الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: مونولوغ بمثابة نقد للذات

مصطفى المنوزي: مونولوغ بمثابة نقد للذات مصطفى المنوزي
 علينا بين الفينة وأخرى التفاعل مع آلية المونولوغ أي المحادثة مع الذات، من خلال طرح بعض التساؤلات التوليدية: لماذا أغلب أعلامنا يغامر  ويركزعلى سؤال من يحكم المغرب؟ وأي سلطة بالذات يقصد؟ هل يخطر في البال أن من يتحكم في الحقيقة الإعلامية ليست المنابر ولا الوسائط ؟ فمن يسوغ تفاصيلها (الحقيقة) سوسيولوجيا؟ ومن يملك هندسة الإعلام؟ مالكو السلطة المالية أم مستشاروهم وخبراؤهم، المثقفون أوالأكاديميون الأمنيون؟  
ومن يملك هذه السلطة الرابعة افتراضا؟ من يخطط ومن ينفذ؟ ما هو حجم وشكل إمتداد الطابور والهيكل والبنية؟ كم هي درجة الإستقلالية والنزاهة والموضوعية، المستهدفون أم محتكرو السلطة السياسية، ومن هم؟ التحالف الطبقي السائد والحاكم، أم الخصوم والمعارضين؟ وما هو الحل؟ هل الحرب الإقصائية والفضائحية؟ هل بوسائل القانون و الدمقراطية،كيف؟ دمقرطة الدولة والمجتمع، أي خوض صراع فكري سياسي مجتمعي بواسطة دمقراطيين، بمعنى أوضح؟ هل نؤمن أنه لا دمقراطية بدون مشروع مجتمعي يصوغه ويناضل من أجله تفعيله دمقراطيون.
وهل سيفلحون؟ أنظر استراتيجيتهم وتاريخ نضالهم.
وهل أحزابنا  الوطنية أو التاريخية  توجد ضمن الفاعلين الرئيسيين أم مجرد كمبارس يكمل النصاب في المشهد ويؤدي وظائف ثانوية تضفي التزكية والشرعية على ما يجري؟ هل لازالت هذه الأحزاب حية بقدرحياة الفكرة المؤسسة للمشروع السياسي والثقافي لديها؟  بنفس ثوري أو إصلاحي أو إنتخابي حتى؟ كم تحتل الاسترايحية الإعلاميةفي السياسة الحزبية ؟ هل مات الإعلام الحزبي أم أن العمل الحزبي هو الذي مات، أم الأحزاب نفسها من ماتت وانقضت؟ مامسؤولية الأحزاب نفسها؟ ما حجم مسؤولية الدولة وآلياتها الأمنية والإعلامية؟ هل الموت سريري، أم هو إغتيال مادي أم رمزي وتمويت معنوي؟ 
إن التفاعل مع هذه الأسئلة يقتضي إبراز دور الحقيقة الإعلامية في فرض أمرواقع تخلف فيه التفكيرالنقدي والتشخيص العلمي، فمثقفونا لم يبادروا بعد إلى تفسير ظاهرة إنقضاء الثقة، بين المجتمع والسياسة، بين العمل الحزبي والعمل الإجتماعي، بين التأطير والعفوية، بين القيادات والقواعد داخل التنظيمات نفسها.
ويبدو أن موت الحاجة إلى وساطات  بين الدولة والمجتمع، له  خلفيات وأسباب ذاتية وموضوعية، ولكن لابد من تسجيل أن نجاعة دورالآلة الإعلامية هي الحاسمة، فهي التي تعمق الأسباب الحقيقية وتؤجج  فداحتها، وتكرس الهشاشة وتقمع التفكير، وتثبط العزائم، وهنا لامناص من الجزم ان لسقوط جداربرلين دوره، يضاف إليه صعود المد المحافظ المعولم، بالإضافة الى تخلي الأحزاب الدمقراطية أو التقدمية عن البعد الإجتماعي  في البرامج والهويات الحزبية، وتحويل الاحزاب الإشتراكية والشيوعية إلى مجرد وكالات إنتخابية، واعية بسقف يحدد ويتحكم في الخريطة السياسية، بفعل  نمط الإقتراع.
كل هذا يمكن إعتباره  نوعا من العوامل المكرسة لإرادة إدماج المعارضات في دواليب الحكم  دون أن تحكم فعليا، حيث الحكومة ليست سوى مؤسسة دستورية تحضن موظفي الدولة او موظفي الملك، لا فرق، في ظل نظام  يصعب ان يكون وراثيا ودمقراطيا في نفس الوقت.
صحيح أن لكل أمير محاسنه ومساوؤه ما عدا أمراء الدم، وأمراء ليسوا فقط حاملوا السيوف والأحزمة الناسفة؛ بل بعض متأبطي الأقلام القاتلة سياسيا ورمزيا؛ بإسم  سلطة مغتصبة للحق في الإختلاف والحق في الإعتقاد؛ من هنا وجبت الحيطة، فالإعلام الحر قد يكون مستقلا عن  الحزبية دون السلطة العمومية وسلطة المال، والإعلام شكل على امتداد التاريخ الوطني، خصوصا في العهد الجديد، أحزابا قائمة الذات ومحاكم تفتيش ومنصات للاتهام  وللمحاكمة والإعدام.
فكما للدولة أحزابها الإدارية والسياسية فلها أحزابها الإعلامية والأمنية والدينية، كمؤسسات لتنفيذ مدونة مقتضيات القانون الناعم.
وهذا ينبغي الوعي به وتمثله.