الجمعة 26 إبريل 2024
اقتصاد

سعيد لماني: هذا ما ينص عليه القانون لمواكبة إغلاق المقاولات بسبب "كورونا"

سعيد لماني: هذا ما ينص عليه القانون لمواكبة إغلاق المقاولات بسبب "كورونا" سعيد لماني

يرى سعيد لماني، مستشار في قانون الشغل والعلاقات المهنية، أنه بفعل فيروس كورونا المستجد، سيضطر مجموعة من المشغلين إلى توقيف أنشطة مقاولاتهم ليس بشكل إرادي، بل بسبب قوة قاهرة، لأنه يمكن أن نعتبر جائحة كورونا كالكوارث الطبيعية التي يتعرض لها المجتمع وتفرض تعاملا خاصا.

وشدد الخبير في قانون الشغل، على ضرورة دعم الحكومة، اليوم، للقطاعات المتضررة، ودعم المواطنين الذين يشتغلون في هذه المرافق التي توقفت عن العمل بسبب هذه القوة القاهرة، المتمثلة في فيروس كورنا المستجد...

 

+ في ظل هذا الوضع الطارئ الذي تعيشها البلاد بسبب كورونا وإغلاق العديد من المقاولات التي تشغل المئات من اليد العاملة، ما هي الخطوات التي يجب القيام بها لحماية المستخدمين ورب العمل؟

- ينبغي أن تعالج الأمور من مجموعة من الجوانب، فبالنسبة للوضعية التي تمر منها المقاولات اليوم في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد. فنحن اليوم أمام قوة قاهرة، حيث إن الأزمة التي تمر منها هذه المقاولات ليست مرتبطة بضعف في المبيعات أو ضعف الرواج، بل هناك قوة قاهرة هي التي فرضت على المشغل تعليق أنشطته لأجل غير معروف. فاليوم هناك مجموعة من المشغلين سيضطرون لتوقيف أنشطة مقاولاتهم ليس بشكل إرادي، بل بسبب قوة قاهرة، لأننا يمكن أن نعتبر وباء كورونا كالكوارث الطبيعية التي يتعرض لها المجتمع وتفرض تعاملا خاصا، وهذا الوضع تشير إليه المادة 189 من مدونة الشغل. فالمفروض على المشغل القيام بمجموعة من الإجراءات في ظل هذا الوضع، أولا الاجتماع مع مندوبي الاجراء أو الممثل النقابي للتشاور معهم، وسيكون مطالبا من بعد أن يعمل على تعويض ساعات العمل الضائعة بعد استئناف نشاطه العادي، فهناك مسطرة خاصة يجب أن يسلكها رب العمل بتنسيق مع مفتش الشغل، مثلا أن يكون التعويض في حدود ساعة في اليوم، و30 يوما في السنة، حيث أن الاجراء لا يضيعون في مدد العمل التي توقفوها اضطراريا.

 

+ كيف نحمي حقوق الأجراء في حالة فكر بعض أرباب العمل استغلال هذا الوضع القاهر لتقليص عدد العمال بشكل تعسفي ودون سلوك المساطر المعمول بها؟

- هنا يكمن التخوف، أن يستغل بعض المشغلين هذه القوة القاهرة للتخلص من بعض العمال وتقليص عددهم، لكن مدونة الشغل تطرقت لهذا الإشكال وأخضعت مسطرة تقليص عدد العمال لموافقة عامل العمالة أو الإقليم. ولا يمكن للمشغل أن يقلص عدد العمال لأسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية إلا إذا توفر على إذن مسبق من عامل العمالة أو الإقليم، كما أن مسطرة التقليص يجب أن تتم وفق مجموعة من الإجراءات قد تمتد إلى ثلاثة اشهر على الأقل، فيخصص الشهر الأول للاستشارة مع مندوبي الأجراء والممثل النقابي، وتشمل هذه الاستشارة الاستماع لاقتراحاتهم في ما يتعلق بتجنب تقليص عدد العمال، ثم بعد ذلك يقدم الطلب لعامل العمالة أو الإقليم مصحوبا بمحضر الاستشارة، ومصحوبا بتقرير يبين فيه الأسباب المالية والاقتصادية التي استوجبت طلب الإذن من ممثل الملك لتقليص عدد العمال. ثم تجتمع لجنة في العمالة ترفع توصياتها للعامل حول الموضوع، وعلى أساس هذه التوصيات يصدر عامل العمالة أو الإقليم قراره بالموافقة على التقليص أو بعدم الموافقة في أجل لا يتعدى ثلاثة أشهر من وضع الطلب وكل هذه الإجراءات والخطوات تنص عليهم المواد 66/67 من مدونة الشغل المتعلقتين بالتقليص الكلي أو الجزئي للأجراء أو بالإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولة. وإذا لم يتم احترام هذه المسطرة (أي مسطرة طلب إذن التقليص او الإغلاق من طرف العامل)، فإن هذا التقليص يصبح أوتوماتيكيا طردا تعسفيا للأجراء.

