السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

احداف: حتى ولو كان إفراغ مكتب المحامي مطابقا للقانون فلا يجب أن يتم بذلك الشكل المخجل

احداف: حتى ولو كان إفراغ  مكتب المحامي مطابقا للقانون فلا يجب أن يتم بذلك الشكل المخجل محمد أحداف ومشهد من مكتب المحامي الطالبي بعد إتلاف مستنداته
 خلفت العملية المثيرة لإفراغ مكتب الحسين الطالبي،محام بالدار البيضاء، في زمن الحجر الصحي نقاشا حادا بين  مدافع عنها باعتبارها تنفيذا  لقرار اداري صادر عن مقاطعة سيدي بليوط وليست قرارا قضائيا؛  وبين من يعارض ذلك ويدفع بأن الأمر كان  يقتضي احترام  الفقرة الاخيرة من المادة 59 من قانون مهنة المحاماة 28.08 التي تقضي" بأنه لا يمكن تنفيذ حكم إفراغ مكتب محام إلا بعد إشعار النقيب واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان مصالح موكليه".
في هذا الإطار تقدم  "
أنفاس بريس"  القراءة التالية للدكتور محمد احذاف أستاذ العلوم الجنائية بكلية الحقوق بمكناس  :
 
أعتقد بداية بأنه بخصوص مسألة  إشعار النقيب يجب الانتباه إلى أنه بعد القراءة للفقرة الأخيرة من المادة 59 من قانون مهنة المحاماة يتبين أنها تشير إلى أن تفعيلها  يتم  إذا تعلق الأمر  بحكم قضائي؛  لكن يطرح السؤال من زاوية تنفيذ نطاق الشق الأخير من المادة 59 والذي  أوضح  بشكل لا يقبل الشك كما قلت، بأن  تفعيل إشعار النقيب مرتبط بالحالة   التي يكون فيها تنفيذ الافراغ  بموجب الأحكام القضائية وبالتالي فهذه الاحكام لا تمتد لتشمل الافراغات الإدارية! 
ومع ذلك فإن ما شاهدناه يعد شيء مخجلا ؛إذا علمنا أن الامر لا  يقف عند حدود مكتب محام فقط ؛ بل الأمر يتعلق  أكثر من ذلك بوثائق لها قيمتها القانونية حسب الأحوال، ولا يجوز نقلها بتلك الطريقة المخزية ورميها في المستودعات دون حماية ولا حراسة. كما أن الافراغ  تم أيضا  في ظل عدم وجود مفوض قضائي  يقوم بإنجاز لائحة حصرية وتعداد تلك الملفات والوثائق لدى مكتب الأستاذ المحامي الذي نفذ عليه الإفراغ!! خاصة و أنه توجد ضمن الوثائق العشرات من الشيكات  ! وحتى إذا  فرضنا أن الأمر يتعلق بإفراغ اداري وليس بتنفيذ حكم قضائي؛ فإن الطريقة المستعملة  في  ذلك سوف ينتج عنها فتح متابعات جنائية تتعلق  بتبديد وثائق رسمية  ؛ ويمكن أن تقود دراسة وقائع الملف الى المحاكمة إثر ثبوت إتلاف العديد  من الوثائق.
ولهذا  اؤكد مرة أخرى بانه إذا كان الموضوع  لا يتعلق  بتنفيذ الأحكام القضائية وإنما  بتنفيذ مقرر إداري ؛فكان مع ذلك من الواجب على كل من له علاقة بالملف حرصا على حماية حصانة الأستاذ المحامي أن يقوموا تلقائيا بتجاوز غياب النص القانوني وربط الاتصال اما برئيس  المحكمة الابتدائية او وكيل الملك او بأحد زبناء المحامي المعني  بالأمر لوضعهم  في الصورة والتريث  ريتما  يتم استخراج التدابير الملائمة صونا للعشرات والمئات من الوثائق السرية للمواطنين وغيرها من الوثائق الجديرة بالحماية ؛ ولا تتم عملية إفراغ  مكتب محام  بتلك الطريقة المخجلة كما رأيتها  في شريط  فيديو ؛ حيث تم التعامل مع وثائق  المواطنين بذلك الشكل المخزي.  فكان يجب على الأقل الاجتهاد  في اتخاذ تدابير مواتية، وكان  الأمر يقتضي من عامل العمالة أو ممثل السلطة والمنتخبين والقائمين  على عملية الإفراغ أن يأخذوا بعين الاعتبار بهذه الأبعاد المختلفة؛ لأن المحامي،في نظرنا نحن فقهاء  المسطرة الجنائية، يعتبر مستودعا لأسرار الناس؛ وأتصور لو كانت ضمن الملفات وثائق ترجع  إلى ثلاثينيات وأربعينيات  القرن الماضي؛ أو وثائق  عدلية تتعلق بملكية عقارات، فكيف يمكن إعادة استنساخ  مثل هذه الوثائق والتي ضاعت أو لحقها تلف؟؟  فما تم، يدخل في إطار ما يسمى جريمة إتلاف وثيقة رسمية، التي  يتابع كل من تسبب فيها و ثبت ارتكابه لها.
 لهذا انا شخصيا أعتبر إتلاف الوثائق  عملا اجراميا، وعلى المسطرة أن  تأخذ مجراها  إلى أبعد مدى حتى تصل الى النتائج القانونية الممكنة في هذا الباب.