الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

الدكتور تدمري عبد الوهاب: جائحة كورونا أو عندما يغيب العلاج وتختزل" الوقاية "في حالة الطوارئ الصحية

الدكتور تدمري عبد الوهاب:  جائحة كورونا أو عندما يغيب العلاج وتختزل" الوقاية "في حالة الطوارئ الصحية تدمري عبد الوهاب
1 تقديم
من خلال رصد تطور جائحة كورونا عبر العالم، وما تخلفه من نقاشات، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، تروم التفاؤل تارة ،والتشاؤم إلى حدود توقع نهاية العالم  تارة أخرى. أو ما يذهب إليه بعض الفقهاء بإرجاعهم سبب هذا الوباء إلى غضب الإلهي ابتلى به عباده بعد أن ضلوا الطريق المستقيم أو حتى اعتبار هذا الوباء بالنسبة للبعض الآخر بمثابة مؤامرة تندرج ضمن أدوات الصراع بين القوى العظمى ،خاصة بين الصين وروسيا من جهة ،وأمريكا من جهة أخرى.  أو من خلال التصريحات الرسمية للدول والحكومات بما تسوقه من اتهامات لبعضها البعض أو بما تتلوه من بيانات حول الوباء فيما يخص أعداد الوفيات ،وأعداد الإصابات، وأعداد المخالطين. أو حتى بما ترسمه من استراتيجيات طبية على ضوء توقعاتها المستقبلية لارتفاع  أعداد المصابين، ابتداء من الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الوباء، وهي الإجراءات التي تختلف من دولة إلى أخرى، أو سواء في ما تعلق بتدابير حالة الطوارئ الصحية، أو بضرورة تعميم استعمال الكمامات من عدمها إلى تعدد البروتوكولات العلاجية من طبيعية إلى اصطناعية، مع تطابق في وجهات النظر حول ضرورة وضع من وصلوا حالة الفشل الرئوي تحت أجهزة التنفس الاصطناعي. كل هذا يؤشر على غياب إستراتيجية دولية موحدة لحد الساعة في شان محاربة وعلاج هذا الوباء ،الذي يبدو أنه لم يكشف بعد عن كثير من أسراره رغم تشخيصه الجيني، خاصة في طرق انتشاره وعلاجه وطرق الوقاية منه.
في هذا السياق، ومن أجل فهم هذا الغموض الذي يكتنف الوباء، سأعمل  بعد هذا التقديم ، إلى اعتماد منهجية متدحرجة من الإطار العام إلى الإطار الخاص أو ومن الوضع الدولي العام  إلى الوضع الوطني الخاص بالمغرب.
2/ الإطار العام 
أ/ في شأن حالة التماهي بين الوقاية والعلاج .

يبدو أن ما يكتنف هذا الوباء من غموض في طرق انتشاره السريع الذي يبدو انه يرسم طريقة انتشاره بعيدا عن التأثيرات الخارجية المرتبطة بالبروتوكولات العلاجية وباللقاحات التي  لم توجد بعد ، وهو ما يفسر طبيعة منحنياته التي تبدأ في الهبوط بعد أن تكون قد وصلت إلى مرحلة الذروة . ، كما أن تفسير هذا الانتشار السريع للوباء وذلك رغم كل الإجراءات الاحترازية المتخذة ، يتجاوز ما نعرفه لحد الساعة عن هذا الفيروس ،خاصة مع ظهور إصابات لثدييات مفترسة في إحدى حدائق الحيوانات بمدينة نيويورك، التي نعرف أن التعامل معها يتم عن بعد نظرا لخطورة التقرب منها .وهو ما يطرح أكثر من سؤال على كيفية إصابتها بالعدوى، ويعيدنا كذلك إلى المربع الأول فيما إذا كان الهواء، كما قلنا في مقال سابق ،يشكل وسيلة إضافية لانتشاره بما يؤكد الدائرة المغلقة لانتقاله حيوان - إنسان -هواء - إنسان .
