الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

عبد الإله حسنين: تحية اعتراف في ذكرى رحيل السي الطيبي

عبد الإله حسنين: تحية اعتراف في ذكرى رحيل السي الطيبي عبد الإله حسنين، والراحل السي الطيبي(يسارا)

رحم الله السي الطيبي الذي ازداد يوم 15 دجنبر 1921 وتوفي يوم السبت 04 أكتوبر 2014 ليلة عيد الأضحى لتلك السنة، وهو الذي ضحى بكل ما لديه من أجل الوطن والمواطنين، كان يعتبر كل أطفال المغرب أبناءه، يتمنى للجميع ما يتمناه لفلذات كبده من نجاح في الدراسة والحياة، ومن حب للوطن والعمل من أجله، وانطبق عليه اللحن القائل : خذوا المناصب، خذوا المكاسب، وخلوا لي الوطن.

كان لي شرف اللقاء الأول مع المرحوم السي الطيبي وعمري لا يتجاوز 16 سنة، حيث حضر صباحا لدار الشباب الزرقطوني بمعية وفد من المكتب المركزي للإشراف على الجمع العام العادي للفرع وكنت حينها منخرطا نشيطا بالحركة وفاعلا تربويا وثقافيا بعدد لا يستهان به من الأندية والأنشطة. وكانت كلمته الافتتاحية مؤثرة ومستقطبة لاهتمام الشباب والمسؤولين من المرشدات والمرشدين كما كانت تسميتهم آنذاك، حيث ذكر بظروف تأسيس حركة الطفولة الشعبية في ظل الحركة الوطنية وبالهدف المسطر لها وكيف علينا الاستمرار على نفس النهج بالحفاظ على الاستقلالية والتطوع وعلى "الترابي" والتقاليد المغربية الأصيلة، كما شجعنا على المضي قدما من أجل تربية الناشئة والأطفال والشباب حتى يصيروا مواطنين صالحين لخدمة البلاد والسير بها نحو التحرر والنماء، وأكد لنا، ولم أنس ذلك أبدا، على ضرورة الاستمرار دون انتظار لا جزاء ولا شكورا فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، لا تنتظروا الشكر والثناء من أحد ومنتقدوكم سيكونون كثرا لأنكم تعملون ومن يعمل يخطئ ومن خطئه يتعلم ليستمر ومن فشله في التجربة يقف أقوى من السابق.

وبعد حصولي على الباكالوريا سنة 1975 والظروف التي عرفها الواقع السياسي ببلادنا وتنظيم المسيرة الخضراء للمطالبة بإرجاع الصحراء، بدأ الصراع يدب في صفوف فرع الزرقطوني شيئا فشيئا نتيجة اختلاف مراجع التكوين والدراسة والانتماء والسياسة، ولكن بصفة خاصة نتيجة فكر التغيير الذي كان يسكننا وكنا نتبناه كمجموعة معارضة لطرق التدبير والتسيير ولمناهج التنشيط والترفيه، وحتى لنوعية ومضمون المفاهيم التي نستعملها لتمرير خطابنا واستقطاب الشباب إلى جهتنا. وقد أدى الاختلاف إلى الشرخ وتسريع وثيرة التفرقة، فأصبحنا داخل الفرع مجموعتين الأولى تتكون من الموظفين والمستخدمين وشبه المقاولين والثانية من الطلبة والتلاميذ، فاشتد الصراع الذي كنا نسميه طبقيا وساهم في الدفع بالمجموعة الأولى إلى الانسحاب وتأسيس إطار آخر.

فكان أن تأسست جمعية الوفاق من المجموعة الأولى أغلبها من القدماء، واستمرت حركة الطفولة الشعبية مع المجموعة الثانية التي كانت تضم ما تبقى من القدماء ومن التحق عن طواعية ومن مجموعة من الطلبة والتلاميذ. إلا أن عدم الانسجام الإيديولوجي دفعنا إلى العمل إراديا على تجميد الفرع في ثاني فبراير 1976.

