الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد شفيق : نقاش هادئ لقضايا مستعرة

محمد شفيق : نقاش هادئ لقضايا مستعرة محمد شفيق
خلف الكشف عن لائحة الدعم المخصصة للفعل الثقافي والمبالغ المالية المعلن عنها ردود فعل قوية تراوحت مابين السخط والإدانة وبين التأكيد على أحقيتها.
مرد السخط والإدانة تعودان بالأساس إلى نوع من التوزيع الحاتمي لمبالغ تثير الكثير من الأسئلة حول استحقاقها وجدارة الحصول عليها بالنظر إلى جدية إنتاجات أصحابها ومساهماتهم في إغناء المشهد الثقافي وإثرائه ، ولاسيما في لحظة عصيبة فرضتها جائحة كورونا وما خلفته من آثار اجتماعية واقتصادية صعبة استنزفت شرائح اجتماعية واسعة وفي مقدمتها المشتغلين في مجال الإبداع والتنشيط الثقافي وأجهزت على ما تبقى من القدرة على التحمل والمواجهة.
في الوقت الذي يعتبر هذا الدعم على الرغم من قيمته التي يمكن الاختلاف حولها حق لقطاع واسع من المشتغلين ويتمتع بحيوية كبرى بالنسبة لتطور المجتمعات . فلم تعد الثقافة وكل أشكال الإنتاج الرمزي مجرد ترف هامشي بل أضحى رافدا مركزيا لنهضة الأمم وتقدمها، وفي سياقنا الوطني وبلدنا يعيد النظر في كثير من اختياراته لصوغ نموذج تنموي جديد لا يمكن أن ينجح في ذلك دون إدماج البعد الثقافي وتحصين اختياراته وفق مرجعيات ثقافية صلبة ومؤثرة راهنا ومستقبلا .
إن الحاجة إلى الثقافة والإبداع ورعاية الذوق الفني والجمالي أمر محسوم ولا يمكن تحت ذريعة إعادة النظر في الأولويات أو ترتيبها، إسقاطها من أجندة التدبير العمومي، بل إن الحاجة إلى الثقافة تكبر وتزداد في لحظات الأزمات والتشنجات الكبرى التي قد تعيشها المجتمعات حيث يتعذر تصور مجتمع بدون إنتاج فني وإبداعي وبدون تداول ثقافي جدي فمجتمعات بدون ثقافة هي مجرد تجمعات تخلت عن أفقها الإنساني وعن فطرة تشبثها بالحياة.
إن ما نحتاجه اليوم هو سياسة عمومية ثقافية حقيقية دون إقصاء أو تمييز يستعيد معها المثقفون والثقافة أدوارهم الحيوية.
ما نحتاجه اليوم أكثر من مجرد دعم بئيس يلفه الكثير من الغموض وانعدام الشفافية.
ما نحتاجه اليوم هو تنافس المشاريع لا الأسماء وفرز حقيقي للقيم التي تتأسس عليها تلك القيم المنتصرة للحق والعدل والجمال والقادرة على إيقاف هذا الانحدار والإسفاف المسمى إبداعا وتنقدنا من كورونا ثقافية موازية.
 محمد شفيق، فاعل جمعوي