 كما أن غياب بروتوكولات  علاجية ناجعة وموحدة وكذا  اللقاحات الضرورية له لحد الساعة، بموزات ما يتميز به من اكتساح للقارات الخمس ،وحصده لعشرات الآلاف من الضحايا، هو ما دفع بأكثر من نصف شعوب الأرض إلى اعتماد إجراءات  احترازية صارمة ضمن ما يسمى بحالة الطوارئ الصحية، وذلك "للوقاية "من الوباء والحد من تصاعد حالات الإصابات عبر العالم .
لكن يبدو أن التمديد لأجل غير مسمى لهذه الإجراءات" الوقائية " في غياب العلاجات الضرورية  لهذا الوباء سيحول الوقاية كمفهوم طبي la prévention يتم اعتماده عادة في عملية اللقاح ضد الأمراض المعدية التي نتوفر على لقاحات وعلاجات مسبقة لها، إلى مفهوم هلامي يتمها مع مفهوم العلاج  لحالة غير مفهومة لحدود الساعة . 
وفي هذا السياق يمكن فهم التمديد المتكرر لحالات الطوارئ الطبية عبر العالم، والإجراءات الاحترازية المتخذة في هذا الشأن،رغم محدودية نتائج بعض هذه الإجراءات أو عدم نجاعة بعضها في وقف انتشار العدوى، وهو ما يفسر كذلك  اختلاف هذه الإجراءات من دولة لأخرى .
لكن ما هو أكيد، أن هذه الإجراءات الوقائية رغم أهميتها إلا أنها لا يمكن أن تكون دائمة ،ولن تعوض البروتوكولات العلاجية واللقاحية التي تعد ضرورية للقضاء على هذا الوباء والوقاية منه، ولتتحول من خلاله الاجرءات "الوقائية" المتخذة إلى اجراءات تكميلية مساعدة للبرتوكولات العلاجية .
إلا أننا كذلك يمكننا القول، إن حالة الغموض التي صاحبت هذا الوباء عبر العالم،  والارتكاز على الإجراءات "الوقائية" ولو بالاختلافات التي تشهدها هذه الإجراءات،  خلق حالة غير مسبوقة في مسألة تكافئ الفرص بين دول العالم الثالث والعالم المتقدم  ولو بتفاوتات معينة مرتبطة بتوظيف هذه الاخيرة للتكنولوجيا المتقدمة في الكشف عن الإصابات، و تتبع مسار المصاببن ،وتقديم العناية المركزة لمن هم في حاجة طبية لها.   
كما أن الوباء وفي غياب العلاجات واللقاحات المناسبة له لحد الساعة ، قد أخذ ما يكفي من الوقت ليبلغ ما يسمى بمراحل الذروة في الكثير من الدول قبل ان تبدأ منحنياته في  الانحدار بعد أن خلف عشرات الآلاف من الضحايا عبر العالم مع الخوف الدائم من حالات العود على شكل متوطن دائم في بعض مناطق العالم ،وذلك في غياب العلاجات واللقاحات الضرورية للقضاء عليه  .
 ب/في مسالة  بوليميك البروتوكولات العلاجية.
في هذا النطاق سوف لن أتوقف إلى ما يروجه بعض الساسة خاصة الرئيس الأمريكي ، خاصة فيما يتعلق  بتصريحاته حول نجاعة بروتوكول معين، وقدرته على شراء كميات كبيرة منه .وهو بذلك شكل استثناء شاذا لرؤساء الدول أو لنقل ان بتصريحه هذا كمن يقوم ببروباكاندا انتخابية زائفة يوهم من خلالها الشعب الأمريكي على قرب قدوم المنقذ القاهر للعدو ،على غرار أبطال أفلام الكوبوي الأمريكية .
هذا في الوقت الذي يعرف العالم ان هذه البروتوكولات وخاصة تلك   القائمة على الكلوروكين والازيتروميسين لازالت في معظمها قيد الدراسة ولم تثبت نجاعتها بعد، رغم ما تذكره بعض المراكز الاستشفائية في الدول التي عانت من هذا الوباء ، في شان نجاعة هذا البروتوكول الأخير في علاج المرضى المصابين، شريطة أن تكون الأعراض في بداياتها . 