وقد سمحت لنا المدة الفاصلة بين ثاني فبراير 1976 (تاريخ وثيقة تجميد الفرع)، وعاشر مارس 1979 (تاريخ عقد الجمع العام الاستثنائي لإعادة التأسيس)؛ بالتفكير في مختلف الملفات المرتبطة بعملنا الجمعوي في الميدان التربوي داخل حركة الطفولة الشعبية، وانتماءاتنا الموازية في مجالات السياسة الحزبية والنقابة الطلابية، والثقافة وحقوق الإنسان والمجالات الرياضية. كما ساهم العمل التطوعي الجدي والمسؤول من خلال الاجتماعات غير التنظيمية التي استضافتها منازلنا وفضاءات عطلنا وورشات تكويننا من غربلة العنصر البشري المتواجد واستقطاب عناصر جدد من الطلبة والتلاميذ الملتزمين بالأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، فكانت عودتنا فيما بعد إلى دار الشباب الزرقطوني بعد ثلاث سنوات من الغياب عودة قوية بإستراتيجية شاملة للعمل الجمعوي والتربوي، ذات محاور تنطلق من الانتشار بمختلف الأندية والجمعيات المتواجدة بدار الشباب حتى نضمن تواجدنا بمجلس الدار ونوفر القاعات الضرورية لتأمين أنشطتنا وبرامجنا المنظمة حسب أربع مجموعات عمرية، وتأسيس شبكة من العلاقات مع مختلف المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومع الجماعات المنتخبة بالبلديات لضمان حد أدنى من الموارد المالية والميزانيات التي تساعد على تنزيل مشاريعنا على أرض الواقع، وهنا لابد من الترحم على الروح الطاهرة لمصطفى القرشاوي رئيس جماعة عين الدياب الذي كان يتفهم برامجنا ويدعمها معنويا وماديا باستمرار طيلة عمله كرئيس للجماعة.

إلا أن تنظيم جمع عام للفرع كان يحتاج إلى مساطر قانونية ورخص استثنائية ويحتاج بصفة خاصة إلى تزكية وحضور المكتب المركزي، إلا أن الظروف التي عرفها المغرب خلال الثلاث سنوات الأخيرة من مؤتمرات حزبية وتنظيم الانتخابات البلدية والتشريعية والإضرابات بالجامعات التي سجلت بعنف حضر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وجعل المجتمع يعيش في وضعية عصيبة آنذاك .. لم تكن لتجعل من رأينا دائما الرأي المؤثر في مسؤولي المكتب المركزي، لاسيما في من كانوا يحاورون من منطلق المركز والقاعدة ومن الآراء والأحكام الجاهزة، ومن كوننا كنا طلبة بالسنة الأخيرة من الإجازة شعبة العلوم السياسية باللغة العربية التي كانت تضم مجموعة من مسؤولي الشبيبات الحزبية والنقابية حتى التي تعمل خارج ما يسمى بالشرعية.

إلا أن المرحوم الفقيه السي الطيبي كان يسأل بصفة خاصة عن ارتباطاتنا بالحركة الجمعوية بمدينة الدار البيضاء، وبمقاربتنا للتربية والتنشيط، وبرأينا في المخيمات والتكوينات التي تنظمها حركة الطفولة الشعبية، وبمواقفنا من القطاعات الحكومية المهتمة بالشبيبة والرياضة والطفولة والمرأة، وبالبدائل التي نقترحها للرفع من الأداء التربوي والثقافي وتأهيل العنصر البشري وتأطير الأطفال والشباب وتنظيم الفروع، فكان لنا ما أردناه وتدخلنا بكل التفاصيل والوثائق والحجج كل في المجال الذي قام بتحضيره : التنظيم والتنشيط والتكوين وتنظيم المخيمات والنشر والتوثيق والعلاقات العامة ألخ.

