السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

عبد الالاه حسنين: نفسية الأطفال في زمن الحجر

عبد الالاه حسنين: نفسية الأطفال في زمن الحجر عبد الالاه حسنين، ومشهد لأطفال
إن ما يقع اليوم عبر العالم من حجر صحي واجتماعي وإجراءات احترازية وقواعد الانضباط والطوارئ نتيجة الوباء القاتل؛ هو إجراء قاسي على جميع المغاربة وعلى اقتصاد البلد ليس الآن فقط ولكن فيما بعد، ولم يكن لهذا الوضع مثيل في تاريخنا ولم يسبق لنا أن عشنا هذه التجربة، وحتى من الناحية الثقافية ليس من السهل على المغاربة الانضباط الكلي للقواعد الاحترازية التي قننتها الدولة حفاظا على سلامة المواطنين من جهة وفي مواجهة استباقية وناجعة لهذا الوباء حتى لا يتفشى بشكل كبير من جهة أخرى.
ومن هنا فإن التكلفة النفسية لهذا الحجر كبيرة جدا لاسيما بالنسبة للفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا، وتداعياتها عميقة الآثار وخطيرة على الصحة النفسية للأطفال كتلاميذ مع أساتذتهم وكأطفال مع آبائهم. فمن جهة قلص الحجر بشكل واضح الحريات الفردية لجميع أفراد العائلة بل وقيدها، وزرع الرتابة والملل بين صفوفهم بعد حوالي 55 يوما بين الجدران ونعرف أن الملل يولد الخوف من المستقبل. ومن جهة ثانية فالحجر منع الأطفال من وقتهم الحر وحرمهم من اللعب مع أقرانهم ومن الحوار حول مواضيع لا تسمح بها لا الفضاءات التعليمية كمؤسسة نظامية ولا البنيات العائلية كمؤسسة محافظة ومتحفظة على كثير من المواضيع. فأصبح التعليم عن بعد بمختلف أسلاكه وشعبه يظهر للبعض وكأنه لوحده المسؤول عن تنشئة وتربية وتعليم الأطفال خلال هذه المرحلة، وهذا غير صحيح بتاتا.
وحتى نجنب نسبيا أطفالنا ويلات الحجر الصحي لابد لنا من مجهود كبير للاستماع إليهم في هدوء، والعمل على إبعادهم من القنوات التلفزية والأخبار المتكررة والمرتبطة بفيروس كورونا المستجد وكذلك الأخبار الكاذبة للكثير من المواقع والتي تساهم في انبعاث الخوف وحدوث القلق والكآبة والتفكير فقط في النتائج الكارثية. كتب الأستاذ محمد المذكوري في مقال سابق عن الحالة النفسية للأطفال داخل الحجر ما يلي:
(ما سيبقى في ذاكرتهم عن هذه الفترة الاستثنائية ليس ما درسوه وإنما ما عاشوه وشعروا به في هذه التجربة، وما يحتاجه الأطفال الآن هو الشعور بالطمأنينة والراحة والحب، هم بحاجة للشعور بأن الأمور ستعود إلى طبيعتها وعلينا أن نقنعهم بأن ما يحدث تجربة علينا أن نتعلم منها القدرة على الصبر، على المواجهة، على التحمل).
إن ردود فعل الراشدين تجاه الأطفال بدون وعي كثيرا ما يكون لها آثار سلبية، سواء داخل الفصل الافتراضي بين نساء ورجال التعليم والتلاميذ، أو داخل العائلة بين الوالدين والأبناء أو بين الكبار والصغار سنا، لذلك يجب التحلي بالهدوء ومنح الأطفال الثقة في أنفسهم وفي محيطهم، والعمل على تقنين متابعة القنوات التلفزية وشاشات الحواسيب والمسطحات، وتوفير ظروف النوم الجيد والتغذية الجيدة صحيا، وممارسة الحركات الرياضية ولو في محيط قد لا يسمح كثيرا بذلك، والاشتغال بممارسة الهوايات المحببة كالرسم والتجسيم والتشكيل والألعاب العائلية وغيرها، بل ولم لا يمكن لأطفالنا كتابة خواطر ويوميات عن الحجر.
في هذه الظروف أن لا تكون الأضرار النفسية كبيرة على طفولتنا لذلك ومن الآن يجب على الآباء التحلي بالصبر والانخراط في الحديث لأبنائهم بكل الهدوء المطلوب وأخذ الوقت الكافي للحوار حول الحاضر والمستقبل، حول السلبيات والإيجابيات، حول الانتظارات والأولويات، وتنبيههم إلى أننا سنخرج من هذه الضائقة التي يجب اعتبارها تجربة إنسانية وسيكون رجوعنا عما قريب إلى فضاءات التربية والتعليم والتنشيط المباشر والرياضة والترفيه عما قريب، وأن علينا التسلح بالأمل في الحياة والأمل في المستقبل وشكرا لمن يزرع الفرحة في قلوب أطفالنا.