الثلاثاء 23 إبريل 2024
كتاب الرأي

الدكتور البصراوي علال: تمارة ليست إمارة سلفية

الدكتور البصراوي علال: تمارة ليست إمارة سلفية البصراوي علال
فوجئ الرأي العام الوطني بما قام به المجلس الجماعي لمدينة تمارة من تسمية عدد من فضاءات المدينة باسماء مشرقية:ابو بكرة،تركي الغامدي،احمد القرني،أحمد الحواش، حفيظ الدوسري،حسين الشامر،الاقرع بن حابس.. وغيرهم كثير. ما جعل هذه المدينة تبدو - من هذه الناحية-كانها ليست مدينة مغربية، مع انها توجد وسط البلاد،بل ومحاديةللعاصمة وكانت حتى وقت قريب جزءا منها.
وعند البحث في الاشخاص المحتفى بهم باطلاق اسمائهم على فضاءات عامة بهذه المدينة، تبين انهم دعاة وقراء...جلهم غير معروفين لدى عامة المغاربة الذي هم اساسا المستهدفين بتسميات الشوارع والساحات وغيرها.
وتثير هذه الواقعة عددا من الملاحظات والافكار نعرض لها فيما يلي:
إن مسالة تسمية الفضاءات العمومية وما ينتج عنها من جدل واختلاف وحتى صراع، ليس أمرا جديدا، بل هو قديم، وكان دائما مهما، بالنظر إلى الحمولة الثقافية التي يحملها كل اسم، والتي يسعى من يحاول اطلاقه على فضاء عمومي إلى تمريره كخطاب للمجتمع وللأجيال المقبلة.
ولهذا كانت فرنسا قد اتخذت من بين قراراتها الأولى، عندما استعمرت المغرب، تسمية عدد من الشوارع والساحات باسماء مفكريها وسياسييها وعسكرييها في اهم المدن المغربية. وردت الحركة الوطنية على ماقامت به فرنسا باطلاق اسماء وطنية. بل إن الشعب نفسه كان ولازال يطلق أسماءه الخاصة والشعبية البديلة عن الاسماء الرسمية حين لاتعجبه.
ونظرا لأهمية الموضوع فإن المشرع حاول تنظيمه.
وهكذا نصت المادة 92 من القانون التنظيمي14-113 المتعلق بالجماعات  على أن مجلس الجماعة يفصل بمداولاته في القضايا التي تدخل في اختصاصات الجماعة. وذكر من بينها:تسمية الساحات والطرق العمومية.
ونصت المادة 118من نفس القانون على أن لاتكون مقررات المجلس الثالية قابلة للتنفيذ إلا بعد التاشير عليها من قبل عامل العمالة أو الاقليم او من ينوب عنه داخل اجل عشرين يوما من تاريخ التوصل بها من رئيس المجلس.وذكر من بين تلك المقررات المقرر المتعلق بتسمية الساحات والطرق العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريفا عموميا اوتذكيرا بحدث تاريخي.
ولمزيد من الضبط والتقنين صدر مرسوم ثالث يوليوز1917 بتحديد مضمون نظام العنونة. ونصت مادته الخامسة على انه يجب ان يكون اختيارتسميات الساحات والطرق العمومية معللا وألا يستند إلى دوافع شخصية أو يكون مرتبطا باستغلال مواقع النفوذ والامتياز، كما يجب الاتكون التسميات المذكورة مخالفة للنظام العام والاخلاق الحميدة.
في ضوء هذه النصوص أثير النقاش حول تسمية بعض الفضاءات العمومية بمدينة تمارة. ولعل أكثر الاسئلة ملحاحية لدى الراي العام الوطني تتعلق اساسا بالدوافع التي جعلت المجلس الجماعي لهذه المدينة يلجا الى استيراد أسماء أشخاص سلفيين من مجتمعات أخرى، بعضها متطرف جدا -مثل احمد النقيب الذي يكره شيئا اسمه حقوق المراة ، وسبق  له ان افتى بقتل معارض لمجرد انه خارج المذهب-عوض اعتماد أسماء لشخصيات وطنية ، تاريخية أو معاصرة ، لمفكرين وسياسيين وعلماء، وهم كثر.كيف لنا أن نتجاهل هؤلاء ونحتفي باشخاص من مجتمعات اخرى لمجرد انهم يلتقون مع من اتخذوا القرار في التصور الفكري او الايديولوجي؟
ان المسؤولية على راس مجلس منتخب لاتعطي لصاحبها،شخصا او حزبا، الحق في فرض اختياراته على المجتمع الذي هو سابق عليه وباق بعده. ولو سمح بعكس ذلك لاصبحت مؤسسات البلاد ومدنها امارات يتصرف فيها المسؤولون وينشرون فيها ماشاؤوا من افكار ورؤى واسماء فيتوزع الوطن وتضيع هويته.
اننا بالتاكيد لسنا ضد اسماء المشارقة لمجرد انها كذلك. فالمئات من ساحاتنا وشوارعنا ومؤسساتنا-خاصة التعليمية-تحمل اسماء مشرقية ، وحتى غربية،تاريخية او معاصرة. لكن كلها لعظماء في مجالاتهم: عمر بن الخطاب، الغزالي، ابن رشد، ابن خلدون، المتنبي، طه حسين ، محمد عبده .. وغيرهم كثير.
والمغاربة يحتفون بهذه الاسماء بل ويفخرون بها، لأنهم لايجدون بها مايتعارض مع هوية مجتمعهم المنفتح والساعي الى الحداثة والديمقراطية وحقوق الانسان، وهو مالايومن به أولئك الذين احتفى بهم المجلس الجماعي لتمارة.
 
الدكتور البصراوي علال، رئيس حركة الخيار الثالث