الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

جمال الدين ريان: الأميرة كورونا عرت المستور

جمال الدين ريان: الأميرة كورونا عرت المستور جمال الدين ريان
تأخرت كورونا كثيرا وكان عليها أن تظهر في القرن الماضي عندما كثر الحديث واللغو عن المشاركة السياسية لمغاربة العالم وخطابات العشق الممنوع من طرف الحكومة كلما اقتربت العطل الصيفية.
أتى دستور 2011 بمكتسبات مهمة صفق لها كل مغاربة العالم رغم تحفظهم على بعض الفصول وطنوا أنها بداية عهد جديد في تعامل الدولة المغربية مع جزء من مواطنيها الذين يضخون كل سنة المليارات من الدولارات في صندوق الخزينة العامة وأصبحوا قوة اقتصادية بعد مداخيل الفوسفاط.
طالت الأعناق منذ يوليوز 2011 في إنتظار تفعيل فصول دستور صوتوا عليه في مقرات القنصليات والمساجد والنوادي الجمعوية وكان الأمل خلال فترة حكومة عبدالإله بنكيران لكن تبخر هذا الأمل فيما بعد وأصبحت الخطابات السياسية مثل مهدئات الباراسيطامول ينتهي مفعوله بعد ساعات.
الحكومة عجزت عن تدبير ملف مغاربة العالم وكل مرة ترمي الكرة الى مؤسسات أخرى وتوالدت جمعيات الكائنات المصطنعة لتكسير أي تحالف للفاعلين الحقيقيين داخل منظومة مغاربة العالم.
الأحزاب السياسية بكل إتجاهاتها عجزت هي الأخرى وأطلقت ما يسمى بالجهة 13 الغير الدستورية للضحك على الأغبياء وإستحمارهم وتسارعوا لعقد تجمعات فلكلورية ببعض دول الإقامة لإطلاق مسرحية القرب وتأطير مغاربة العالم بعدما عجزوا عن تأطير مغاربة الداخل.
ودع مغاربة العالم 2019 بكل مآسيها آملين في التغيير قبل حلول 2021 لكن لم يكن في حسبانهم أن الأميرة كورونا ستنطلق من الشرق الأقصى وستقوم بشلل للعالم رغم تطوره وتقدمه التكنولوجي وسترغم الإنسان في تطبيق حجر إجباري عليه لم يعرفه من قبل.
الأميرة كورونا فضحت سياسة الدولة إتجاه مغاربة العالم وتعالت أصوات بعض الكائنات داخل المغرب تبث الكراهية والعنصرية إتجاه إخوانهم من مغاربة العالم مستعملة السب وجميع عبارات القذف.
إستنكرت فعاليات جمعوية وسياسية هذه الخطابات العنصرية التي تفاجئوا بها في ظرف يقتضي من الجميع التضامن ونكران الذات.
قام المغرب بغلق حدوده البرية والبحرية والجوية بطريقة إرتجالية دون إعطاء الفرصة لمغاربة العالم المتواجدين بالوطن للعودة إلى بلدان إقامتهم.
العدد يقدر بالآلاف وضمنهم أطفال ومسنين ومرضى وأصبحوا من العالقين هناك إضافة الى العالقين خارج المغرب وتعالت الأصوات هنا وهناك من أجل السماح لهم بالرحيل حيث أن جل الدول قامت بترحيل مواطنيها.
الحكومة المغربية ضربت عرض الحائط بخطابات العشق السابقة إتجاه مغاربة العالم وقامت بتركيب الكمامات على أذنها وأصبح حوار الصم والبكم حتى أن وزراء خارجية بعض الدول صرحوا في برلماناتهم على أن المغرب يرفض ترحيل مواطنيه القاطنين خارج أراضيه.
إضافة إلى رفض ترحيل مواطنيه فرفض كذلك إستقبال جثامين الموتى من مغاربة العالم الذين إمتلئت بهم ثلاجات المطارات وهناك من اضطر لدفنهم بالمقابر بالدول التي يتواجدون رغم إرتفاع تسعيرة الدفن حيث شركات التأمين المغربية لايدفعون كل المبلغ واضطرت الوزارة للتدخل لكن نهجت سياسة التمييز بين الموتى مع العلم أننا في زمن أزمة وكان عليها الضغط على شركات التأمين بتحمل كل المصاريف تضامنا مع زبنائها.
شكرا للأميرة كورونا التي أظهرت المسؤولين المغاربة على حقيقتهم وفضحت ما كان مستورا وأظن أن مغاربة العالم عليهم القيام بترتيب أوراقهم وأولوياتهم بعد زمن كورونا ويبدأ العد المستقبلي ومراجعة إنتظارات مغاربة العالم.
الوطن تخلى عن أبنائه في وقت هم محتاجون إليه وهذه هي الحقيقة وليس بخطاب سوداوي فالحكومة التي تنعدم فيها الإنسانية في علاقتها بمواطنيها خارج أراضيها فلم تعد لها الصلاحية في تدبير ملفهم أو الحديث عن إجراءات إتجاههم.
الأميرة كورونا غيرت مجرى التاريخ وفضحت المستور وأوقفت مشاورات لجنة المشروع التنموي الجديد إلى أجل غير مسمى.
الأميرة كورونا ستجعل علماء الإجتماع مراجعة دراساتهم وستكون كذلك سببا في نموذج إقتصادي عالمي جديد.