الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

حميد هيمة :هل تتحول المنشآت الصناعية والتجارية إلى بؤر لتفشي وباء كورونا؟

حميد هيمة :هل تتحول المنشآت الصناعية والتجارية إلى بؤر لتفشي وباء كورونا؟ حميد هيمة
رغم المجهود الوطني لمواجهة انتشار وباء كورونا المستجد، بالاعتماد على حزمة من الاجراءات الاحترازية لحماية الشعب المغربي من هذه الجائحة، فإن الرصد الوبائي اليومي يفيد، في سابقة هي الأولى من نوعها، ارتفاع غير مسبوق في عدد المصابين بالوباء بالمغرب؛ الذي قفز إلى 227 حالة مؤكدة.
في هذا السياق المؤلم، الذي تسلل فيه الرعب إلى كل البيوت، بعد تداول أخبار مؤكدة عن بؤر جماعية لتفشي العدوى في منشآت صناعية وتجارية بأقطاب حضرية كبرى من حجم الدار البيضاء وفاس، يظهر أن بلادنا بصدد منعطف في (تطور) انتشار الوباء، بعد الانتقال من بؤر أسرية وعائلية إلى بؤر ذات روابط مهنية، إثر إصابة عمال وعاملات بكوفيد 19، كما حدث في المدن المذكورة، مما يستدعي مراجعة بعض التدابير الاحترازية، تمشيا مع منطق تفعيل الوقاية والمقاربة الاستباقية التي راكمها صانع القرار في التعامل مع الوباء، بتعميم قرار، بجرأة إنسانية، يقضي بتعطيل الشركات، التي لا تنتج المواد الطبية والغذائية، لحماية العاملات والعمال وعائلاتهم، وبالتالي حماية المجتمع المغربي برمته.
رغم هذه المستجدات، فوجئ الرأي العام باستدعاء بعض شركات الكابلاج في المنطقةالصناعية بإقليم القنيطرة للعمال والعاملات، من مناطق مختلفة من المغرب، لاستئناف العمل والإنتاج، تجسيدا لجوهر الرأسمال: الربح قبل الإنسان! وهو (منطق) متوحش من شأنه إفشال كل الاجراءات الوقائية المتخذة. 
إن الشركات المعنية بهذا الموضوع، في المنطقة الحرة أولاد بورحمة، وهي فضاء يستفيد من ريع «الإعفاء من اللوائح الجمركية، ومن مراقبة التجارة الخارجية والصرف»، لا تنتج المواد الطبية وشبه الطبية أو الصناعة الغذائية الكفيلة بإسناد العمل الوطني والدولي لمواجهة هذه الجائحة.
لذلك، فإن استمرار هذه الشركات في العمل والإنتاج، بوجود مئات العمل في كل وحدة إنتاجية، يمكن أن يعرض العمال والعاملات، وبالتالي المجتمع المغربي، لمخاطر هذا الوباء، كما يمكن أن يجعل من المنطقة بؤرة لتفشي عدوى كوفيد19، وكأننا بصدد استنساخ غبي ومكلف للتجربة الإيطالية! 
إن هذا السيناريو المرعب، الذي يطارد كل عامل. ة فرض عليه ثالوث الاستغلال والهشاشة والفقر العمل القهري في ظرفية عصيبة، في مرمى القناص الأول لأرواح البشر في كل دول العالم، بما فيها الدول ذات الأنظمة الصحية (المتقدمة).
نكتب هذه الرسالة، في زمن مفصلي، منذ بداية الرصد الوبائي اليومي في المغرب. فخلال اقل من 20 ساعة قفز عدد الإصابات المؤكدة، حسب بيانات الوزارة الوصية، إلى 227 حالة مؤكدة من أصل 783 تحليلة!
فهل ينتصر صانع القرار (الدولة الراعية) للحياة  قبل الربح (الشركات)؟