الجمعة 26 إبريل 2024
كورونا

سيناريوهات رفع الحجر الصحي بالمغرب بعيون أطباء وباحثين

سيناريوهات رفع الحجر الصحي بالمغرب بعيون أطباء وباحثين يرى عدد من المراقبين أن الحكومة لم تكشف لحد الآن عن رؤية واضحة لتدبير مرحلة ما بعد كورونا
20 ماي 2020.. تاريخ نهاية حالة الطوارئ الصحية.. تاريخ يترقبه العديد من المراقبين في المغرب بالنظر لكونه قد يشكل نقطة مفصلية في ما يتعلق بمكافحة جائحة كوفيد 19، وبالتالي ضمان عودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية لعافيتها بشكل تدريجيا بعيدا عن منطق المجازفة في التعاطي مع فيروس فتاك أربك الحركة الاقتصادية والاجتماعية في مختلف بلدان العالم، وفرض على فئات واسعة من شعوب العالم الركون إلى البيوت في انتظار بزوغ فجر جديد يبشر بالقضاء النهائي على هذا الوباء الفتاك الذي أصاب أزيد من 3 ملايين و723 ألف شخص وتسبب في هلاك أزيد من 257 ألفا و936 شخصا في العالم.
في المغرب، ورغم كون وقع تفشي الوباء أضعف مقارنة مع بلدان أخرى، إذ لم يتعد سقف 5219 إصابة لحدود كتابة هذه السطور، متسببا في وفاة 181 شخصا، فإنه وفي غياب تصور واضح لحكومة العثماني للتعاطي مع سيناريوهات رفع الحجر الصحي، تظل العديد من التساؤلات مطروحة بهذا الخصوص، في ظل تشديد عدد من المراقبين على أهمية أن يتم رفع الحجر الصحي تدريجيا وبحذر شديد تفاديا لتلقي صدمات موجعة قد يكون لها بالغ الأثر على النظام الاقتصادي والأمن الصحي في بلادنا، على غرار الدول الأوروبية التي بدأت بتخفيف إجراءات الحظر والإغلاق والتي فرضت لمنع انتشار فيروس كورونا، بشكل تدريجي وحذر في انتظار إيجاد لقاح أو علاج ملائم لوباء كوفيد 19، حيث قررت سويسرا فتح أبواب متاجرها، وبات بإمكان السويسريين زيارة مصففي الشعر والأطباء وصالات التدليك ومحلات الزهور، ودور الحضانة، بشرط احترام التدابير الصحية. وفي إسبانيا سمح للأطفال اعتباراً من بداية هذا الشهر الخروج من بيوتهم بعد ستة أسابيع من الحجر، واللعب في الخارج، لكن وسط قيود تفرض عدم التقارب، ويرتقب أن تقدم الحكومة الإسبانية خطتها لتخفيف تدابير الحجر الصحي في 9 ماي 2020.
كما بدأت إيطاليا في تخفيف إجراءات الحجر الصحي في 4 ماي، وقال رئيس وزراء إيطاليا، جوزيبي كونتي، في تدوينة على فيسبوك "أتمنى لو كان بوسعي أن أقول، لنفتح كل شيء فورا، ونبدأ صباح الغد، لكن هذا سيكون قرارا غير رشيد، إنه سيؤدي إلى صعود منحنى العدوى بشكل خارج عن السيطرة وسيفسد كل الجهود التي بذلناها حتى الآن". وإذا كان هذا ما يعتقده المسؤولون بإيطاليا، فماذا عن الوضع في المغرب؟ وهل ستقرر حكومة العثماني اللجوء هي الأخرى على غرار هذه البلدان اللجوء إلى رفع تدريجي للحجر الصحي بعد نهاية فترة الطوارئ؟ وما هي أبرز السيناريوهات المتوقعة بهذا الخصوص؟ 
الاستعدادات بدأت بكل القطاعات الحكومية لرفع الحجر الصحي بشكل تدريجي وستكون البداية بالعودة للعمل ببعض القطاعات الاقتصادية الأساسية والمهمة، بعد توقف لمدة شهرين، منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، وفي هذا الإطار يتوقع المركز المغربي للظرفية إلى الناتج الداخلي الخام سيُحقق نمواً سالباً بـ3.2 في المائة خلال السنة الجارية، وأشار المركز المغربي للظرفية إلى أن الفرضية الرئيسية تفيد بانتهاء الأزمة الصحية منتصف العام الجاري على أن يتحقق الانتعاش في ما بعد بشكل تدريجي، كما تأخذ النسبة المتوقعة بعين الاعتبار أيضاً الموسم الفلاحي المتسم بالجفاف، وما سينتج عنه من انخفاض ملحوظ في إنتاج الحبوب الذي لن يتجاوز 40 مليون قنطار.