هذا في الوقت الذي نعلم فيه  وفق المعطيات المتوفرة لدينا ، إن أكثر من 85 % من المصابين يتشافون تلقائيا ودون الحاجة لهذه الأدوية . كما أن هذا البروتوكول العلاجي المتمثل في الكلوروكين والازيتروميسين، لم يتوفر بعد على دراسة تقييمية étude rendomisé تؤكد نجاعة هذه الأدوية في علاج هذا الوباء من خلال تجارب مقارنة لعينات ، معبرة في أعدادها تمكننا من تقييم علمي للنتائج ،بين من وضع من هذه العينات تحت البروتوكول العلاجي، وبين أخرى تم وضعها فقط تحت علاجات تخفيفية للأعراض التي يظهرها المصابون .
وان غياب مثل هذه الدراسات العلمية هو ما يفسر الاختلافات الواردة بين الأطقم الطبية عبر العالم في استعماله من عدمه.
3/الإطار الوطني الخاص.
أ/حتى لا يتحول المغرب إلى حقل للتجارب.

 
 بما أن إفريقيا تعد  من البؤر المستقبلية للانتشار الواسع للوباء حسب المنظمة العالمية للصحة.وكون المغرب بلدا إفريقيا  يعاني مثله مثل باقي شعوب العالم و الشعوب الإفريقية من هذه الجائحة ولو بحدة اقل بكثير لحد الساعة بالمقارنة مع باقي دول الجوار الأوروبي ، وحتى لا يتحول المغرب إلى حقل لتجارب البروتوكولات العلاجية، يكون لزاما علينا  إذن التطرق إلى ما يعتمده المغرب من استراتيجية علاجية واستباقية لمواجهة هذا الوباء ما دامت الاجرءات الاحترازية متشابهة إلى حد ما بين مختلف دول العالم كما انها ليست بالضرورة طبية. 
إذن يمكن أن نتساءل في المقام الأول عن ما يعتمده المغرب كبروتوكول علاجي للمرضى المصابين، دون أن نغفل باقي المحاور ذات العلاقة باسترتتيجية المواجهة التي سنتطرق لها لاحقا. كما أن هذا الموضوع الذي يبدو انه يكتنفه الغموض في المقاربة الرسمية  هو ما حذا ببعض الأطباء المغاربة إلى توجيه النداء في هذا الشأن وتمنوا من خلاله أن يصل إلى المسئولين حسب ما ورد فيه.وهو النداء الذي ارجع من خلاله ما ورد فيه من مقترحات علاجية إلى الخصاص الذي يشهده البلد على مستوى الامكانيات اللوجيستيكية والطبية. 
وبضرورة تعميم  هذا البروتوكول القائم على الكلوروكين والازيتروميسين، ووصفه لكل مريض تأكدت اصابته او حتى مشتبه باصابته في اطار ما يسمى بالتجرية العلاجية test therapeutique ، وذلك من أجل علاج الحالات المرضية والتخفيف من أعداد الوفيات ومن حدة الأعراض لدى البعض، وبالتالي التقليل كذلك  من الأعداد التي يتطلب وضعها تحت أجهزة التنفس الاصطناعي. ومن اجل تعزيز طرحهم هذا استحضروا تجربة المغرب في علاج المشتبه بإصابتهم بداء السل الذين وضعوا تحت هذه التجربة العلاجية ، خاصة عندما يكون تشخيص مرض السل لديهم غير مؤكد، وذلك رغم طول مدة العلاج ووارتفاع كلفته المادية عند هذا النوع من المصابين ، وذلك على عكس البروتوكول العلاجي المقترح لمرضى كورونا ، الذي بالإضافة إلى تكلفته الرخيصة فإن أيام العلاج به لا تجاوز سبعة إلى عشرة أيام ،وهو ما يقلل كذلك من التأثيرات السلبية المعروفة عن هذا الدواء .  
