الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: "القراية بالانترنت.. بشحال كيطلع الدرس"؟

محمد الشمسي: "القراية بالانترنت.. بشحال كيطلع الدرس"؟ محمد الشمسي
 يتفنن كورونا في "بهذلتنا"، فأولا قال لنا " إنما المصافحة والبوسان والعناق رجس ولو مع ذي قربى ومَحْرم  فاجتنبوه"، فلبينا تعليماته و" معاودناش معاه الهدرة" وكل واحد فينا "شد يدو وفموا عندو"، ثم صاح في وجوهنا بعنف أن ادخلوا مساكنكم فدخلناها ليس فاتحين بل غالقين الباب خلفنا، ثم إنه أصابنا بلعنة الريبة والتوهم والمظنة، كل شيء نقتنيه نود لو نغسله بجافيل ولانكول حتى ولو كان لحما، وأغلق هذا الكافر مساجدنا وأغلق حتى أول بيت وضع للناس،وحكم على المؤذن فينا أن يدعو الناس "حي على الصلاة" فلا الناس يلبون دعوته ولا هو مستعد لاستقبالهم، ومنعنا من  العمل وزيارة الأقارب والنزهة وحتى المشي في الزقاق...
وحتى صغارنا الذين هللوا ليلة إعلان وزارة التربية الوطنية عن إغلاق المدارس ، فرض عليهم كورونا مواصلة تعليمهم بالانترنت، على الساعة التاسعة صباحا يكون هاتف الطفل بين يديه مشحونا بما يكفي من الكهرباء والتعبئة، زاد الله خير شركات الاتصال، المدرسة أنشأت مجموعة لكل قسم في كل مستوى، المعلمة ترسل تسجيلا صباحيا ترحب فيه بالتلاميذ، وتطلب منهم الإعلان عن دخولهم المجموعة واستعدادهم لانطلاق حصة لا يرى فيها التلميذ المعلمة، ولا هذا الأخيرة تلميذها، يا لعجبك يا كورونا، تشرح المعلمة الدرس وتطلب من التلاميذ الجواب على الأسئلة، بعض الحمقى من الآباء أو الأمهات يُعلمون أبنائهم غشا منزليا في حجرهم الصحي، "خاص ولدي يبان قدام صحابو واعر"، يطلع تسجيل في المجموعة وسرعان ما يتم حذفه، ربما لم يجب التلميذ الجواب المطلوب، ثم يعاود الكرة ...
من كان له ولد أو اثنان فقد يقوى على توفير ثمن هذا الدرس الذي يستغرق قرابة الأربع ساعات، ليس من الانتباه فقط بل ومن "الكونيكسيون" كذلك، لكن "الصكع" هو من كان له ثلاثا ورباعا وخماسا من الذرية، ها قد جاء كورونا ليحاسبك على التفريط في موانع الحمل يا رجل، كل ولد يمسك بهاتفه، يتحول البيت إلى "سيبير" يتعجب في أبنائه وهم يحدثون أنفسهم في هواتفهم، ويضحكون مع آلاتهم، لا تكاد تمر الساعتان الأولتان حتى يصيح أحد الأولاد"تقادى الكونيكسيون"، عليه أن يخرج من البيت لجلب بطاقة تعبئة ، يسرع وفي طريقه ينسى رخصة التنقل، يعود لحملها لكن زوجته تمنعه من الدخول لأنه لامس مقبض باب العمارة، ووطئ بحذائه أرض الدروج، ليبقى خارجا حتى تمد له الرخصة فقد يقوده البوليس إلى الكوميسارية بجريمة خرق الطوارئ الصحية، يشتري البطاقة ويعود مسرعا يسخر منه جيرانه من النافذة يعتقدونه مهرولا خائفا من كورونا، يلج باب بيته يجد زوجته تحمل "بوديزتان" الأولى عامرة جافيل والثانية عامرة لانكول، ترشه حتى تبلله، وتضطره لتبديل ملابسه يعني "كتكشطو عند الباب"، ثم يغسل يديه بماء جافيل مثنى، يسلم بطاقة التعبئة بعد أن يغسلها هي كذلك بجافيل، ويجلس متألما من حرارة جافيل التي تحفر يداه، بات يخشى حر جافيل أكثر من خشيته من العدوى ...يتساءل في قرارة نفسه...بشحال غادي يطلع هاد الدرس؟.