الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

بوشعيب العسال : حديث عن الرقابة القضائية على الاعتقال الاحتياطي

بوشعيب العسال : حديث عن الرقابة القضائية على الاعتقال الاحتياطي بوشعيب العسال
يلاحظ أنه بعد صدور قانون السلطة القضائية الذي أصل له دستور 2011 ، وبعد أن ورث الوكيل العام اختصاصات وزير العدل في رئاسة النيابة العامة ارتفعت، مؤخرا، أصوات تتحدث عن تغول النيابة العامة في اتخاذ القرارات دون أن تكون هناك آلية تخضع قراراتها للرقابة.
بالطبع فإننا هنا نتحدث عن الرقابة القضائية، أما الرقابة السياسية فهي متروكة للجهات الدستورية المختصة ولا دخل لرجال القانون في ذلك.
ولتناول الرقابة القضائية التي يجب أن تخضع لها أوامر و قرارات النيابة العامة في مجال الاعتقال الاحتياطي ينبغي التذكير أن الجهات التي خول لها المشرع المسطرة الجنائية أصدار أوامر الاعتقال الاحتياطي هم الأشخاص الذين سمتهم الفقرة الأولى من المادة 19 من ق.م.ج الضباط السامين للشرطة القضائية وهم على سبيل الحصر الوكيل العام للملك ووكيل الملك ونوابهما و قاضي التحقيق .
و التساؤل المطروح هل أوامر الاعتقال الاحتياطي الصادرة عن هذه الجهات المختصة تخضع للرقابة أم أن الأمر متروك لسلطة الملاءمة التي خولها المشرع لهذه الجهات ؟
إنه باستقراء مواد المسطرة الجنائية الصادرة سنة 2003 نجد أن المشرع أتى بمستجد جديد يشكل رقابة قضائية على سلطة قاضي التحقيق في مجال الاعتقال الاحتياطي الذي خوله له المشرع، وهذا المستجد يشكل طفرة في مجال حقوق الإنسان على اعتبار أن هذه الرقابة القضائية على أمر قاضي التحقيق بالاعتقال الاحتياطي تعد ضمانة لحرية المتهم غايتها التأكد مما إذا كانت الأفعال المنسوبة للمتهم تستوجب اعتقاله احتياطيا أو إبقاؤه في حالة سراح، وهذا المستجد يتجسد في مقتضيات المادة 223 من ق.م.ج التي نصت على أن المتهم يحق له أن يستأنف داخل ثلاثة أيام الأمر الصادر في حقه بالاعتقال من طرف قاضي التحقيق وهو الأمر المنصوص عليه في المادة 152 من ق م ج والرقابة القضائية للاعتقال الاحتياطي تكون من طرف الغرفة الجنحية برئاسة الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف أو من ينوب عنه وعضوية مستشارين من نفس المحكمة، وهذه الأخيرة و بعد دراسة الملف أما أن تؤيد الأمر بالاعتقال أو تلغيه وتطلق سراح المتهم الذي يمثل بعد ذلك أمام قاضي التحقيق حرا، ويظهر من ذلك أن الغرفة الجنحية أصبحت آلية للرقابة القضائية على الاعتقال الاحتياطي الذي يتخذه قاضي التحقيق، وفي ذلك ضمانة كبيرة للمتهم حتى لا يبقى تحت رحمة سلطة الملاءمة الممنوحة لقاضي التحقيق الذي قد يخطئ فيها أو يصيب مادامت خاضعة لتقييم عمل بشري يحتمل الصحة والخطأ.
لكنه وعلى العكس من ذلك فإن الاعتقال الاحتياطي المتخذ من طرف النيابة العامة - وحسب مواد المسطرة الجنائية- لا يخضع للرقابة القضائية، وتبقى حرية المتهم تبعا لذلك تحت رحمة سلطة ملاءمة النيابة، هذه السلطة قد تخطئ في الزج بالمتهم بالسجن دون أن تكون للأخير إمكانية إلغاء الأمر بالاعتقال داخل أجل قصير إلا عن طريق طلب السراح المؤقت بعد إحالة الملف على محكمة الموضوع .
ونرى أنه ومادام الاعتقال الاحتياطي يتخذ من جهتين مختصتين وهما النيابة العامة و قاضي التحقيق فإنه ومن الغرابة و التناقض أن تخضع إحدى الجهتين للرقابة القضائية وتعفى منها الأخرى.
لذلك فإنه آن الأوان لسن تعديل في المسطرة الجنائية يخضع أوامر النيابة العامة بالاعتقال الاحتياطي للرقابة القضائية من طرف الغرفة الجنحية شأنها شأن أوامر قاضي التحقيق ."
بوشعيب العسال، محام بهيأة بسطات