الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

مرفوق: برنامج مدن بدون صفيح أو عندما يفكر الوزراء في مصالح مقاولاتهم الحزبية أولا ؟!

مرفوق: برنامج مدن بدون صفيح أو عندما يفكر الوزراء في مصالح مقاولاتهم الحزبية أولا ؟! محمد مرفوق
ذكر محمد مرفوق، الكاتب العام للنقابة المستقلة "سماتشو"، ورئيس اتحاد النقابات المستقلة بالمغرب بأن  "سماتشو"  كتبت كثيرا عن البرنامج الوطني "مدن بدون صفيح"، ولم تترك أية فرصة تمر دون  أن تتطرق إليه، كما نبهت مسؤولي الوزارة في عدة مناسبات بالانزلاقات التي شهدها  هذا  البرنامج..
وفي هذا الإطار توصلت "أنفاس بريس" بالورقة التالية التي  يشرح فيها  محمد مرفوق الاختلالات التي شابت برنامج مدن  بدون صفيح:
"لا يسعنا إلا أن نتساءل اليوم: لماذا إدريس جطو، عندما كان وزيرا أولا، كان يرأس لجنة تتبع ملف البرنامج الوطني لمدن بدون صفيح؟.. ولماذا تم تجميد أشغال هذه اللجنة بعد قدوم عباس الفاسي، وزاد الأمر سوءا مع قدوم بنكيران، وخاصة عندما أقنعه حليفه "اليساري الحاج محمد نبيل بنعبدالله"، بأن مهمة القضاء على أحياء الصفيح ليست بالأهم، وجاء بمشروع جديد، أنشأ له مديرية جديدة أطلق عليها إسم: "مديرية سياسة المدينة" اختزلت المهام الأساسية الجديدة للوزارة، والتي انصبت على عمليات التجديد الحضري.. 
لعن الله السياسة!! بالنسبة لبنعبد الله، برنامج "مدن بدون صفيح" لم يكن مفيدا سياسيا، والأموال التي ستصرف فيه لن تفيد حزب "اللامعقول" في شيء..
عكس عمليات التجديد الحضري التي ستستغل لكسب دعم وتأييد الجماعات الترابية المستفيدة، وإقليم الصويرة نموذجا عن ذلك، حيث حصل الحزب على مقعد برلماني بعد أن تم تمويل أكثر من 20 عملية في هذا الإطار بالنسبة لجماعات مختلفة داخل الإقليم.. 
وهذا التغيير في سياسة الوزارة كان له هو الآخر دور في تعطيل إنجاز برنامج "مدن بدون صفيح"، يتحمل فيه بنعبدالله كل مسؤولياته..
ذاكشي علاش عندنا في المغرب، حكومة الأحزاب صعيب عليها ترفع التحديات الوطنية ما دام العديد من وزرائها يفكرون في مصالح "مقاولاتهم الحزبية" على حساب مصلحة الوطن، هذا إن لم يكن البعض منهم يهتم أكثر بمصالحه الخاصة والفردية..
وغالبا ما يحاول الكثير منهم استغلال المال العام لكسب مزيد من الأصوات الانتخابية لفائدة حزبه.. يمكن احنا في المغرب، مازال محتاجين إلى حكومات مستقلة غير منتمية إلى حين بلوغ درجة أكبر من الوعي لدى الجميع، مواطنين ومسؤولين"..  
هكذا إذن  كشف المجلس الأعلى للحسابات  بلجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب عن مجموعة من الاختلالات التي شابت برنامج "مدن بدون صفيح" الذي أطلق سنة 2004 وكان من المنتظر أن ينتهي في سنة 2010، لكنه لحدود اليوم لم ينته.
وأوضح المجلس في عرضه لنتائج تقرير المهمة الرقابية التي أجراها بخصوص هذا البرنامج بين عامي 2004 و2018 أن الأهداف المسطرة كانت طموحة، لكن تبين أنه يصعب تحقيقها نظرا لتعقد الظاهرة، فهي راسخة ويصعب استئصالها.
