الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

جبار عبد الله: ما هكذا تورد الإبل يا سعد!!!!!..

جبار عبد الله: ما هكذا تورد الإبل يا سعد!!!!!.. جبار عبد الله

عندما يصبح لديك اليقين بأن ما تعيشه وتراه وتتابعه أصبح غير مبهم، تمتلك حينها القدرة على تفسير العديد من الظواهر السياسية وبكل الوسائل التي كانت بالأمس تحجب عنك الرؤية وتجعلك تعيش الوهم الزائد. إنه وهم المواطنة الحقة التي قلبت مفاهيمها وتغيرت معانيها فأصبحت تصطدم مع العقل وتحيره، فيتيه الإنسان باحثا عن انتمائه.

 

طبعا الانتماء في زمن كورونا فقد معناه، فلا هوية الإنسان ولا أهله يشفعان له اليوم بالعودة إلى الأوطان. نعم، يجد الإنسان نفسه خارج الحدود يحتاج من جديد إلى تأشيرة عبور ليست كتلك التي منح إياها الفرنجة لتطأ قدماه الجنة، جنة الحقوق والحريات، الأرض التي تكرم الإنسان في حياته قبل مماته، أجل قول الحق أقوى من كل شيء.

 

هذا هو لسان حال جاليتنا اليوم التي تركت لوحدها تصارع الجائحة، ترابط على الحدود تنتظر إشارة العبور من أهل الحل والعقد. إنها تعاود الكرة هذه المرة، تحاول أن تنطلق في ولادة جديدة ملقية وراء ظهرها أوجاع الماضي ومسترجعة ذكرياته محاولة قس شريط جديد. تناست أو نسيت جاليتنا أن العودة مختلفة هذه المرة. فسعد منذ أن ركب صهوة جواده نسي شريط الذكريات. فمنذ سنوات لم ألحظه بهذه الحال.. بدا كالمريض الذي استفاق من غيبوبة يبحث عن أي شيء يشعره بصخب الحياة لعله يسترجع قليلا من الذكريات.

 

يا إلهي ماذا حدث بالذات؟ إنها لحظة توتر أعتلت عيناه وهو يحاول سماع صراخ أصحاب القلوب المكلومة والحزينة منذ سنوات تناديه: أما هكذا تورد الإبل يا سعد؟؟؟!!!! أين هي كل الوعود والانتظارات؟

 

بعد لحظة همهمات يجيب: صدقوني أنا بصدده جمع المعطيات، ابقوا في أماكنهم، لا تتحركوا واحرصوا على وضع القفازات والكمامات، لا تقلقوا فأهلكم وذويكم هنا يتمتعون بكل الامتيازات، لا عليكم فالخوف من حالة ما يحدث متروك لأهل الاختصاصات.

 

يااااااااا سعد.... نحن من جميع الفئات والأعمار نملأ المساحات من أعلى الشرفات، كل يوم نقف على مشاهد الجنازات يتم تشجيعها بمنبه السيارات والشاحنات، فحقنا وواجبكم أن يصلنا نسيم وعبير الإصلاحات. أليس أنتم من فاز بأغلبية الأصوات وأقسمتم على تنزيل الدستور وتفعيل المؤسسات وأنكم قادرون على تجاوز كل المعيقات؟!! ها نحن إذا كان في علمكم نطوف عبر المطارات للدخول إلى الوطن خلسة في عتمة الظلمات، وهناك منا من يركب قوارب الموت في عز عصر العولمة والتكنولوجيا والتقنيات.

 

حقنا أن يدفن موتانا دون مضاربات، وأن لا تنبش قبورهم بعد عشرين سنة حسب ما تمليه المقتضيات. تركتمونا لوحدنا نلملم الجراح والآهات، فخرج من حزبكم من يلقي علينا المناشر والتعميمات ضدا في من جهروا بالحق وخرجوا عن طاعة القنصليات، فلم يسمعوا لرنين الموبيلات، فتحية لكل عضو من هده الجمعيات.

 

يا سيدي سعد، إنه لمن باب السذاجة المراهنة على مثل هذه السياسات لإخراج وطننا من وضعها المتردي، كما أنه من باب الخيال الرهان على مؤسسات بدون صلاحيات وعلى نخبة وبقايا عقليات تؤججها المصالح والامتيازات والجري وراء مزيد من الاختصاصات.

 

وطني سيدي، يحتاج إلى بناء دولة الحق والقانون لها مضامين وهذه المضامين ليست مجرد أقوال وخطب بل إنها أفعال ونصوص بعيدا عن المحاصصات.

 

- جبار عبد الله، باحث في قضايا الهجرة