ويعتبر خُبراء المركز المغربي للظرفية أن إحداث صندوق خاص لتدبير جائحة كورونا يمكن أن يُجنب العديد من المقاولات خطر الإفلاس، وبالتالي الحفاظ على مناصب الشغل، وينبني توقع المركز أيضاً على فرضيات تقليدية أخرى، من بينها انتعاش أسعار النفط منتصف العام الجاري لتستقر عند مستوى 50 دولاراً تقريباً، وأشار تحليل أصدره المركز إلى أن أغلب القطاعات الإنتاجية في المملكة ستعاني من التداعيات السلبية للأزمة الحالية، فماذا أعدت الحكومة لمجابهة هذا الوضع؟ سؤال يحيل على اجتماع لجنة اليقظة الاقتصادية بتاريخ 29 أبريل 2020، والذي أعلنت فيه أنها شرعت في الانكباب على بلورة خطة إنعاش شمولية ومتناسقة للاقتصاد الوطني.
وأوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن خطة الإنعاش هذه ستعتمد على بلورة خطط إنعاش على المستوى القطاعي، تأخذ بعين الاعتبار الفترة الخاصة لإعادة استئناف كل قطاع من هذه القطاعات لنشاطه حسب خصوصياته، وأكد البلاغ ذاته أنه خلال اجتماعها المقبل، ستتدارس اللجنة، على وجه الخصوص، آليات التمويل طويلة الأجل، الملائمة لكل قطاع بغية دعم إنعاش المقاولات الكبرى، مشروطة بالاستفادة من تقليص آجال الأداء، وكذلك مواكبة استئناف أنشطة المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات الصغرى العاملة في مختلف القطاعات الإنتاجية، كما تقدم الاتحاد العام لمقاولات المغرب لاستئناف الأنشطة في إطار الالتزام الكامل بالمتطلبات اللازمة لحماية الأمن الصحي، كما يرتقب أن تشرع الأقسام المكلفة بالمالية والميزانية بالقطاعات الحكومية في إعداد قانون مالية معدل، في أفق استكمال المعطيات الرقمية للتوقعات، لعرضه أمام مجلس الحكومة ومجلسي البرلمان في غضون الأسابيع المقبلة، على غرار عدد من بلدان العالم، حيث أكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمام مجلس النواب  إمكانية تعديل قانون المالية، وأكد أن أي محاولة لتقييم أو تقدير الآثار الناتجة عن هذه الأزمة تبقى مجرد عملية تقريبية فقط، إذ يعتمد تقييم الآثار على عدة عوامل، منها مدة الأزمة وحجمها، وفعالية التدابير المتخذة لمواجهتها، وكذا قُدرة الدول على تدبير الفترة التي تلي هذه الأزمة، وتوقع الوزير أن تتوضح الرؤية بتطور الأزمة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
بالمقابل يرى عدد من المراقبين أن الحكومة لم تكشف لحد الآن عن رؤية واضحة لتدبير مرحلة ما بعد كورونا، في ظل غموض موقفها بشأن عدد من القضايا المؤرقة وضمنها مشكل التشغيل بالنسبة للفئات التي تعتمد على القطاع غير المهيكل، في غياب آليات واضحة للمساعدة الاجتماعية لعديمي الدخل، وهو المعطى الذي أكده وزير الداخلية حينما أشار إلى استفادة فئات ميسورة من المساعدات الاجتماعية التي أقرتها الدولة، كما أن الحكومة لم تكشف عن خطتها لتدبير قطاع التعليم، خصوصا في ظل الانتقادات القاسية أحيانا التي يتلقاها التعليم عن بعد والذي يهدد بنسف مبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف فئات المجتمع ؟ وما إذا كان رفع الحجر جزئيا سيشمل جميع مدن المملكة بما فيها المدن الموبوءة أم سيقتصر على المدن التي سجل في عدد أقل من الإصابات بكوفيد 19؟ وماذا عن تدبير قطاع النقل بين المدن؟ هل سيرفع عنه الحجر جزئيا أم كليا؟ وماهي أبرز المخاوف والمحاذير التي يمكن تفاديها في هذا الإطار؟ 

 
تفاصيل أوفى في العدد الجديد من النسخة الإلكترونية لأسبوعية
 "
الوطن الآن"