الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

سفيان الحتاش: الفايد والظلامية التي تسوقها أحزاب التهريب الديني

سفيان الحتاش: الفايد والظلامية التي تسوقها أحزاب التهريب الديني سفيان الحتاش

في تقييمنا لبعض الظواهر غالبا ما نسقط في الذاتية التي تعتمد النظرة من زاوية واحدة في تقييم الواقع والموضوع الخارجي، مما يفضي إلى نظرة تجزيئية تضيع الحقيقة وتخرجها من ضوابطها العلمية.

 

مناسبة هذا الكلام وسياقة هو ما أثاره وتثيره خرجات ومواقف الأستاذ الباحث محمد الفايد؛ فرغم أن مشكلة الرجل -كما قلت قبل أيام- تكمن في سقوطه القاتل والمميت في الخلط بين العلم الذي يفرض قدرا من الموضوعية والحياد وبين الأيديولوجية الاخوانية الظلامية التي يتبناها الرجل التي لديها فهم تاريخي سلفي رجعي للإسلام يفضي إلى الطائفية والحقد والكراهية للآخر المختلف، فان الأزمة والمشكلة الحقيقة تكمن بالدرجة الاولى في الثقافة والإيديولوجية الظلامية التي تروجها وتسوقها أحزاب التهريب الديني التي تسيطر على حقلنا الديني والجامعي والثقافي وتستقطب الكفاءات العلمية التي قضت زهرة عمرها في البحث العلمي والتحصيل التعليمي والبيداغوجي، لينتهي بها الأمر في أحضان حركات التهريب الديني، كما حدث في السنوات الأخيرة عندما فجر مهندسان مغربيان أنقسهما في سوريا بعد أن استقطبتهما الحركات الإرهابية وشبكاتها التي تنشط في أوروبا بتسهيل مخابراتي وأمني لدول منخرطة في حرب عدوانية على سوريا وشعبها.

 

إدانة الدكتور الفايد وجعله مسخرة في صفحات التواصل الاجتماعي لأنه يدعو إلى شرب بول البعير أو شم براز الإبل، لا يحل المشكلة ولا يقدم تشريحا وتحليلا دقيقا للأزمة التي نعيشها، والتي تكمن بالدرجة الأولى في هيمنة خطاب ظلامي متأسلم على فضائنا الثقافي والديني والفكري منذ عقود من الزمن ومصادرة إسلامنا المغربي الأمازيغي الأصيل ذو المشرب الصوفي العرفاني المتصف بالسماحة والاعتدال وبمخرجاته الإنسانية في البعد الاجتماعي والأنثربولوجي؛ وإلا فإن الدكتور الفايد قامة علمية كبيرة في ميدانها ومجالها وحائزة على شواهد وجوائز مشرفة..

 

أقول هذا الكلام بكل نزاهة وموضوعية، لأنني استمعت إلى كثير من مداخلاته العلمية، ولكن المشكلة دائما أنه تحت تأثير المخدر الإخونجي يسقط القناعات الأيديولوجية على المادة الأكاديمية العلمية ويفسد كل شيء.. لو كان الفايد مسلما مغربيا متشبعا بالقيم الدينية المغربية الشامخة لزاد ذلك في علمه ولتفتق نبوغه وذكاؤه أكثر، ولكنه والحالة هذه فإننا لا نستغرب إن غرر به والتحق بالحركات الإرهابية في سوريا أو ليبيا.

 

إن المشكلة معقدة وتتصل بأسئلة مقلقة تسائل من استباح تدينتا وجامعاتنا ومدارسنا وفضاءنا الثقافي والاجتماعي والفكري والسياسي بتدين سلفي ظلامي يحمل إيديولوجية عنفية إقصائية تحول إلى مرض جعل المدرسة المغربية في التدين والفكر الإسلامي من أن تنزل من مقام الأستاذية الشامخ إلى الجلوس على حصائر البداوة الشرسة للتدين الوهابي الصحراوي؟

 

أسئلة تشخص الأزمة وتسائل القرار السياسي المسؤول الأول عن هذه المأساة!