الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر: في الحاجة القصوى لمجلس وطني صحي أعلى

سعيد جعفر: في الحاجة القصوى لمجلس وطني صحي أعلى سعيد جعفر

أمام الهرطقات القاتلة لمحمد الفايد (والتي سنتوقف عند خلفياتها الإيديولوجية)، وأمام آلاف الوصفات المدمرة للصحة للسحرة والمشعوذين والرقاة والعشابة أصبح من الضروري إحداث مجلس وطني صحي أعلى تكون مهمته مراقبة تداول الآراء الطبية في الفضاء العمومي وإحالة شكاوى، بتلك التي لا تطابق بروتوكولات منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية بالمغرب، على القضاء لمعاقبة أصحابها.

 

لا يعقل أن تستمر حالة الفوضى هذه ويترك لوكالة بدون صلاحيات كبيرة هي الوكالة الوطنية للأعشاب العطرية، ولفصول معزولة في القانون الجنائي تنصب أكثر على الضرر الناتج عن الاستعمال عوض أن تنصب على فعل الاستعمال والتحريض عليه، مهمة تنظيم استعمال الأعشاب ومراقبة مخالفة استعمالها لركن الصحة العمومية.

 

لماذا لا نيأس من التذكير بخطر هذه الوصفات على صحة الناس، ومن خطر بيع الأعشاب مسكوكة بالدين؟

 

لكي نتأكد من ذلك لا بأس من بسط هذه الأمثلة رغم فظاعتها وسمجها للذوق العام:

 

1ـ في سوق مينة وأسواق أخرى بالبيضاء وبمدن أخرى كثيرة بالمغرب يمكن أن تجد فئران وعضاءات وثعابين وعقارب ورؤوس ضباع وأظافر وشعرا وخراء حيوانات كثيرة سامة وعجائب وغرائب أخرى تباع بالملايين لزبونات وزبائن يطلبها منهم سحرة ومشعوذون للتسميم وإرجاع الحبيب والتفريق بين الزوجين والتفريق بين الآباء والأبناء ودفع رجال ونساء للجنون وغيرها من الآفات الاجتماعية والنفسية والصحية.

 

2ـ أمام المساجد يمكنك أن تجد عشابا يعرض "دواء"! يصلح لكل شيء للحمى والبواسير وضيق التنفس والأوجاع وحرقة المعدة والتسوس وانتفاخ الأمعاء وعسر الهضم والانتصاب والقذف السريع والعجز الجنسي... فقط بعشرين درهما ويكفي أن "تذكر الله" وتقرأ ما تيسر من الذكر الحكيم و تتوكل على الله.

 

3ـ يمكن لأي أحد منكم زارت إحدى قريباته راقيا من أجل الرقية ستؤكد له أن وصف لها أعشابا أو باعها دواء عشبيا قد يكون ثمنه خمسين درهما وحتى 200 درهما.

لا أريد الحديث هنا عن راقي بركان وبركاته الجنسية، فهذا موضوع لو تكلمت فيه ضحاياه لكان هناك نقاش مجتمعي آخر.

 

4ـ في الحافلة يمكن أن تصادف شخصا يبيع مرهما للإكزيما يقول إنه مستخلص من الأعشاب بعشرة دراهم، عدد ممن استعملوه أصيبوا بطفح جلدي.