واستمرت النقاشات مع المكتب المركزي لساعات طويلة حتى لا أقول الأيام، فكانت هذه المنهجية في التعامل سببا في الحكم علينا بالانتماء لمجموعة مختلفة في اختياراتها الثورية وفي استراتيجية عملها وفي نظرتها للمجتمع المغربي الذي، في اعتقادنا آنذاك، لم يكن في الطريق الصحيح إلى التغيير وتحقيق ما أرادته الحركة الوطنية وعلى رأسها الشهيد المهدي بنبركة مؤسس حركة الطفولة الشعبية ومبدع العمل الجمعوي بالمغرب أي مشروع المجتمع المغربي الجديد، فكان علينا طرح السؤال بأعلى صوتنا أين نحن من التغيير؟

إلا أن السي الطيبي بفكره الثاقب وهو أستاذ الرياضيات المغربي بامتياز، وهو المستوعب للاختلاف وللآخرين كيفما كانت مستويات تكوينهم ودرجات انتمائهم الاجتماعي، والمستغل لمنصبه الوظيفي ومهامه وعلاقاته من أجل الإدماج الاجتماعي والمهني لمن يراهم في مستوى المسؤولية؛ ما كان على هذا الرجل الكتوم والتقي إلا أن سجل كلمته الأخيرة قبل النطق بقرار المكتب المركزي، الكلمة التي حفظناها في حينها وكانت شعارنا في المرحلة التي أعلننا فيها عن التأسيس الجديد أو إعادة التأسيس لفرع الدار البيضاء لحركة الطفولة الشعبية بدار الشباب الزرقطوني، وهي كالتالي : إذا كان ما صرحتم به أمامنا وما طرحتموه من برامج ومشاريع بالنسبة للمستقبل هو الاختيار الثوري فأهلا به اختيارا لحركة الطفولة الشعبية شريطة احترام القوانين المنظمة والأساسية، والضوابط المؤمنة للاستقلالية واستمرارية التطوع والتربية.

وأسجل هنا أننا بمناسبة انطلاقة الفرع نظمنا على هامش اليوم العالمي لحقوق الإنسان معرضا للكتب والمجلات الممنوعة بالمغرب يوم 10 دجنبر 1979 بمساهمة عدد من المثقفين والفنانين والسياسيين على رأسهم الشاعر محمد بنيس والصحفية القديرة زكية داوود، وقد ووجهنا بالسلطات العمومية تمنعنا من العرض بحجة أن الكتب والمجلات هي أصلا ممنوعة فلا يمكن عرضها، إلا أننا تابعنا نشاطنا بتنظيم ندوة حول ظروف نشر الكتاب والمجلة بالمغرب كان لي شرف تقديم أرضيتها آنذاك وكان ما حصل من الأحداث والمصادمات فيما بعد.

وقد كانت سنة 1979، سنة الحصول على الإجازة بالنسبة لأغلب أطر ومسؤولي فرع الزرقطوني لحركة الطفولة الشعبية في شعب العلوم السياسية والقانونية والاقتصاد، السنة الدولية للطفل المصادق عليها من طرف الجمعية العمومية للأمم المتحدة، سنة للتعبئة البشرية الوطنية بحركة الطفولة الشعبية، سنة الإنتاج الفكري التربوي الحداثي، سنة الخلق والإبداع في كل مجالات اشتغالنا، حيث أشرف المرحوم على جل اجتماعاتها وتكلف في أغلب الأحيان بتغطية مصاريف الوجبات الغذائية ومصاريف تنقلاتنا بين الدار البيضاء والرباط، لا يغيب عنا إلا إذا كان خارج المغرب في مهامه الموازية المهنية والنضالية حاضرا منظرا واعيا ومستقطبا للاهتمام وحريصا على ضمان حرية التعبير واستقلالية الحركة واستمرارية المناضلين، ولتأكيد ذلك يمكنكم الرجوع إلى الكتاب المجلد الذي جمع مختلف المقالات التي أنتجناها خلال سنة 1979، والذي لا زال مرجعا مهما في تاريخ وأنشطة ومنهجية عمل حركة الطفولة الشعبية.

