الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد بعزيز: التمديد والارتباك والاحتقان

سعيد بعزيز: التمديد والارتباك والاحتقان سعيد بعزيز
تمدد ابتداء من يومه الأربعاء 20 ماي 2020 من الساعة السادسة مساء، مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني، إلى غاية يوم الأربعاء 10 يونيو 2020 في نفس التوقيت، وذلك بناء على المرسوم رقم 2.20.371 الصادر في 19 ماي 2020، والمنشور في الجريدة الرسمية بنفس التاريخ.
وقد حافظت الحكومة في ديباجة هذا المرسوم، على الاستناد على ما تقتضيه ضرورة الحرص على الحفاظ على فعالية الإجراءات والتدابير المتخذة لمواجهة تفشي فيروس كورونا ـ كوفيد 19، مما يوحي أن كل التدابير والإجراءات المتعلقة بتطبيق الحجر الصحي أدت إلى تحقيق نتائج إيجابية، وأنقذت البلاد من الأسوأ، جراء التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية خلال حالة الطوارئ الصحية، وبالتالي استقرار الحالة الوبائية ببلادنا، والتحكم فيها، وهو ما يتطلب مواصلة نفس الإجراءات والتدابير ضمانا لاستقرار المجتمع وسلامة وأمن أفراده، في أفق خروج بلادنا من هذه الظرفية الحرجة بأقل الخسائر.
لكن بالمقابل، هناك ارتباك كبير في الأداء الحكومي، على مستوى تدبير الدعم الذي يقدمه الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد ـ 19"، لفائدة الفئات التي تعاني من الهشاشة، حيث أعلنت في البداية عن استهداف كل المسجلين في نظام التغطية الصحية "راميد" برسم شهر دجنبر 2019، والعاملين في القطاع غير المهيكل، وفجأة يتدحرج الدعم من الشمولية، إلى الارتكاز على أبحاث السلطات المحلية، وفق تصريح الحكومة، وإصدار قرارات وزارية تحرم بعض الأصناف المهنية، منها الفلاحون،  فما المانع من عدم اعتماد معيار البحث الاجتماعي المجرى من طرف السلطات المحلية منذ البداية، دون إعلان معايير أخرى التي كرست الضبابية لدى المستهدفين، وأربكت الحكومة؟
وأين يتجلى الالتزام الحكومي بالوضوح والشفافية في التواصل مع المواطنات والمواطنين، بخصوص كل الإجراءات التي تهم التعاطي مع "فيروس كورونا"؟
أليس من العدالة أن يشمل الدعم كل الأشخاص الذين تتوفر فيهم المعايير المحددة بطريقة ديمقراطية وشفافة، من قبيل التسجيل في نظام التغطية الصحية "راميد"؟
إن كانت بعض الأطراف السياسية في الحكومة لا تتحرك إلا بالاحتجاج، فلتعلم أن هذا الوطن الجريح مسؤوليتنا جميعا، والحفاظ على أمنه واستقراره تاج فوق رؤوسنا، وليتحمل رئيس الحكومة مسؤوليته، في معالجة تداعيات هذه الجائحة على المستوى الاجتماعي، سيما ما يتعلق بالدعم الاجتماعي الموجه للأسر الفقيرة والهشة والمستهدفة عن طريق نظام التغطية الصحية "راميد"، والعاملين في القطاع غير المهيكل، وليعمل على إيصال الدعم إلى جميع المعنيين، دون حيف أو تمييز.
إن عدم الاكتراث بضحايا التدبير الحكومي لملف الدعم، يشكل تهديدا مباشرا للأمن والتماسك المجتمعيين، ويعتبر تحديا أساسيا في توفير مقومات الحق في العيش الكريم من أجل تفادي الوقوع في ما لا تحمد عقباه، ولعل الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته بعض المناطق في الأيام الثلاثة الأخيرة لخير دليل على عدم الرضى على التدبير الحكومي لملف الدعم.
فالمعيار الوحيد، العادل والمشروع، هو التسجيل في نظام التغطية الصحية "راميد" أو القطاع غير المهيكل، ولا شيء غير ذلك.
والتراجع عن ذلك، يؤثر سلبا على فعالية الإجراءات المتخذة منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية في نسختها الأولى، وما عرفته البلاد من خطوات ومبادرات استباقية، ذات طابع وقائي وحمائي.
فحكمة القرارات الملكية المتخذة لتفادي تفشي هذه الجائحة، ساهمت في الانخراط الشامل للمواطنات والمواطنين بكل مسؤولية وحس وطني، في التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية خلال حالة الطوارئ الصحية، ومكنت بلادنا من ربح رهان إعادة الثقة في المؤسسات، وعودة مبادئ وقيم التضامن والتآزر إلى المجتمع المغربي، فوصلت إلى التحكم في الحالة الوبائية وضمان استقرارها، في أفق الخروج إلى بر الأمان.
لذلك، فالحكومة مسؤولة على الاستمرار في بناء عنصر الثقة، عبر تحويل الدعم المقدر في المرحلة الراهنة بـ 4,2 مليار درهم من الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا "كوفيد ـ19"، بشكل عادل ومنصف، إلى من كل يستحقه فعلا، حتى لا يعصف تهاونها في المراحل الأخيرة بالأمن المجتمعي.
وتخصيص البوابة أو المنصة الإلكترونية www.tadamoncovid.ma من أجل تلقي الشكايات المتعلقة بعدم التوصل بالدعم، والبت فيها بشكل كامل بعد القيام بالتدقيق اللازم بين كل القطاعات الحكومية المعنية، ينبغي أن تكون مجرد وسيلة لتعميم الدعم، بدل الاستمرار في الإقصاء والتهميش، فالفئات الهشة والفقيرة لا تتظلم حتى تكتوي بمختلف أشكال الألم والمعاناة والحكرة.
وطننا مسؤوليتنا جميعا، فلنكن قدر المرحلة، ولنتحمل المسؤولية.