هنا لا بد من التوقف، ما دامت الوزارة الوصية لم تصدر أي موقف في الموضوع،   لنقول لزملائنا لا وجود للقياس مع وجود الفارق. خاصة وان ما كان يعتمد مع بعض مشتبهي مرضى السل، الذين تعذر أو صعب إثباته لديهم تشريحيا أو بيولوجيا آو بالأشعة، من علاجات تجربية لمدة شهر تروم إلى تلمس ردة فعل الأعراض السريرية والعلامات المرضية قبل أن يتم اخذ القرار بتمديده أو توقيفه ،هي علاجات قائمة على بروتوكولات وأدوية أثبتت قدرتها الطبية و العلمية في علاج داء السل . وبالتالي لا يمكن قياس هذه الطريقة على وباء غير معروف في الكثير من حيثياته، ولا زالت الأدوية والبروتوكولات العلاجية المستعملة  في علاجه في طور التجربة، ومجالا للكثير من الآراء المتناقضة.
 وفي هذا السياق أظن أن على السلطات الصحية في المغرب أن تنير الرأي العام الوطني في شان ما تعتمده من بروتوكولات علاجية  للمرضى المصابين بهذا الوباء وما هي إستراتيجيتها في هذا الشأن .و إن توفرت فما هي مرجعيتها العلمية في ذلك، حتى لا نشكل  فعلا حقلا للتجارب لبعض البروتوكولات التي تسوق لها بعض مراكز البحث الفرنسية . وان لا تكتفي الوزارة فقط بما تقدمه لنا من إحصائيات وبائية، وبما تقدمه لنا من استعدادات وردية تجعلنا ننبهر لقدرة نظامنا الصحي على مواجهة هذه الجائحة التي أثبتت فشل منظومات صحية دولية لطالما اعتبرناها نموذجية .هذا في الوقت الذي يعرف الجميع حدود إمكانيات منظومتنا الصحية التي فقدت القدرة على  الاستجابة لحاجيات المواطنين في الأوضاع العادية، وما بالك في زمن الجائحة .
ومن اجل الرجوع إلى باقي المحاور في منهجية هذه المواجهة  التي سبق ان ذكرناها، وكذا التطرق لكيفة تعاطي الوزارة الوصية مع هذه الجائحة كان لا بد من الانتقال إلى الفقرة الموالية.
ب/في شان التصريحات الرسمية وواقع الوباء 
في سياق ما قلته في الفقرة السابقة عن واقع منظومتنا الصحية التي طالما انتقدناها نظرا لعجزها الهيكلي والبنيوي، وافتقارها  من جهة للامكانيات اللوجيستيكية والموارد البشرية الأزمة للاستجابة للحاجيات الصحية المتنامية للشعب المفربي ومن جهة أخرى لافتقارها لرؤية استراتيجية تروم لتطوير منظومتنا الصحية وخلق حالة من التكامل الايجابي بين القطاعين الخاص والعام وفق رؤية سياسية صحية تروم لتحقيق الأمن الصحي المجتمعي الذي يشكل عاملا اساسيا للاستقرار ومحفزا لتطور ونماء المجتمع وذلك بما تقتضيه هذه الرؤية من إعادة نظر جوهرية في منظومتنا الصحية ومن رفع في ميزانية هذا القطاع الحيوي الهام الذي مع الأسف تم التصويت ضد مقترح الزيادة  في ميزانيته بالأغلبية المطلقة من طرف البرلمان وذلك في جلسات سابقة.
لكن  فقط يمكن القول أن هذه الانتقادات لمنظومتنا الصحية يمكن إرجائها إلى ما بعد هذا الوباء ،وان المرحلة تقتضي تكثيف الجهود لمحاربة هذه الجائحة.
في هذا الصدد لا يمكننا إلا نثني على أطقمنا الطبية والتمريضية وجال الأمن وكل من يتواجد في الصفوف الأمامية والعاملين في القطاعات الأساسية الضرورية  وكذا التجاوب الايجابي لعموم الشعب في احترام ما يعمل به من اجراءات احترتزية .
لكن هذا كذالك لن يثنينا على مسائلة الوزارة الوصية على القطاع فيما تنتهجه من  استراتيجية لمكافحة هذا الوباء حتى لا نعيد تكرار الأخطاء التي مارسناها لعقدود في تدبير هذا القطاع الحيوي .