ولا أنسى مثلا حضوره إلى جانبنا بالملتقى الدولي للطفولة الذي نظمته الحركة بمناسبة السنة الدولية للطفل بمخيمات عين خرزوزة، وباستضافة 1000 طفل من مختلف أنحاء المغرب، إلى جانب وفود أجنبية من بينها فرنسا والعراق وفلسطين، حيث كانت التظاهرة لافتة للانتباه ومستقطبة للعديد من الشخصيات الوزارية والجمعوية والسياسية والثقافية، وكانت فترة عرف فيها المغرب جفافا مناخيا وسياسيا استطعنا تجاوزه بفضل مجهودات العديد من المدعمين والحاضنين لمشاريعنا والمؤمنين ببرامجنا بفضل ذكاء السي الطيبي في التواصل مع الآخرين وحنكته في الإقناع لمصلحة الطفولة والشباب ببلادنا. فقد وفر الملتقى العديد من الأنشطة والبرامج من الإذاعة المحلية إلى الجريدة اليومية (صوت قزح) التي كان يشرف عليها ثلة من المناضلين على رأسهم الإخوة فؤاد المذكوري ومصطفى لعراقي وعبد الرفيع حمضي وعبد ربه، إلى اللباس الموحد لكل الأطفال إناثا وذكورا، إلى صهاريخ المياه العذبة التي كنا نأتي بها من مدن مكناس والحاجب بشراكة مع الوقاية المدنية، إلى حضور العديد من الشخصيات المحلية والوطنية على رأسها وزير الشبيبة والرياضة آنذاك الأستاذ عبد الحفيظ القادري الذي استجوبه الأخ خالد كدحي من الإذاعة المحلية للحركة.

وحصلنا على الإجازة وتوجهنا إلى مدن الخدمة المدنية اختيارا أو اضطرارا كما هي حالتي حيث توزعت أطر الفرع بين الحسيمة، الشاون، بنسليمان، آزمور والدار البيضاء، واستطعنا بفضل الخلف والتكوينات التي تلقاها أن نستمر بنفس وثيرة الأنشطة والبرامج التربوية والثقافية رغم بعدنا عن المركز، كما استمر بعضنا في عضوية المكتب المركزي لسنوات عرفت ازدهارا تربويا وفكريا، وحماسا جماعيا وتعبويا، واستقطابا نوعيا ومتنوعا، وعلاقات جمعوية مجتمعية، كان أهمها الإصدارات والمقالات والمعارض واللقاءات التكوينية وتوسيع شبكة الفروع.

وفي سنة 1983 ساهمت ضمن وفد إلى جانب السي الطيبي في تأسيس الفيدرالية الدولية للتبادل التربوي للأطفال والمراهقين ومقرها بباريس، والتي انتخب المرحوم أول رئيس لها بحكم الإجماع الدولي حوله من طرف المنظمات الصديقة المؤسسة، واستطاع خلال سنوات رئاسته أن يوسع من مهامها الإشعاعية والتواصلية من خلال كتابة الفيدرالية بباريس ومداومتي على الحضور بحكم إقامتي كطالب بباريس، كما استطاع أن يحقق انسجاما سياسيا بين مختلف التنظيمات الملتحقة من قبيل دعم المنظمات المناضلة ضد الميز العنصري بجنوب إفريقيا ودعم نضال الشعب الفلسطيني والتصدي لكل محاولة للمس بمغربية الصحراء.

وبين 1983 و1995 المدة التي قضيتها بمدينة باريس الفرنسية كانت لي لقاءات متعددة مع المرحوم سواء على مستوى اجتماعات الفيدرالية أو على مستوى تمثيلية حركة الطفولة الشعبية التي كنت عضو مكتبها المركزي مكلف ببعض المهام الخارجية في بعض المؤتمرات والمنتديات الدولية، وفي كل مرة كنا نتجاذب أطراف الحديث حول بعض المحطات التاريخية التي عرفها المغرب الحديث، وحول مجالات السياسة والتربية والفكر، وحتى حول انتماء المناضلين للعمل السياسي والجمعوي ومستوى أخلاقهم وسلوكاتهم داخل المجتمع. وكانت استفادتي بالغة وعميقة استمع بعمق واستمتع كل الاستمتاع فيها بالطريقة في الحديث وبالمنهجية الثاقبة في الإقناع وبالسلاسة في الانتقال من موضوع إلى آخر وبالذكاء في الاستماع وتوليد الأفكار التي كان يتمتع بها السي الطيبي.

