الثلاثاء 19 مارس 2024
فن وثقافة

مآلات تحوير فن حمادة كتعبير صحراوي بالرحامنة

مآلات تحوير فن حمادة كتعبير صحراوي بالرحامنة صورة مجموعة حمادة ومجموعة لحرارشة بالقعدة

يستمر الترافع عن الموروث الثقافي الشعبي بمنطقة الرحامنة، كقضية وملف آني لا يتطلب التأجيل، خصوصا لما يتعلق الأمر بفن حمادة كلون فني نابع من الأصول وله جذور وامتدادات تاريخية وحضارية وثقافية وإنسانية….في هذا السياق يتواصل غوص مجموعة البحث بمنطقة الرحامنة، بتنسيق مع الأستاذ عبد العالي بلقايد، في كنه "ذخيرة وذاكرة المغاربة"، وتسليط مزيدا من كشافات الضوء على جواهرنا "المنسية" و"المعرضة للانقراض"، والتي تعكس كنوز الوطن الذي راكم الكثير من التنوع على مستوى الفنون الشعبية لتحصين وجوده/ الذات/ الجماعة..."أنفاس بريس" تستمر في التعاطي مع منسوب كتابات ثلة من أبناء عاصمة الرحامنة لتوثيق ذاكرة مجموعة حمادة الممتدة جذورها وروابطها من الرحامنة إلى القبائل الصحراوية.

 

 

نقصد بالتحوير كل تغيير يطرأ على الآلات، أو شكل وطريقة الأداء، لأن فن حمادة حساسية جمالية تؤدى نغما وجسدا شأن أغلب التعبيرات الشعبية. وأول ملاحظة تتبادر لمتتبع لبعض "الفيديوهات" هو وجود "القعدة" التي يمكن أن نعتبرها آلة جديدة لم تكن مألوفة في فن حمادة.

ثاني ملاحظة تظهر بوضوح، هي اختراق "الركز" لفن حمادة، وهو كذلك غير مألوف بهذا الفن، الذي ساهمت حساسية مفعمة بطموح بأن يكون لونا مخصوصا لمدح الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك بالتماهي مع شق من فن البيضان الذي تخصصت فيه عائلات بعينها تحتكر تأدية هذا اللون بالصحراء المغربية.

إن فن حمادة تم استنباثه بمنطقة بوشان ذات الغالبية الركيبية، وناس سلام وهي تركيبة معروفة بميولاتها الشرعية، ومحبة آل البيت، فكانت رغبتهم خلق فن مخصوص لهذه الغاية من أجل إضفاء الفرح على أعراسهم ومناسباتهم.

ماذا ستحدث هذه الممارسة بهذا الفن، أليس التغيير سنة الحياة؟

التغيير محمود ولكن الذي لا يكون مدروسا ، يمكن أن يعطي نتائج عكسية، ولا يطور هذا الفن بل يؤدي إلى زواله. إن "الركز" و "الرش" طابعان فنيان يتميز بهما لون عبيدات الرما، وخاصة لفناني الحوز، وبالضبط مجموعة المخاليف، أما باقي المجموعات الأخرى فتستعمل "الركز" بالأرجل فقط ، ونفس الأمر ملحوظ لدى عبيدات الرما بالشاوية ورديغة.

صحيح أن الكثير من مناطق الحوز سواء بشيشاوة، أو سيد المختار، أو عند الحرارشة توظف "الركز" بالأرجل بشكل ملحوظ، وهو ممارسة فنية كجزء من بنية القطعة المؤداة، فالركز يكون عند الإنتهاء من إنشاد جزء من القطعة، وهم (المجموعات) بركزهم ذلك كأنهم يعلنون تركيز ما قيل، والإعلان على الإنتقال إلى جزء أخر وجب بناؤه.

الملاحظ أن حمادة بوشان لا يركزون بأرجلهم بل يتجهون اتجاه الجمهور وهم ينقرون على آلاتهم بتؤدة، لينهوا هذا السير بـ " عفطة" أو نقرة مدوية من طرف واحد منهم على آلة البندير، تصاحبها حركة فرجوية، كأنهم يعلنون عن بناء جزء من معمار المقطوعة، وهكذا نلاحظ بأن رقصة حمادة مخففة من التواشي الفرجوية الموجودة في تلك المنتشرة بالحوز ، لأنها نشأت لتكون شكلا فرجويا لغايات إجتماعية، وجماعية للنساء حظ في لعبه، ولشيوخ، كما للشباب الحق بالتمتع بما يوفره من جمال وتنمية الذائقة الفنية بفن محلي رائع وجميل.

للمجموعات الحق في إنتاج ما بطلب السوق، ولكن أن يروجوا لمنتوجهم بماركة تجارية أخرى غير حمادة، درءا للخلط وحفاظا على أصالة فن هو ملكية جماعية وليس فردية، أو فئوية.