الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: الإشاعة أخطر من فيروس كورونا

يوسف غريب: الإشاعة أخطر من فيروس كورونا يوسف غريب

صار من المؤكد الآن أن يقف إلى جانب الدكتور اليوبي، مدير مديرية الأوبئة، في نشرته المسائية، ممثل عن وزارة الداخلية لإعطاء تقرير عن فيروس وبائي آخر يتعرّص له المغرب.. وله من المواصفات تقريبا مع فيروس كورونا وأخطر.. وخاصة من حيث سرعة انتشاره..

 

هو فيروس الإشاعة.. أو الشائعات التي رافقت وبدقة متناهية كل القرارات والتدابير المؤطرة لسياسة بلدنا في مقاومته لوباء كورونا..

 

ومنذ البداية لا تخلو المنصات الاجتماعية وتطبيقات التراسل الفوري من تسجيلات صوتية وفيديوهات مجهولة الهوية، تفوق سرعتها سرعة انتشار كورونا نفسها.. من أغربها  أن المغرب يستعد لرش سوائل للتعقيم والتطهير على المدن المغربية بواسطة الطائرات… وآخرها الترويج لصورة عربة مجرورة تبيع الكمامات… بعد حذف رجل تبدو ملامحه آسيوية.. لتبقى العربة وحدها وحيدة..

 

هل من الصدفة أن ينشر هذا الفيديو الآن بعد الانتصار المادي والمعنوي لبلدنا بإنتاج خمسة ملايين كمامة يومياً.. وما رافق ذلك من ردود أفعال لدى ساكنة أوربا وغيرها اتجاه عجز دولهم

 

الأمر بعيد عن ذلك.. فهي حرب موجهة بالأساس إلى التشويش على هذا الهدوء الذي تدبّر به الأزمة ببلادنا.. وبهذا الوضع الطبيعي والعادي لحياتنا الجماعية وسط هذا الزمن الاستثنائي..

 

بعيداً عن الصدفة أن يتمّ في نفس الوقت إطلاق شائعة إغلاق محلات البقالة منتصف النهار.. مع الإغلاق الكلي طيلة يومي السبت والأحد.. وذلك لخلق ارتباك وتوجس وهلع لدينا جميعاً كي نتهافت من جديد على المواد الغذائية ومواد التطهير وغيرها.. ليتحوّل الحدث عبر قنوات أخرى وبعناوين ومانشيطات منها أن المغرب مقبل على انفجار اجتماعي قريب...

 

لا مبالغة في القول فكل من يتابع ما تنشره بعض المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزونية الفرنسية والإسبانية وحتى العربية من أخبار وتقارير مغلوطة تستصغر الجهود الجبارة التي بذلتها وتبذلها بلادنا لمواجهة هذا الوباء، سيعرف أن هناك من يستغل هذه الجائحة  لتصفية الحسابات خدمة لأجندات جهات معادية للمغرب...

 

وقد يكونون على صواب من زاوية أن جلّ بلدان العالم تتقاسم هذا الوباء… لكن ليس كل دول العالم تتقاسم نفس الاسلوب في المواجهة والتدبير.

 

فهناك من خاطبهم بالاستعداد لتوديع أحبائهم.. وآخرون تخلّوا نهائيا عن المسنّين والشيوخ.. ومن أعلنها حرب وهو لا يملك حتى الكمامات.. وكبيرهم بجعفريته يغري أطباء العالم بالجنسية.. وفي الجوار لا يجد ما يقدّمه من أدوات استشفائية عاجلة لساكنة الولاية المحجورة والمحاصرة غير شاحنة البطاطا وبالمجان...

 

هو الأسلوب الذي لاشك سيكون حاسما إمّا في تعزيز وتقوية اللحمة بين الشعوب وقياداتها لمرحلة ما بعد كورونا.. أو العكس...

 

لذلك من الطبيعي.. أن ينتبه الخصوم إلى تجربتنا ونحن على مسافة أكثر من شهر على احتياج هذا الوباء.. وأن يفعلوا كل ما في وسعهم كي لا نخرج منتصرين في هذه الملحمة التي يصنعها الشعب المغربي وقيادته...

 

ملحمة وبكل المقاييس نصنعها اليوم جميعاً من أهمّها على الإطلاق هي قدرة الانتقال من مجتمع الصّراع إلى مجتمع التضامن… وفي زمن قياسي… كي نحمي هشاشة بعضنا بالبعض.. في الوقت الذي استنسخ مثل هذا الصندوق في دولة تفوق المغرب من حيث الموارد المالية وبدون تجاوب وتفاعل من طرف الشعب هناك...

 

علينا أن ننتظر استمرارية هذه الحرب بهدف تدمير هذه الروح المعنوية العالية وزعزعة ثقتنا في قيادتنا ومؤسساتنا الدستورية وسط هذه المعركة.. وخلق الفتنة والارتباك..

 

في المقابل..

 

علينا أن نزداد قناعة وإيماناً بأن لا سَند ولا عَوْنَ لنا في الأزمة الوبائية العالمية غير اللّه ولحمتنا الجماعية.. كاستجابة لقوله تعالى :"... يد الله فوق أيديهم"...