وحدث أن نظم إخواننا بمدينة بني ملال سنة 1996، أياما تربوية وثقافية على شكل مهرجان أسبوعي متنوع الأنشطة والتظاهرات المبدعة والخلاقة التي ظهر من خلالها مناضل حينها بصم ساحته الفنية والإبداعية من خلال لافتات ولوحات وصور، كما أن المهرجان استطاع استقطاب العديد من الشخصيات التي كان لها وزنها آنذاك سواء على الصعيد المحلي والجهوي أو على الصعيد الوطني. وكان وفد المكتب المركزي يتكون من الأخ عبد الوافي بنبركة أطال الله في عمره، والمرحومين العربي رودياس والطيبي بنعمر، ومن الإخوة علي بلقاسم كمسؤول عن العلاقة مع الفروع وعبد ربه، كمشارك في ندوة فكرية نظمت على هامش الأسبوع الثقافي.

وكان الحضور شيقا للغاية والمهرجان رائعا كما هي عادة إخواننا ببني ملال والاستضافة كريمة كباقي المغاربة واللقاء عائليا تعرفنا من خلاله على شخصيات ومسؤولين منتخبين وبرلمانيين حضروا مختلف الأنشطة والتظاهرات؛ إلا أن الحدث السار الذي عشناه جميعا لم يطل فقد رجعنا إلى الرباط يوم الأحد زوالا وقبل دخول المرحوم السي الطيبي بنعمر لمنزله وصلنا خبر وفاة المرحوم الحاج العربي رودياس دقائق بعد وصوله لعائلته. وكانت الصدمة بالنسبة لرئيسنا المؤسس هو الذي كانت له علاقات صداقة وأخوة مع المرحوم الحاج العربي رودياس وعائلته، وكان يحترم الرجل ويقدمه على أنه المؤسس التاريخي لانطلاق مخيمات حركة الطفولة الشعبية بحكم انتمائه آنذاك لجيش التحرير وتفرغه لتوفير كل ما يحتاجه المخيم من مؤونة وآليات ومقاعد ومراقد وغيرها، فكان السي الطيبي يعتبره النموذج الحي لما يجب أن يكون عليه شباب اليوم من حيوية وديناميكية وأخلاق ونزاهة وترفع عن الماديات. رحم الله الجميع.

وقد كان لوفاة الطاهر بورحى سنة 2010 وقع الصاعقة على السي الطيبي الذي انهار نفسيا ولم يحضر الجنازة، وذلك لأن المرحوم الطاهر بورحى بحكم انتمائه العضوي للشعب المغربي وبحكم قربه المستمر من المناضلين عبر الفروع وعمله الذؤوب على حل المشاكل التنظيمية والعلائقية التي تحدث بين الفينة والأخرى واحترامه للقرارات التنظيمية رغم اختلافه معها؛ كانت له مكانة كبيرة في قلب السي الطيبي.

إلا أن الصدمة الكبيرة التي هزت السي الطيبي نفسيا وإلى الوفاة كانت مباشرة بعد وفاة شريكة عمره الحاجة أم هاني التي وافتها المنية سنة قبل رحيله، حيث انعزل لأسابيع قبل أن يخرج مضطرا للقاء الآخرين، وقبل أن يقبل الاستمرار في الحياة اليومية رغم عدم قبوله لها. إلا أن السي الطيبي كما عرفناه وعهدناه قبل وفاة زوجته لم يعد كذلك بعدها.

وأسجل هنا لقاءنا الأخير معه قبل الوفاة والجلسة الحميمية العائلية التي استحضر فيها محطات تاريخية مهمة من حياته ولقاءاته بالأفراد والمؤسسات وبالمناضلين النزهاء كما كان يسميهم، وكان سؤاله الدائم والمستمر عن مشاريع حركة الطفولة الشعبية وتزكيته لإعادة بناء وهيكلة مركزنا التاريخي بيعقوب المنصور الذي أطلقنا عليه اسمه اعترافا بما قدمه وحفاظا على اسمه عاليا في فضاء التربية الشعبية المغرب.

رحم الله الفقيد