الخميس 18 إبريل 2024
كورونا

هذه حقيقة صورة القائد الذي اعتذر "للسودور" والطفل البطل الذي دافع عن قوت أسرته بسلا

هذه حقيقة صورة القائد الذي اعتذر "للسودور" والطفل البطل الذي دافع عن قوت أسرته بسلا درس مغربي ينضاف إلى دروس ميدانية قدمت من طرف عدة وجوه مشرقة من نساء ورجالات السلطات المحلية
الاعتراف بالخطأ فضيلة ومن شيم الرجال في اللحظات العصيبة، وليس أشباه الرجال الذين تختلط عليهم ألوان قوس قزح.. هكذا تنطق هذه الصورة الجميلة التي تشابكت فيها الأيادي بحرارة التسامح كعربون لطلب الصفح والمغفرة، صورة معبرة جدا، قد تتعدد قراءتها الضاجة بتفاصيل الإنسانية المفعمة بتقدير واحترام الناس لبعضهم البعض كيفما كانت مستويات مواقعهم الاجتماعية والإدارية والمؤسساتية.
إنها يا سادة يا كرام، صورة قادمة من مدينة سلا التي ترقص على نغمات ضفاف صبيب مياه أبي رقراق الصافية، وليس من مدينة الجديدة التي انتحر بها شخص آخر تحت ضغط متطلبات الحياة وتكالب الزمن (رحمة الله عليه).. لمكر الصدف يمتهن بدوره حرفة "سودور".. صورة مرسومة بألوان قيم الشهامة والنبل والإخلاص، استطاعت أن تكتسح مواقع التواصل الإجتماعي لتعيد عقارب ساعة المفهوم الجديد للسلطة.
نعم، لقد شاهدنا رجل السلطة بمدينة سلا عبر فيديو انتشر كالهشيم في الحطب، وهو يجر طفلا بريئا علمته الحياة أن يجتهد بجانب أسرته لمواجهة تكاليفها الصعبة.. طفل لا ملك من القوة إلا أنفة الإنسان وكرامته، حاول الدفاع عن مخزون سلع الخضر التي استثمر فيها والده المسكين ما يملك من نقود معدودة، و الذي كان يمتهن حرفة "سودور"، التي بار رواجها، و لم تعد تجدي نفعا في زمن "كورونا" لضمان لقمة العيش خلال فترة حالة الطوارئ الصحية التي قررتها الدولة المغربية لمكافحة انتشار وباء كورونا.
إن صاحب المحل التجاري وابنه وإحدى السيدات، من خلال أحداث الشريط/ الفيديو الذي استثمره البعض رقميا عبر منصات التواصل، لغرض في نفس يعقوب، ذهلوا جراء وقع الهجوم المباغث وغير المستساغ من قبل عدة أشخاص كانوا مرافقين للقائد في دورية خاصة لاستطلاع واقع الحال أو تنفيذا مهمة إدارية ترتبط بزمن كورونا البئيس.
شاهدنا كما رواد المواقع، كيف كان الطفل يستجدي سعادة القائد، رفقة هؤلاء الأشخاص الذين يحملون صناديق الخضر، ويبعثرونها بعشوائية وعنترية قل نظيرها، وكأنهم ضبطوا "الخائن" فيروس كورونا مستترا وسط الخضروات المعروضة للبيع في غفلة من مختبراتنا الطبية.
مشاهد مؤلمة فعلا، تستحق المساءلة: هل امتهان بيع الخضر والفواكه لضمان قوت أسرة بسيطة، يعتبر جريمة إرهابية تقتضي من سعادة القائد أن يعطي تعليماته لحجز السلعة وجر طفل بريء أمام الملأ بطريقة مؤلمة وغير مقبولة نهائيا في علاقة مع حقوق الطفل؟
ألم يكن من الأليق فتح محضر مخالفة، وتنبيه "السودور" بمخالفاته القانونية وإحالته على السلطة القضائية لتقول كلمتها في النازلة التي لا تستحق كل هذا الضجيج المفتعل؟
الدرس الاستدراكي من خلال صورة قائد سلا مع الوالد وولده في مقر إدارته الترابية، هو بالفعل درس بليغ في التعاطي مع الواقعة الاستثنائية، درس مغربي ينضاف إلى دروس ميدانية قدمت من طرف عدة وجوه مشرقة من نساء ورجالات السلطات المحلية الذين يشتغلون ليل نهار في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة "كورونا" عبر ربوع المملكة، حيث يتواصلون مع المواطنات والمواطنين بروح وطنية عالية هدفها الأسمى الوقاية والحماية الميداية في حرب شرسة كل ساعة مع الشر القاتل القادم من مختبرات الفايروسات كوفيد ـ 19 الفتاك.
إن تعاطي نساء ورجال السلطة مع بعض المشاكل الاجتماعية التي تطفو من حين لآخر فوق سطح تضامننا العميق في اللحظة الوطنية التي يتعبء لها الجميع، يجب الحرص فيها على المواقف الإنسانية النبيلة التي تصب في اللحمة الوطنية، بعيدا عن إثارة خلافات نحن في غنى عنها اليوم، نعم يجب تشغيل عقلنا الأمني الذكي برجاحة..
كفى من الصور واللقطات البشعة والمؤلمة التي تجسد اليد الطولى الممدوة لتصل لوجوه شباب وجدوا أنفسهم مرغمين على قضاء حاجياتهم الاستثنائية في ظل حالة الطوارئ الصحية... لأن المشرع شرعن وسن قوانين زجرية للمساءلة والعقاب في هذه الفترة.
كفى من إبراز العضلات المفتولة في الشوارع والأحياء والأزقة والتفوه بأحط الكلام النابي في حق مواطنات ومواطنين يجهلون بحق واجباتهم ويطالبون بحوقوهم المشروعة..
 لكم أيها السادة المحترمين نساء ورجال السلطة ما يكفي من القوانين الزجرية لمعاقبة من يخرق حالة الطوارئ، ولا يفهم معنى أن يكون بطلا في مسلسل "كورونا" الذي قد تطول حلقاته.
نرفع القبعة لكم، ونحيي مجهوداتكم، لكن حذاري من انزلاقات البعض في زمن كورونا، والخزي والعار لمروجي الأخبار الزائفة والإشاعات المغرضة.