 وفي هذا السياق وعلى ضوء ما تقدمه مصلحة مكافحة الأوبئة والأمراض من إحصائيات لا تتناسب والتصريحات المتعلقة بالتقديرات فيما يخص ما يعد من إمكانيات لوجيستيكية من الأسرة وأجهزة التنفس الاصطناعي، و لا في ما يتعلق بالوضعية الحالية الحقيقية للوباء  لضعف الإمكانيات المسخرة لتعامل مع هذا الوباء وللتشخيص الواسع بالمقارنة مع دول محيطنا الإقليمي ،ولا بالاستعدادات المنتظرة لمواجهته .
وهو ما يعكس أما غياب إستراتيجية وطنية قائمة على التشخيص الموضوعي لواقع الوباء والاحتمالات الممكنة بما تقتضيه  من شفافية في التعاطي مع الوضع، والعمل على وضع الجميع أمام ما ينتظرنا كمغاربة ،حتى يتحمل الجميع مسؤوليته في الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الدولة  أم أن هذه التصريحات تروم المقصود منها فقط خلق جو من الطمأنينة عند المواطنين والمواطنات  .وحتى تظهر الوزارة في موقع المتحكم بالوباء . وفي كلا الحالتين نكون بصدد إعادة إنتاج أخطائنا بامتياز ونسوق لمواطنينا عكس ما نحن عليه أعمالا بمقولة :قولو العام زين، والمغرب استثناء.
عندما اطرح هذه الأسئلة فذلك من باب الغيرة على الوطن ، الذي نريده جميعا سالما ومعافيا ،لأنه بمجرد  إلقاء نظرة إلى الإحصائيات في شان عدد التحاليل المنجزة وأقارنها بدول محيطنا الإقليمي . 
وعندما استحضر ما يتم طرحه من إحصائيات في عدد الإصابات المؤكدة التي بلغت لحدود صباح  اليوم 1275 حالة واستبعاد 4477 من أصل 5752 تحليل مخبري وهو ما يشكل نسبة 22 % من مجموع التحاليل التي أنجزت إلى حدود اليوم. وعندما استحضر عدد الإصابات المؤكدة لدى المخالطين الذين يتم تتبعهم التي بلغت  في المجموع 445 حالة من أصل 8600 مخالط ،وهو ما يشكل فقط نسبة 5% وهو ما يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة الإصابات المجهولة المصدر التي يشكلها فارق 17% بين عدد الإصابات الإجمالية المؤكدة وعدد الإصابات لدى المخالطين .
وعندما استحضر كذلك ما يتم التصريح به من استعدادات لمواجهة الوباء التي تذهب إلى توفير 3 آلاف جهاز تنفس اصطناعي، تتراود إلى ذهني الكثير من الخلاصات المؤلمة التي استنبطها من القراءة الموضوعية للأرقام المقدمة سواء كإحصائيات وبائية أو كاستعدادات لمواجهة الوباء.وهو ما يفرض علينا قراءة في للبيانات والأرقام المقدمة من طرف الوزارة الوصية على القطاع.
-/ قراءة مقارنة  في الأرقام 
 إن نظرنا  مثلا إلى عدد  التحاليل المخبرية التي إجراؤها لحدود اليوم بشكل عام  التي لا تتجاوز 5752 تحليل مخبري في المجموع نجد أن المغرب يتواجد.في المرتبة التاسعة من أصل 12 دولة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي شملها الإحصاء أي بعد كل من موريتانيا ولبيا والجزائر.
-/ ان نظرنا كذلك إلى مجموع التحاليل الايجابية بالمقارنة مع العدد الإجمالي للتحاليل المنجزة فإننا نجد أنها تمثل ما يقارب 22% ، وان احتملنا ان عدد المخالطين لكل إصابة مؤكدة قد تصل إلى معدل 10 أشخاص بما يرفع هذا العدد إلى  12750 مخالط . وإذا اعتبرنا نسبة 5% منهم قد تكون إصابتهم مؤكدة وأضفنا الفارق 17% المجهول المصدر فان عدد الإصابات المؤكدة قد يتراوح في الوقت الراهن بين 4000- 5000اصابة وهو رقم سيعرف تصاعدا كون هؤلاء  بدورهم يكونوا قد خالطوا أشخاصا آخرين الخ الخ..
