الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد النبي اضريف: تقاعد الوزراء والسياسة التقشفية

عبد النبي اضريف: تقاعد الوزراء والسياسة التقشفية عبد النبي اضريف
يبدو أن تقاعد الوزراء أصبح متجاوزا في ظل التعديلات الوزارية المتتالية التي تشهدها المملكة من حين لآخر، هذا التقاعد كان ممكنا عندما كان الوزير يقضي ولاية أو ولايتين حكوميتين أو أكثر، فكان من اللازم مكافأته على المهام الكبيرة التي قدمها للبلد، لأنه ضحى بالمجال الذي كان يعمل وتميز فيه، و التحق بالوزارة، الشيء الذي قد يضر بمصالحه بعد الاستوزار، إذ يصعب عليه إعادة مواصلة مهامه الأصلية بعد ، لذا فالقانون يضمن له تقاعدا مريحا يضمن له مستقبله، حتى يمارس مهامه بكل أريحية، بدون تفكير في المجال الذي كان ينشط فيه، و بالتالي يكون انفع للدولة، لان كبر المسؤولية تتطلب منه إعطاءها كامل العناية ومعظم وقته، فالأمر يتعلق بمسؤولية حساسة تتعلق بالحياة اليومية و مستقبل 35 مليون نسمة، بالإضافة إلى الأجانب الذين يتوافدون على المغرب في الآونة الأخيرة أما زوارا أو مقيمين. حسب منظوري هذه من مبررات تخصيص تقاعد للوزير المقال أو المنتهية ولايته، لهذا هل أصبح القانون الذي يضمن للسادة الوزراء التقاعد، صالحا في ظل التعديلات الوزارية المتتالية، و في دولة تعمد إلى الاقتراض لتمويل نفقاتها، خصوصا إذا كان عجز الميزانية حادا، إي بمعنى أن مداخيل الدولة لا تكفي حتى لتمويل النفقات العادية، و المغرب في ظل الاكراهات التي ستفرضها مرحلة بعد كورونا يمكن أن يلامسها، بفعل الأضرار الاقتصادية التي ستصيب الاقتصاد بسبب الأزمة العالمية، و فقدان مداخيل مهمة اعتبرت على مر العقود من أهم مصادر تمويل الميزانية، ويتعلق الأمر بتحويلات عمالنا بالخارج، وعائدات السياحة، و تراجع الصادرات، وانقراض بعض مصادر التمويل الاستثنائية كمساعدات الدول والمنظمات الدولية، ووضع شروط مجحفة للحصول على القروض الخارجية بفعل الانكماش الإقتصادي العالمي، خصوصا أن معظم الدول التي كانت تساعد المغرب تعيش الآن على وتر هذه الكارثة الوبائية. انطلاقا مما سبق، فيجب إعادة النظر في جميع القوانين التي من شأنها إحداث الثقب في ميزانية الدولة، والتي تآكلت بفعل المستجدات التي يفرضها الواقع، فنحن لا نعيش رخاء اقتصاديا، حتى نحافظ على نفس المنظومة التي تضمن الرخاء و الامتيازات لطبقة دون أخرى، خصوصا القوانين التي لا تتطابق والسياسة التقشفية الحادة المفروضة على المغرب، و تبقى واقعة آخر وزير مقال، من أهم النوازل المطروحة على الساحة اليوم، لا يعقل أن يضمن له تقاعد بحجم هذا التخصيص المالي، و أصحاب القرار يجتهدون ليلا نهارا من اجل توفير قطعة خبز للمتضررين من وباء كورونا.
على ما يبدو بأن فترة مابعد الوباء ستكون حاسمة بالنسبة للمملكة الشريفة، فالأمر يتعلق بإعادة النظر في سياسة الإنفاق العام، و التي تتطلب من أصحاب القرار تبني الحكامة الجيدة المنصوص عليها في الدستور أثناء تصريف الشأن العام، لذا فنحن مطالبون بثورة على القوانين التي تؤطر تبذير المال العام ، فالكثير من القوانين التي
تستنزف الميزانية مثل تقاعد الوزراء و البرلمانيين... فالمغرب مطالب بأن يعيد فيها النظر، وعلى الأقل أن يضع شروطا لذلك، تتعلق بمدة النيابة او المسؤولية، والضرر الذي لحق المعني بالأمر من جراء ممارسته لمهامه... بالإضافة إلى تبني سياسة عمومية حكيمة في مجالات البحث العلمي والصحة والتعليم، والاعتناء بالعالم القروي.
ويمكن القول إن الاكراهات التي فرضتها و طرحتها كورونا، ستسهل لا محالة مهام لجنة النموذج التنموي، حيث كشفت واقع الشأن العام،والأولويات المطلوب الاعتناء بها، والتي لن تخرج عن مطالب الصحة والتعليم والبنى التحتية وعقلنة الإنفاق العام.