الخميس 28 مارس 2024
منبر أنفاس

محمد السعيد مازغ: كيف الخلاص من الهواجس والخوف من كورونا؟

محمد السعيد مازغ: كيف الخلاص من الهواجس والخوف من كورونا؟ محمد السعيد مازغ
منذ الإعلان عن اكتشاف فيروس قاتل اسمه كورونا وعشرات المقالات والأخبار، والفيديوهات تتساقط على قنوات التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام الورقية والرقمية بشكل رهيب، وكأن الدنيا توقفت عند باب هذا الفيروس، ولم يعد أي شاغل ثقافي أو اقتصادي أو علمي.. يستحق ذكره او الخوض في حيثياته، عدا التنقيب والإلمام بما يجري في العالم من مآسي ومضاعفات ناتجة عن هذا الفيروس القاتل.
ومن غرائب الأمور، هو التناقض الصارخ في التعريف بهذا الفيروس، وتركيبته ومصدره وخطورته، وطرق علاجه، وازداد الأمر سوءا بتدخل أطراف متعددة منهم الخبير والطبيب والفقيه وأيضا الجهلة والأميون والشامتون.. كل واحد يدلو بدلوه، ويعتبر نفسه المنقذ للإنسانية من هذا الوباء، والعارف بخباياه، ولم يقف هذا الخليط من المعلومات الدقيقة والمغالطات عند هذه الطبقات، فقد اختلط الأمر حتى على الجهات الرسمية التي تبيَّن من خلال التجارب اليومية أنها خارج التغطية واذكر على سبيل المثال الوزير الأول الذي صرح علانية بعدم جدوى وأهمية الكمامات، ثم بعده تصدر الحكومة التي يترأسها القرار بإجبارية استعمال الكمامات وبالعقوبة الزجرية لكل من خالف الأوامر.
هذا السيل من المعلومات التي تصل تباعا، تحمل في طياتها متناقضات بعضها يحمل على الأمل، ويبدد المخاوف، ويرسم معالم توجهات دولية جديدة، تصب اهتمامها على العلم والمعرفة وحقوق الإنسان، وأخرى معلومات مرعبة، مدروسة بعناية فائقة، تكون سببا في تحطيم نفسية المتلقي، وترفع مخاوفه لدرجة الاعتقاد بان البشرية جمعاء تواجه نهاية العالم، وأن من لم يمت بالوباء، فإن مصيره الموت بفعل ضعف التجهيزات الخاصة بالتنفس الاصطناعي، والفشل في إيجاد لقاحات مضادة للوباء، وإغلاق الحدود، وانهيار الاقتصادات، وارتفاع نسبة الفقر والمجاعات، وأن الحجر الصحي سيمتد إلى ما لا نهاية وغيرها من الإشاعات التي تترسب في ذهن المتلقي، وتمزق دواخله، وتجعله ضحية الغضب والقلق وعدم القدرة على تحمل العيش في كنف الوساوس والكوابيس التي تلاحقه ليلا ونهارا وتؤثر بشكل سلبي على نفسيته ومحيطه الأسري، وقد تصل إلى حد الإصابة بالعديد من الأمراض كالإكتئاب والإنطواء، أو اللوم ـ لوم الذات ولوم الآخرين ـ وأحيانا تؤدي إلى الجنون أو الانتحار..
  الخوف الذي يمكن أن يتسرب إلى نفسية المتتبع من  كل ما يصله من معلومات، في غياب غربلة حقيقية للمعطيات، وفي غياب القدرة على التحكم في الانفعالات النفسية، و التمييز بين ما ينبغي الأخذ به، وما لا يستحق الاهتمام به، يجعله سجين هواجس ومخاوف تفقده الثقة بنفسه، والقدرة على مواجهة الطوارئ بشكل من الثبات والتعقل، وأيضا تفقده القدرة على الاقتناع بأن التغلب على المصاعب لا يتأتى بالخوف والاتكال، وإنما بالقوة على التحمل والصبر والإيمان بان الشعور بالخوف هو حالة مرضية يجب التخلص منها، ومواجهتها بشجاعة وعزيمة، وذلك من خلال الابتعاد الكلي عن كل الاخبار التي تدور في فلك كورونا، والموت، ونسب الإصابات وغيرها من المعلومات التي تخلق له الخوف والاضطراب النفسي، ويملأ وقته بقراءة ما يجد فيه لذته كالرواية و القصة والشعر، أو تلاوة آيات كتاب الله وتدبرها، او الإنغماس في بحوث علمية او خلق عالم آخر داخل الأسرة يغلب عليه الجانب الترفيهي الثقافي، دون اغفال الجانب الرياضي واهميته في تغيير الروتين اليومي، وقدرة التمارين الرياضية على تعليم صاحبها التحمل والصبر، إلى جانب القدرة على طرد الهواجس، وإعادة الثقة للنفس، واالتخلّص من جميع ضغوطاتِ الحياة مثل التوتّر والعصبيّة وإفراغ الطاقة الزائدة الموجودة في الجسم، وبذلك تصبح مسألة فيروس كورونا أو غيرها مجرد حالات طبيعية، تتطلب التقيد بمجموعة من الاحتياطات الوقائية، واحترام حالة الطوارئ الصحية، وأيضا الاستعداد لتقبل كل طارئ صحي،  وبالتالي لا يمكن مواجهة الوباء المستجد بالخوف والقلق والتوثر، بقدر ما يحتاج إلى بدل الجهد من اجل التحسيس والتوعية، ومساعدة الغير ماديا ومعنويا، والوقوف الى جانب الوطن في محنته، لأن التضحية بالغالي والنفيس ليست مجرد شعارات نتباهى بها في الملتقيات وامام شاشات الاعلام، وإنما هي اختبار حقيقي لقياس الوطنية.