 

+ لكن، وبسبب توقيف العمل في العديد من القطاعات الخاصة كالحمامات والمقاهي وصالات الرياضة، كيف سيتعامل أرباب هذه القطاعات مع أجرائهم، وهل يخول لهم القانون التخفيض من الأجر الشهري؟ - نعم، قانون الشغل يخول ذلك في المادة 185، إذا كان الأمر يتعلق بأزمة اقتصادية عابرة، فيمكن أن يتم تقليص الأجر إلى 50 في المائة، ولمدة 60 يوما وليس بشكل دائم، لأن تخفيض ساعات العمل أو الأجر لا يجب ان يقل عن 50 في المائة من الأجر أو من مدة العمل.

 

+ وإذا استمرت الأزمة أكثر من 60 يوم، ما هي الإجراءات التي يجب القيام بها؟

- إذا أراد المشغل أن يستمر في تقليص الأجر أو العمل لمدة تفوق 60 شهرا، فيجب عليه أن يأخذ الإذن من عامل العمالة أو الإقليم، أو يوافق على ذلك مندوبي الأجراء. أعتقد بأن في هذه الحالة لن نكون في إطار أزمة اقتصادية عابرة، بل هناك قوة قاهرة، لاسيما أن الدولة هي التي أصدرت قرارات إلزامية بإغلاق بعض المحلات كالمقاهي والحمامات وصالات الرياضية، وهذا في نظري يسمى أزمة اقتصادية عابرة نتيجة قوة قاهرة، إذا صح التعبير. لأن القرارات التي تم اتخاذها ستظل سارية المفعول إلى اشعار آخر، وهو ما يجعلنا لا نستطيع تحديد المدة الزمنية التي سيظل عليها هذا الوضع القاهر.

 

+ في ظل هذا الوضع الذي تمر منه المقاولة المغربية، ما هو دور الحكومة للتخفيف الآثار التي سيخلفها هذا التوقف الاضطراري عن العمل؟

- على الحكومة أن تعالج هذه المشاكل بإجراءات استثنائية، لأن مثل هذه القوة القاهرة لا تحدث كل سنة، وبالتالي الرجوع لمدونة الشغل أو للاجتهاد القضائي غير ذي أهمية، في ظل هذا الوضع القاهر ولطبيعته الاستثنائية. فالحكومة اليوم يجب أن تدعم هذه القطاعات وتدعم كذلك المواطنين الذين يشتغلون في هذه المرافق التي توقفت عن العمل بسبب هذه القوة القاهرة المتمثلة في فيروس كورنا المستجد. إما من خلال الدعم المالي المباشر أو من خلال تخفيض الضرائب، أو إعفائهم من أداء الماء والكهرباء أو واجبات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكل هذه الإجراءات ستكون مهمة جدا في هذه الفترة وسنضمن استمرار نشاط العديد من المقاولات وحماية مناصب الشغل. بالمقابل حتى المشغل والأجراء يمكن أن يبدعوا حلولا لمواجهة هذه الأزمة كالاستفادة من العطل السنوية خلال هذه الفترة. عموما نحن نمر من كارثة وهذه الكارثة لا يمكن أن يتحمل نتائجها المشغل والعامل، بل على الدولة أن تتدخل لتدعم المقاولات بحكم أنها تمتلك الوسائل الضرورية لذلك.