوروبا، وتقول في الوقت نفسه أنها لا تسجل حضور أي لاجئ على أراضيها، فكيف نعترف بنفس الشخص عندهم ونتكالب على حقوقه عندنا.

 

بعد الألفية تراجعت الأصوات المؤيدة لفكرة الانفصال بشكل كبير وهذا راجع بشكل كبير لعاملين:

الأول، مشروع الحكم الذاتي الذي وجد في العقلاء من الصحراويين حلا سياسيا يمكنهم من تدبير مجالهم تحت السيادة المغربية.

الثاني، المشاريع الكبرى التي أعطيت انطلاقتها بعد 1999 من خلال الزيارات الملكية المتتالية للمدن الجنوبية.

 

لقد فرض على جبهة البوليساريو أن تبدع في احتجاجاتها، الأمر الذي كانت نتيجته مخيم "كديم ازيك" محاولين من خلاله زرع مخيم لاجئين داخل المغرب وإعطاء شرعية لتواجد فكرة الانفصال، وبعدها يلاحظ التراجعات السياسية منذ سنة 2014، بعد محاولة قيادات البوليساريو جر المنتظم الدولي لتوسيع صلاحيات المينورسو؛ وهو الأمر الذي قوبل بالرفض نظرا للعمل الجبار الذي تقوم به اللجن الجهوية لحقوق الإنسان بكلميم و العيون و الداخلة.

 

لقد شكلت التقارير الأممية عن وضعية حقوق الإنسان أحد المحطات البارزة في قضية الصحراء المغربية، وما من مرة أشادت تقارير البعثات الأممية بعمل رئيس اللجنة الجهوية لجهة العيون الساقية الحمراء، ورئيس اللجنة الجهوية للداخلة وادي الذهب، وبذلك قطعوا الطريق عن رقصات الحقوقيين التابعين لجبهة البوليساريو مبينين أن الفعل الحقوقي يكون إنسانيا وإعطاء كل ذي حق حقه وليس العمل على دفع الشباب والشابات إلى تجاوز القانون وتعريض أنفسهم للمسائلة القضائية تحت غطاء حقوق الإنسان.

 

- الحسين بكار السباعي، ممثل المنظمة الدولية للفن الشعبي التابعة لليونسكو بالصحراء المغربية وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان