الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نور الدين العلمي: كورونا وكذبة أبريل الدولية

نور الدين العلمي: كورونا وكذبة أبريل الدولية نور الدين العلمي
سررت البارحة وأنا أستمع إلى إعلان لوزارة المالية وهي تخصص ميزانية ضخمة واستثنائية، لتقوية المؤسسة الصحية بالمغرب، وذعرت في نفس اليوم لما طالعتني قناة الجزيرة بتغريدة لثلاث ممرضات بمستشفى مانهاتن بأمريكا وهن يرتدين أكياس القمامة بعدما نفذت الأقنعة الصحية بنفس المستشفى إلى جانب احتجاج حاكم ولاية نيويورك اندروكومو، على السياسة الفدرالية في إطار محاربة وباء كورونا.
أما في الدول الأوروبية، فقد كشف عدد من المشاهدين، كيف أن هذه الأخيرة تعمدت إهمال المصابين من كبار السن (الميؤوس منهم) واهتمت بالأصغر سنا منهم، وهي التي كانت إلى الأمس تتبجح بقوة أنظمتها الصحية، وعمق احترامها لمختلف حقوق الإنسان، وحتى الحيوان، فتأكد أن الأمر مجرد أكذوبة ابريل.
عادت إلى الواجهة حوادث القرصنة التي كانت تحصل بمنطقة القرن الإفريقي ، وخليج عدن ،بزي آخر مثل ما سلكته السفينة المحملة بالكحول الطبي القادمة من الصين إلى تونس، مغيرة اتجاهها إلى ايطاليا التي تلقت منها فوق البحر عرضا ماليا أكبر، ودولة التشيك التي سرقت الكمامات الموجهة إلى ايطاليا، وهو ما تعرضت له الكمامات المتجهة إلى ألمانيا بمطار كينيا .
في المغرب مازال الوضع متحكما فيه بفضل كل الجهود والتدابير الإستباقي والموازية، ولان بلدنا المغرب بالرغم عن كل الملاحظات التي يمكن أن نستنتجها عنه في أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية إلا أن حفاظه على خصوصياته الأخلاقية والإنسانية تحميه من هذه الأنانية المادية،التي لاحظناها هذه الأيام في سلوكات دول كبرى كانت تدعي احترام الإنسان والمواثيق الدولية.
في حقيقة الأمر إن انخراط المواطنين في احترام مقتضيات حالة الطوارئ الصحية، والتشارك مع الدولة فيما تقوم به من اجل الحد من انتشار وباء كورونا، جعل الجميع يشهد بان هذا السلوك ميزنا شعبا ودولة بالرغم عن أننا محسوبون عن دول العالم الثالث، في وضع اقل خطورة من وضع دول وشعوب كانت إلى الأمس القريب، تضع نفسها كدول متقدمة تقود العالم، في موقع تدعي فيه أنها تحمي مواطنيها، وأنها دول الرعاية الاجتماعية ودول القيم والحقوق والمواطنة،إن المواطن المغربي والدولة المغربية ترجما عمليا ما فشلت فيه الدول المتقدمة، حيث أن هذه المساعدة التشاركية بين الدول والشعب، هي ما أكده حاكم نيويورك اندروكومو؛ قائلا؛ حينما تساعدون نيويورك فإنكم تساعدون أنفسكم، ودعا إلى التصرف كأمة، لذلك فحينما نساعد الدولة فيما تقوم به من أجلنا فإننا نساعد أنفسنا، وحتى لا نصل يوما ما إلى ما وصلت إليه تلك الدول من الكذب والترد فيتعين العناية بما يلي :
أولا: فتح المجال لعلماء الإجتماع، والمفكرين والعلماء و جمع الخلاصات النفسية والعلمية التي سببها انتشار فيروس كورونا، وترتيبها وإستخراج خلاصات قابلة للتنفيذ.
ثانيا : إنتهاج سياسة تغذية صحية، تجمع بين ثوابت الماضي ومتطلبات السلامة والذوق الحديث، عن طريق تشجيع البحث العلمي الجامعي في هذا الباب، مع الاعتراف الرسمي للمشتغلين في هذا الميدان ورد الحرب عنهم.
ثالثا : تشديد الخناق الإداري والزجري على كل مظاهر الإستخفاف بالسلامة الصحية والغذائية للمواطنين التي هي أصلا مرتكز متجذر في تاريخنا القديم ويكفي التذكير في هذا الباب بجزاء الإعدام أو الفصل من الوظيفة أو مصادرة الأملاك الذي كان يتعرض له المحتسب خلال عهد مولاي إسماعيل مثلا إذا كانت نوعية البضائع رديئة ومثله ما تعرض له بعض الخبازين وطحاني القمح الذين مزجوا في ذلك العهد الجير بالقمح،كي يصير وزن الأكياس كبيرا، وقد أورد محمد الامين البزاز (كتاب تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب) أن السلطان مولاي إسماعيل لما علم بالأمر أحضر في الحين أمين الحنطة مع باقي الطحانين،فاعترفوا بجريمتهم فأمر بجرجرتهم بواسطة البغال عبر مدينة مكناس، البعض منهم مذنبون، والبعض الآخر لأنهم لم يبلغوا عنهم.
رابعا: توسيع مجالات البحث الطبي الحديث في الجامعة الوطنية والحد من تضخم القطاع الطبي الخاص لحساب القطاع العمومي ودعم الأطباء بما يضمن تخليهم عن الإستقالة عن القطاع. بتمام سنتهم الثامنة فيه.
خامسا : تشجيع البحث العلمي الدقيق قي كل المجالات ، عن طريق خلق شعب التدريس ذات الصلة مع ربط المتخرجين منهم بسوق الشغل الوطني.
سادسا: وسيع مجالات وأنشطة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في ميادين الفكر والتربية بالاعتماد على الرصيد المحقق في محاربة الفقر والهشاشة.
سابعا : دعم أجهزة مخابراتنا الحدودية بأطر في عوالم الطب والفيزياء والأوبئة.
ثامنا : إنتهاج سياسة التقشف قيد المدى المنظور، على مستوى بعض الأنشطة والتدخلات التي تراكم خسارات الخزينة دون أن تنعكس إيجابا على تنمية البلاد.
إن اعتماد هذه الاقتراحات وبدائل مثلها وغيرها، قد يحقق إن شاء الله مناعة وطنية،في عالم سوف يتغير بشكل جذري بعد إنتهاء الحجر الصحي،الذي اثبت بان الدول المتقدمة وكل شعاراتها في الرعاية الإجتماعية وقيم المواطنة وحقوق الإنسان لم تكن الإ كذبة ابريل التي فضحها فيروس كورونا.
 
الأستاذ نور الدين بن محمد العلمي، محام بهيئة أكادير