 مع العلم أننا لحد الساعة لم نوسع من قاعدة التحاليل depistage de masse لتشمل اكبر عدد من المواطنين والتي من ضرورة إجراؤها الفارق غير المعروف المصدر الذي قد يصل إلى نسبة 17% في عدد الإصابات المؤكدة.
 إن ما تطرحه الوزارة  من أرقام في مسالة أجهزة التنفس الاصطناعية التي  تراوح ا3000 جهاز. هي كذلك تثير الكثير من علامات الاستفهام  خاصة إذا ما علمنا أن نسبة المرضى بهذا الوباء التي تحتاج إلى عناية مركزة قد  لا تتجاوز 5% وفق الإحصائيات العالمية ، فهذا يعني بلغة الأرقام المرتقبة لعدد المصابين قد يكون   في حدود60000 مصاب وهو ما يحتاج إلى توفير ما يناهز 9000 سرير في المجموع إن أضفنا الحالات التي ستحتاج للاستشفاء دون وضعها تحت أجهزة التنفس الاصطناعية.
عندما اطرح هذه الأرقام فليسمن باب التهويل، بل فقط هذا ما تعكسه التصريحات والاحتياجات المرتقبة الرسمية، التي تتماشى وما تقدمه لنا وزارة الصحة.وإلا  عليها واجب التوضيح فيما يخص سبب تقديمها لهذه الأرقام، والتعامل بشفافية مع الوضع حتى يتحمل الجميع مسؤولياته. وهل هناك تقديرات أخرى سواء وطنية، أو بتوصيات من المنظمة العالمية للصحة التي تعتبر إفريقيا بؤرة  قادمة محتملة لانتشار هذه الجائحة. إما إن كانت تصريحاتها فقط جزافية.
تندرج في إطار التطمين مع عدم إدراكها لما تعنيه لغة الأرقام التي تقدمها ، ودون أن تعيي ما تعنيه بلغة التحليل ما تقدمه من تصريحات فتلك هي الطامة الكبرى .
 4/خلاصة:
من خلال ما سبق ذكره يمكن القول إن على المسؤولين على تدبير مواجهة هذه الجائحة أن يتوخوا الشفافية في تصريحاتهم وفي التعاطي مع الرأي العام مع الانتباه لما يقدمونه من أرقام خاصة فيما يخص الاستعدادات اللوجيستيكية المتعلقة بما يعدنونه من أسرة وأجهزة والتنفس الاصطناعي  وكذا على الوزارة الوصية على قطاع الصحة أن تعلن عن ما تعتمده من بروتوكول علاجي إزاء المصابين الذين بحاجة إلى العلاج وكيف يتم استعماله وهل من معايير محددة؟.حتى لا نتحول إلى حقل تجارب لبروتوكولات لازالت محل اجدل ومحل بحث وتجربة . وان كان لا بد منها  فلنقم بها لأنفسنا كمغاربة لكن بشكل علمي وعلاني نحترم من خلالها إرادة المواطنين في التطوع من عدمه للخضوع لهذه التجربة ،وكذا احترام المعايير الإنسانية وذلك كما تفعل باقي الدول التي تحترم مواطنيها ومواطناتها .
كما على هذه الوزارة  أن تعمل على الإسراع بتوسيع قاعدة التحليلات  التي لا زلنا متأخرين فيها كثيرا بالمقارنة مع باقي دول محيطنا الإقليمي من أجل اخذ العلم بحقيقة عدد الإصابات . والعمل على تعميم مراكز التشخيص على كل المدن المغربية حتى وان تطلب الأمر الاستعانة بالمختبرات الخاصة  وبأطباء القطاع الخاص ، وعدم التركيز فقط على محور فاس الرباط الدارالبيضاء مراكش .لان التشخيص الموضوعي والتقريبي لواقعنا الوبائي هو من سيعمل على تحديد الحاجيات الأساسية لواقعنا الوبائي  ومن سيحدد العناصر الأساسية لبناء إستراتيجية طبية وطنية لمواجهة الوباء ،وليس بتصريحات جزافية قد تضر أكثر مما تطمئن.