الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد المباركي: النقاش حول الحركة التصحيحية مجرد تسويق انتخابي مبكر

محمد المباركي: النقاش حول الحركة التصحيحية مجرد تسويق انتخابي مبكر محمد المباركي

الحديث عن حركة تصحيحية داخل حزب العدالة والتنمية هو امتداد للحديث عن التقليص الذاتي خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.. هما خرجة إعلامية تعكس نقدا ناعما لقيادة الحزب وتدبيره للشأن العام، وهو نقد يضع منزلقات قيادته في سياق الضغط على الحزب وإكراهات السياق والدولة العميقة عملا بمثل "أخوك مضطر لا بطل!"...

 

الأهم في كل هذا هو متى كان حزب العدالة والتنمية لا يخضع لتوجيهات وإملاءات النظام، أو ما يسميه بالدولة العميقة، سواء من حيث النشأة والمسار السياسي والتنظيمي وتجربتي التدبير الحكومي؟... متى كان حزب العدالة والتنمية يملك استقلالية القرار وهو الذي أتقن منطق الصفقة السياسية وتبادل الخدمات المادية والرمزية مع النظام، سواء ما قبل الولادة «الشرعية»، حيث استعمل بعض قياديه آنذاك كأداة لجرائم سياسية في حق رموز اليسار، وخاصة الشهيد عمر بن جلون، أو بعد الولادة والفصام في أحضان الحركة الشعبية الدستورية بقيادة الخطيب لمحاصرة القوى الديمقراطية أو لعب دور المنشط للحياة السياسية خلال نكسة «التناوب التوافقي»، ثم التموقع في جبهة النظام ضد حراك 20 فبراير ودعم الوثيقة الدستورية «ليكافأ» بتسيير تجربتين حكوميتين تعتبران من أسوأ التجارب في تاريخ المغرب من حيث رزمانة الإجراءات اللاشعبية التي أشرف على تصريفها وتحويلها إلى أمر واقع في مجالات الشغل، التقاعد، الصحة، المال العام، الحقوق والحريات... إلخ.

 

حزب العدالة والتنمية جزء من النظام السياسي ومكون من مكونات تحالفاته الطبيعية.. ولذلك فالنقاش حول الحركة التصحيحية أو التقليص الذاتي من عدمه ليس في الحقيقة إلا تسويق انتخابي مبكر وبحث عن أوراق أخرى، ومنها ورقة «المظلومية» للتموقع المتقدم في المشهد الانتخابي المقبل واستشعار الحاجة المتجددة إلى خدماته كحزب أصبح متوجسا من استنفاد الاستثمار في الرأسمال الديني والتحول النهائي إلى حزب تقنوبيروقراطي...

 

لكن الحقيقة التي لا يمكن نفيها هي أن حزب العدالة التنمية يستمد قوته من ضعف البديل الديمقراطي التقدمي وهشاشة الوعي الديمقراطي في المجتمع. وبالتالي ليس غريبا ألا يتعرض لعقاب انتخابي من خلال آلية التصويت. هذه الهشاشة التي يعمل المخزن وحركة الإسلام السياسي على إعادة إنتاجها في تحالف استراتيجي تتخلله في بعض الأحيان لحظات من التوتر والتنافس حول الكتلة الانتخابية والحضور المرئي والرأسمال الديني..