الثلاثاء 16 إبريل 2024
منبر أنفاس

يونس حسنائي: البحث العلمي أزمة ارض على طريق الرقي

يونس حسنائي: البحث العلمي أزمة ارض على طريق الرقي يونس حسنائي

يقول روجر فرويتس المفكر الأمريكي: "ليس التعلم أن تحفظ الحقائق عن ظهر قلب، بل أن تعرف ماذا تفعل بها"، وهنا يظهر جليا لنا، مدى أهمية العلم ومكانته داخل المجتمعات، التي تسعى الى النهوض بمكانتها داخل العالم، وكيف لا والعلم هو وقود جميع الأنظمة وقوتها التي لا يمكن أبدا الاستغناء عنها، ودونه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تقوم لوطن قائمة .

 

العلم والمعرفة هو ذاك النور الذي يضيء الطرقات ويفتح المجالات ويرفع من شأن صاحبه ووطنه، فلولا العلوم لما عرفنا الطب والأطباء ولا عرفنا الهندسة والمهندسين والتطور التقني الذي نشهده في زمننا هذا، أنظر إلى الهاتف الذي تحمله أو الحاسوب الذي تتصفح من خلاله الانترنت لتقوم بقراءة هذه المقالة، أنظر الى ذاك المصباح الذي ينير غرفة بيتك، وذاك التلفاز الذي تشاهد عبره آخر أحداث العالم وكأنك جزء من كل دولة، فلولا العلم والتطور الحاصل بسببه لما توصلت إلى كل هذا الكم الهائل من المعلومات التي تحتاج إليها، فلقد أصبح العلم في عصرنا أداة ووسيلة لتطوير أي شيء. وعندما نقول أي شيء فإننا نقصد تطوير التكنولوجيا الحربية والطبية والغذائية وكل تكنولوجيا يمكن أن تكون لذاك البلد درعا وسيفا يحميها.

 

لكن أي علم ومعرفة هو مقرون بمدى مساهمة الدولة واهتمامها بالبحث العلمي، فلا يمكن أبدا خلق الوجود من لا شيء، أو انتظار أن تمطر السماء أموالا. فكل شيء لابد له من سبب، وكل استنتاج لابد له من إشكالية وفرضية ثم تجربة، ليس هناك شيء من العدم.

 

مشكلتنا في هذا الوطن أن الدولة لا تقوم بتوفير مناخ قوي وجيد من أجل البحث العلمي، فلا نستغرب إذا ما علمنا أن نسبة الميزانية التي تخصصها الدولة للبحث العلمي هي 0,8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو رقم هزيل جدا ولا يمكن أن ننتظر أو نرجى منه خيرا.

 

فلا وجود لاستراتيجية واضحة للبحث العلمي، ولا ميزانية مستقلة ومشجعة، فضلاً عن افتقار أغلب المؤسسات العلمية والجامعات إلى أجهزة متخصصة بتسويق الأبحاث ونتائجها وفق خطة اقتصادية إلى الجهات المستفيدة، مما يدل على ضعف التنسيق بين مراكز البحوث والقطاع الخاص. كذلك يسجل الخبراء غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي وتمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة واعتمادها على شراء المعرفة.

 

بصريح العبارة لا وجود لبحث العلمي وطني يرقى للمعايير المعتمدة دوليا ويراعي ضرورة السوق من أجل انتاج حيوي مستمر يهدف الى بناء اقتصاد وطني حر، وهذا ليس بجديد لأن الأمر وببساطة يحتم على أن تظل بعض الدول استهلاكية فقط ، أو بمعنى اخر سوقا خصبة لدول انتاجية أخرى، لأن تحول هذه الدول الاستهلاكية لدول منتجة هي خسارة فادحة وهلاك لهذه الدول التي تنتج في الوقت الحالي .

 

فيتحتم علينا أن ننتظر دائما الجديد منهم وما ستبرزه تكنولوجياتهم قصد شرائها، وكل هذا في إطار لعبة اقتصادية عالمية تتحكم فيها القوى الرأسمالية الجشعة التي تريد أن تبيد كل ابتكار أو اختراع أو فكرة من شأنها أن تنهض بدولة تسعى الى الاستقامة والرقي .

 

ليس هناك من مخرج من هذه الورطة العلمية سوى أن تكون لنا استقلالية اقتصادية حقيقية والقضاء على التبعية الخارجية وبناء اقتصاد وطني حقيقي بسواعد وأفكار مغربية، فلا مجال للتراجع أو الاستهتار ولا مكان للخوف، قد نرجع خطوات للوراء نعم لكننا سنتقدم أميالا نحو الأمام.

 

يجب علينا إيجاد خطة لاستقطاب الخريجين والباحثين وعدم الفصل بين البحث العلمي والأولويات والمشكلات الواقعية بالمجتمع، خاصة في مجالات الطاقة والمياه والزراعة وتكنولوجيا الأسلحة، فبدون البحث العلمي لن نستطيع تجاوز هذه النقائص مستقبلا. كذلك ولتنمية التواصل بين قطاع البحث العلمي والمحيط الصناعي يجب إنشاء مراكز من أجل التنسيق بين مختلف المؤسسات والمنشآت البحثية.

 

و في الأخير استحضر مقولة عالم الاحياء البريطاني توماس هكسلي الذي يقول: "الهدف النهائي للحياة هو الفعل وليس العلم، فالعلم بلا عمل لا يساوي شيئاً. نحن نتعلم لكي نعمل"؛ فالبحث العلمي دون إرادة في توظيفه لا يساوي شيئا.