الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

في ندوة بمكناس: التعليم عن بعد ضرورة ملحة لتطوير المنظومة التعليمية ومواجهة التحديات

في ندوة بمكناس: التعليم عن بعد ضرورة ملحة لتطوير المنظومة التعليمية ومواجهة التحديات التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا

نظمت مجموعة مدارس المنبع الأزرق بمدينة مكناس، ندوة رقمية، حول موضوع التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا، أشرف على تسييرها كل من الشاعرة فاطمة فكري، والمدير التربوي بالمجموعة نور الدين قزابري، والذي عرف مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين، والمهتمين بالشأن التربوي، في إطار الأسبوع الثقافي الافتراضي الذي تنظمه المؤسسة.

 

استهلت الندوة الرقمية بمداخلة مولاي علي الراشدي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة مولاي اسماعيل بمكناس، أكد من خلالها أن المغرب مطالب ومن أجل الحفاظ على مكانته في سلم الترتيب الدولي لابد له من مسايرة جميع التطورات، سواء على المستوى التكنلوجي، أو على مستوى وسائل التواصل الحديثة؛ مضيفا بأن التعليم عن بعد له أهمية قصوى لكونه يشكل رهان مستقبلي، وأصبح ضرورة ملحة وليس اختيار، لمواكبة التطورات التي يعرفها العالم، وأشار أن التعليم عن بعد الذي اعتماده في ظرف استثنائي أبان عن أهميته من خلال ضمان استمرارية التحصيل التربوي، وتزويد المتعلم بدروس، وبرامج، وفيديوهات يمكن العودة إليها عند الاقتضاء.

 

العديد من التقارير تشير أن شفافية مناخ الأعمال، وشفافية الاقتصاد يحب أن يقوم على الإدارة عن بعد، لأن الإدارة عن بعد وضمنها التعليم عن بعد تساعد على التخفيف من التكاليف، وربح الوقت الذي يعد عنصرا أساسيا من عناصر التنافسية، مضيفا بأن المقاولة التي تسعى إلى تقوية مناعتها لابد أن تلجأ إلى مثل هذه التقنيات، وبالتالي فالتعليم عن بعد لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة ملحة .

 

ودعا الراشدي إلى ضرورة تكوين الأساتذة على استعمال آليات التواصل الرقمي من أجل تطوير التعليم عن بعد في المغرب، وتمكين جميع التلاميذ من الولوج إلى الإنترنيت بشكل مجاني، وتمكينهم من اللوحات الإلكترونية والهواتف الذكية، وخلق قناة تربوية تكميلية للدروس الملقاة حضوريا، منتقدا غياب التفاعل عبر الدروس التي تم بثها عبر الإذاعات والقنوات التلفزية.. كما دعا إلى اعتماد دروس تفاعلية حتى ولو كانت مسجلة، مع منح إمكانية للتلاميذ والطلاب للرجوع إلى هذه الدروس عند الاقتضاء.

 

من جهته أشار هشام ناصر (صحفي بجريدتي "الوطن الآن" و"أنفاس بريس"، وباحث جامعي)، أن التعليم عن بعد يعد مكسبا مهما من أجل تطوير المناهج التعليمية، كما توقف عند الارتباك الحاصل لدى الوزارة الوصية على القطاع في ما يتعلق بالتعاطي مع موضوع التعليم عن بعد، وهو المعطى الذي يتجلى -حسب المتحدث- في عدم إجراء أي مشاورات مع مختلف الجهات المتدخلة في القطاع وضمنها جمعيات الآباء التي كان بإمكانها أن تدلي بدلوها في الموضوع، وأن تساهم في تسليط الضوء على عدد من الإكراهات التي قد تواجه التعليم عن بعد، مع تقديم الحلول والاقتراحات المناسبة، إلى جانب أهميتها في التعبئة والتحسيس بأهمية التعليم عن بعد في أوساط الأسر المغربية؛ مشيرا إلى أن افتقاد الكثير من التلاميذ والطلبة للحواسيب والتجهيزات التقنية، فضلا عن البطء الشديد للإنترنيت، كان له تأثير كبير على التحصيل. كما تساءل ناصر عن عدم إشراك الشركات الفاعلة في الاتصال في إنجاح التعليم عن بعد، حيث أن الولوج إلى المنصة الإلكترونية التي اعتمدتها الوزارة، إلى جانب باقي الوسائط الرقمية، لم يكن متاحا بالمجان، وهو الأمر الذي حاولت الوزارة تداركه عبر تعبئة القنوات التلفزية العمومية في مرحلة أولى، وعبر إتاحة الولوج المجاني للمنصة الإلكترونية في مرحلة جد متأخرة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على مواكبة التلاميذ للدروس، خصوصا في المناطق القروية التي تعاني من غياب شبكة الإنترنيت، ناهيك عن واقع الهشاشة المتفشي داخل الأسر المغربية، وعجزها عن ضمان تعبئة الإنترنت بشكل متواصل، وهو الأمر الذي شكل ضربا لمبدأ تكافؤ الفرص؛ كما سيؤدي -يضيف- إلى تعميق الفوارق الاجتماعية.

 

كما لفت الانتباه إلى كون الإرادة في الحضور في التعليم عن بعد غير منظمة وغير مضمونة، وغير مراقبة سواء تعلق الأمر بالأساتذة أو بالتلاميذ، ناهيك عن كون عدد هام من الأسر المغربية تفتقد لإمكانيات تتبع ومواكبة دراسة أبنائها عن بعد بسبب تدني مستواها التعليمي أو بسبب انشغال أرباب هذه الأسر بتوفير لقمة العيش لفائدة الأبناء، أو بسبب ما يطرحه السكن غير اللائق من اكتظاظ لأفراد الأسرة والذي لا يسمح بتوفير الشروط الضرورية لمتابعة الدراسة عن بعد (الهدوء، إمكانية الخلوة بالذات..) وهو ما يجعل من الصعب القول بكون التعليم عن بعد يشكل بديلا للتعليم الحضوري.

 

بالمقابل أشارت أسماء مقاس (باحثة في القانون الدستوري والإداري بجامعة الحسن الأول بسطات)، أن التعليم يعد رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف المجالات، سواء الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية أو البيئية لما له من دور حاسم في تأهيل العنصر البشري حتى يستطيع أن يساهم بفعالية في خلق الثروة.. مضيفة أن المنظومة التعليمية في المغرب عرفت تحولا مهما في السنوات الأخيرة، من النمط التقليدي إلى النمط العصري باستخدام الإنترنيت والوسائل الرقمية.. مؤكدة على أهمية تحديث ورقمنة المنظومة التربوية وتبني التعليم عن بعد بطريقة فعالة، باعتباره شأن مجتمعي يعني جميع القطاعات، وهو ما يفرض على الدولة مواكبة التعليم عن بعد من أجل إنتاج كفاءات وموارد بشرية مواكبة للتحولات الرقمية والتكنولوجية.