وأضاف المجلس أن النهج المتبع لتحسين الظروف المعيشية للأسر الفقيرة غير متكامل إذ يرتكز على فرضية أن تحسين ظروف المعيشية للسكان يقتصر حصرا على توفير سكن لائق، دون أن يتم النظر في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، أو تقديم الأجوبة عن العجز الاجتماعي والاقتصادي للأسر التي تظل دون التوفر على الخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والصحة، إضافة إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار التشغيل والإدماج المهني للسكان.
كما سجل المجلس كذلك  أن هناك تلبية غير مناسبة لحاجيات المستفيدين، وتتجلى في ظاهرة الانزلاق التي تعني الفرق بين نسبة المستفيدين الفعليين والمستفيدين المخطط لهم، فقد كان الهدف الأصلي في سنة 2004 هو استفادة 270 ألف أسرة، لكنه ارتفع في سنة 2018 إلى ما يفوق 472 ألف أسرة، ما يعني تطورا كبيرا في ساكنة الأحياء الصفيحية.
كما توصل تقرير المجلس إلى أن الإقامة في هذه الأحياء، تشكل فرصة للعديد من المواطنين للاستفادة من البقع، وأن بعض الناس يبحثون عن سكن رخيص ويجدون ضالتهم في السكن الصفيحي، مشيرا إلى أن ربع البقع المستفاد منها يتم بيعها.
وفي نفس السياق توقف تقرير المجلس على أن البقع التي يتم منحها للمستفيدين تتحول بدورها إلى أحياء صفيح، خاصة مع غياب الزجر والوضوح في المسؤوليات عن مراقبة انتشار دور الصفيح، وعدم تحديد المسؤولين المختلفين وضعف هيئات الحكامة، فلجنة التتبع التي يرأسها رئيس الحكومة تم تجميد أنشطتها منذ البداية.
ونبه المجلس إلى غياب قاعدة بيانات في الوزارة المعنية عن المستفيدين من البرنامج، ما يعني إمكانية استفادة الشخص أكثر من مرة وفي أكثر من مدينة، كما أن الدولة لم تعد تتوفر على الوعاء العقاري الكافي أمام حجم الحاجة.
وبخصوص نتائج البرنامج، فقد لفت المجلس الأعلى إلى أنه قد تم تغيرها عدة مرات، مع عدم الوفاء بالمهل المحددة منذ 2010، ما جعل البرنامج يتحول لمجموعة من الإجراءات التصحيحية للأسر القاطنة في أحياء الصفيح.
ولم يحقق البرنامج سوى 60 في المائة من الهدف المسطر، أخذا بعين الاعتبار الزيادات السنوية للأسر في هذه الأحياء والتي تقدر ب10 آلاف و600 أسرة كل سنة.
وأكد التقرير أن بعض المدن أعلنت مدنا بدون صفيح دون استيفاء كل الشروط، ففي 2018 أعلنت 59 مدينة من أصل 85 بدون صفيح، إلا أن هذا الإعلان يكون سهلا في المدن الصغيرة، في حين أن المشكل الأكبر يوجد في المدن الكبيرة، وبالتالي فالمعيار العددي يبقى نسبيا.
ويصل عدد الأسر المستفيدة من البرنامج حوالي 363 ألف أسرة، في حين لا تزال 109 آلاف أسرة لم تستفد بعد، لأنها معنية بوحدات لا تزال قيد الدراسة أو غير مبرمجة لغياب الحل العقاري.
وأوصى المجلس في الأخير بضرورة ضبط أعداد المستفيدين، والتوفر على قاعدة بيانات، واحترام آجال تنفيذ العمليات والبرامج، منبها من نقل السكان لمنطقة لا يوجد فيها أي نشاط اقتصادي، وهو حل للمشكل بمشكل، مشددا على ضرورة توفير الخدمات الأساسية، التي يلاحظ أنها تتأخر في هذه الأحياء.
وختم ادريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات بالتأكيد على خلاصة أساسية مفادها  "أنه ما دامت دور الصفيح هي مدخل للحصول على سكن في المغرب، مع استمرار الهجرة القروية فإن ظاهرة أحياء الصفيح ستكرر نفسها وبالتالي  ستظل أزمتها  قائمة.