الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

جواد شفيق : صحة وضعنا الصحي عليلة 

جواد شفيق : صحة وضعنا الصحي عليلة  جواد شفيق
إضاءات حول الخطاب الملكي: " فتدهور الوضع الصحي، الذي وصلنا إليه اليوم مؤسف، ولا يبعث على التفاؤل، و من يقول لك، شعبي العزيز، غيرهذه الحقيقة فهو كاذب " .
 
وضعنا الصحي ليس فقط مؤسف و لكنه تحديدا لا يبعث على التفاؤل.
 وكاذب من يقول غير هذا. 
هل نحتاج إلى إعادة كتابتها على الجدران وتلاوتها  في الساحات و الإذاعات ليعلمها و يعيها الجميع، ويرتب على علمه ووعيه بها ما يخرجه من دائرة المستهترين المتراخين إلى دائرة الملتزمين الحذرين؟؟. و هل يتصور عاقل بأن الملك كان سيصف وضعنا الصحي بما وصفه به،  بصراحة و صرامة، لو لم يكن كذلك و ربما أكثر؟ 
و لذلك...سيكون من سوء التقدير و عسر الفهم و زيادة الوضع الصحي أسفا و تشاؤلا، أن يخرج أي تدبير أو قرار فردي أو جماعي،  رسمي أو شعبي، مؤسساتي أو مدني، حكومي أو قطاعي عن دائرة تصحيح الوضع و اللياقة الصحية لبلادنا، بوقف انتشار الوباء و الحد من تصاعد أرقام ضحاياه ...حتى لا نذهب مجبرين إلى حجر صحي آخر/ كارثة. 
 في غياب الصحة و الأمن الصحي، إذا ما استمرت حالة اللامبالاة القاتلة، و القدرية اليائسة، و العنجهية الجاهلة ، بما يترتب عن ذلك من ضياع في الأجساد و الأرواح و شلل للحركة و النشاط البشري و سريان للألم و الخوف... هل سيكون  في استطاعتنا  حتى مجرد  الحلم بأن الحياة قد تعود يوما لما كانت عليه قبل كورونا ، و هي استحالة قائمة حتى لو رحلت هذه اللعينة؟؟
 طبعا لا .
 الجسم المعتل يبحث عن دواءه و شفاءه أولا...ثم "يستأنف" نشاطه ثانيا. 
إنه لا مجال هنا لمسؤولية طرف دون آخر.  و لا فرق بين مغربي و مغربي إلا ب "تقوى" التباعد والتعقيم ووضع الكمامة وتقليل الاختلاط و الحركة...
كورونا عدو لا يستثني أحدا، و كل واحد محب لنفسه وللناس يلزمه أن يشارك في الحرب عليه،  بالدفاع الذاتي  و لانخراط الجماعي.
إذا كان الأمر على المستوى الشخصي بسيط حد التفاهة  ( كمامة و تباعد و نظافة )، فإن تدبير الأمور على مستوى القطاعات  والمجموعات البشرية الكبرى secteurs de masses  سيطرح لا محالة تعقيدات، ستنشب عنها مشاكل مؤكدة ما دامت كورونا دائمة التجوال في أسواقنا. 
عشنا بألم و ذعر كبير ما وقع بالضيعات و الحقول و المعامل و الأسواق و العيد، بعد المرحلة الثالثة من رفع الحجر الصحي.
 وجاء في خطاب ثورة الملك و الشعب (التي ركز الملك على واجب إحياء روحها الوطنية التضامنية في معركة التحرر من كورونا)  بأن الأعداد تضاعفت بثلاثة مرات و في القطاع الصحي بعشر مرات !!
تجارب دول سبقتنا إلى الوباء، و كثير برامج و دراسات و تحقيقات و تصريحات تكاد تجزم بأن التزاما جماعيا إراديا و حتى قسريا (بالقانون طبعا، إذ لا يعقل مثلا أن تستمر السلطات العمومية المختصة في التغاضي عن إلزامية وضع الكمامة في كل الفضاء العام المشترك)، بالتدابير الفضلى التي لم تخترع البشرية أفضل منها لحد الساعة وهي خفيفة جدا في الميزان ثقيلة جما في ميزان السلامة و الأمن الصحي...بإمكان هذا الالتزام الجماعي أن يعطل قدرات انتشار و استفحال الوباء، و بإمكانه أن يوفر مناخا ملائما لتستعيد الحياة و الحركة و الإنسان بالتدريج  بعض من نشاطهم...في انتظار اللقاح. 
إن أولى أولويات بلد بإمكانياتنا و وسائلنا و بنياتنا، هي أن يحد من الارتفاع المضطرد للمصابين و المتوفين . 
ولأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بالحد من حركية البشر و توجيه سلوكه على الأقل في الظرفية الحالية المتسمة باستمرار ارتفاع الإصابات و الوفيات (و الله وحده يعلم بقصص و أعداد المخالطين و المخالطات)... فسيكون من صميم الفهم الصحيح للتحذير الملكي أعلاه أن نضع هذه الأولوية فوق كل الاعتبارات. 
الدخول المدرسي على الأبواب ، أصدرت بشأنه الوزارة بلاغا أثار سجالا كبيرا.  يتعلق  الأمر هنا بحوالي 10 ملايين نسمة  أو أكثر من التلاميذ و الطلبة،  زد عليهم رجال و نساء التعليم و الإداريون و الأعوان ....و حرية الاختيار بين التمدرس حضوريا أو عن بعد.. تفتح الباب أمام فتح شامل لكل المؤسسات و تشغيل شامل لكل الطاقات.  و مجهود ضخم لضمان تقيد و إعمال جماعي صحيح للاحترازات. 
لذلك سيكون من مصلحة وضعنا الصحي و مصلحتنا الوطنية الفضلى أن نتريث و نرقب تطور الحالة الوبائية و "نزير السمطة" في الأيام و الأسابيع المقبلة....إلى أن نضعف الوحش إلى أبعد الحدود...و حينها ستكون قراراتنا بمنأى عن دوخة كورونا ومشقة تدبير محنتها... يتبع

 
                                                   جواد شفيق / عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية