الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

كومينة: قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي ضرب من الحمق السياسي

كومينة:  قانون استعمال شبكات التواصل الاجتماعي ضرب من الحمق السياسي محمد نحيب كومينة
أكيد أن "الفيك نيوز" يطرح مشكلة، وأكيد أن الاستعمال غير الأخلاقي والمبيت  للصحافة أو لوسائط التواصل الاجتماعي يطرح مشاكل، لكن هل تجيز مواجهة هذه المشاكل وغيرها إقرار قوانين تمضي إلى حدود فرض الرأي الواحد والموقف الواحد وضرب كل مكاسب الشعب المغربي في ميدان حرية التعبير والتعددية؟
أن يتم التفكير، مجرد التفكير، في وضع قوانين من هذا القبيل في الظروف التي نمر بها سيكون ضربا من الحمق السياسي وعدم تقدير العواقب على المديين القريب والبعيد. ذلك أن المطلوب في هذه الظروف الوطنية والكونية العمل على تقوية ما يوحد وما يجعل التضامن يترسخ، دون دوبان للآراء والمواقف في بعضها البعض، وليس ما يحدث شروخا ويفجر تناقضات وليس العكس، وإلا صار للتخوف من استغلال نضج المغاربة في ظل الوباء وتصرفهم بمسؤولية وتجاوب مع قرارات الدولة على أوسع نطاق لإدامة الاستثناء والعودة إلى سلطوية متقادمة مشروعا ومبررا.
وعدا ذلك، لابد من الإشارة إلى أن السعي إلى التوسيع اللانهائي لمجال القانون، كما روج له بعض الأشخاص الذين يفكرون في عزلتهم عن المجتمع ومايعتمل فيه، وهم من الأوهام التي جعلتها الحياة بتفاعلاتها وماتحتكم إليه من معايير وما تستمر في انتاجه لتنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات وغيرها تسقط. ذلك أن التحكم في كل شئ وفي أي شئ بقوانين، تأتي باستمرار جارية وراء التحولات ولا تسبقها، لايمكن أن ينتج غير تضخم قانوني يسئ في النهاية لنفاذ القانون ولاحترامه، طوعا أو إجبارا، فالتضخم القانوني يجعل الإحساس بانعدام الأمن القانوني يكبر ويزرع الشك، وهذا بغض النظر عن مشكلة جودة القانون التي تهبط متى كبر الميل الى التضخم.
في القانون المغربي ما يكفي لمواجهة عدد من التجاوزات، وفيه ما يتيح الاجتهاد القضائي في حدود ما ينص عليه الدستور وما يقره من حريات وحقوق وما يلتزم به من اتفاقيات دولية تمت الملاءمة معها، ومن يريد ان يزيد في العلم بحسابات غير مضبوطة إنما يبحث عن "جوا منجل".
عودة الدولة لاتعني عودة السلطوية المقيتة، المفروض أننا شرعنا في تجاوزها بالعدالة الانتقالية ودستور 2011، بل عودتها للتحمل مسؤولياتها في حماية الحياة والاقتصاد والحريات والمؤسسات المنتمية للعصر وللساكنة الأكثر فقرا وهشاشة عبر إعادة النظر في نموذج توزيع الثروة الظالم والمعمق للفوارق والمهدد للعيش المشترك.
 
محمد نحيب كومينة، صحافي