الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

بسبب الجفاف.. الفلاح الصغير يستغيث صارخا في وجه سماسرة الأعلاف المدعمة (مع فيديو)

بسبب الجفاف.. الفلاح الصغير يستغيث صارخا في وجه سماسرة الأعلاف المدعمة (مع فيديو) مشهد من السوق الأسبوعي

رحبة الحبوب والقطاني والعلف بالسوق الأسبوعي بمدينة اليوسفية، هي تيرموميتر قياس الأزمة الفلاحية والزراعية والاجتماعية التي بدأت تزعزع استقرار وأمن الفلاح بمنطقة أحمر ودكالة وعبدة والرحامنة.. على اعتبار أن السوق الأسبوعي باليوسفية يعد نقطة لقاء وتواصل الفلاحين وتجار الأعلاف والمواشي وتبادل الأخبار حول المعيش اليومي بالبادية المغربية، في علاقة بواقع الحال الذي لا يبشر بالخير.

 

أرض عبدة لحنينة تعاني اليوم بدورها من قلة التساقطات المطرية، (لبخاتي وأولاد زكري نموذجان)، حيث قرر الفلاح هناك إطلاق المواشي والبهائم في حقول الزرع التي جفت ويبست مزروعاتها الفلاحية "لغلا ديال العلف دفعنا نطلقوا لبهايم في الزرع، باش نقذوا لغنم ولبقر... ونتسناو يوصلنا الدعم والتخفيف من أزمة الجفاف"، يقول بائع خضر بالتقسيط بالسوق الأسبوعي باليوسفية، و نفس الشيء ردده متبضعون من منطقة دكالة و الرحامنة كذلك.

 

"لكلاب كيتعشاو كل لعشية عندنا في الدوار، لبهايم مريضة وتموت كل ساعة الله يرزق السلامة والصبر"، يقول الفلاح عبد اللطيف تابت لجريدة "أنفاس بريس". مشددا على أن الدعم الذي خصصته الحكومة للفلاح الصغير لإنقاذ قطيع المواشي الذي أنهكه الجوع والمرض والنفوق اليومي غير كافي بتاتا ولا يصل إلى من يستحقه "واش معقول تعيش نعجة بـ 6 كلغ من الرويزة في السنة (الشعير/الرويزة المدعمة المخصص للعلف)...عندي 100 نعجة عطاوني غير 6 لخناشي كحصة للعلف؟"

 

 

بعد انحباس المطر، وشح الماء، وغياب احتياطي من الأعلاف لدى الفلاح الصغير الذي يتكبد الخسائر تلوى الأخرى (شعير، تبن، نخالة) وارتفاع أسعار العلف بسبب احتكارها من طرف المضاربين استشعر الفلاح صعوبة التأقلم مع الأزمة "ما عندنا لا تبن لا شعير لا نخالة...والرحبة غلات بلا قياس.. التبن وصل إلى 700 ريال للبالة، والنخالة 70 ريال للكلغ، والشعير والقمح 100 ريال للكلغ ..فين يعطي راسو هذا الفلاح؟"، يقول فلاح من إقليم اليوسفية للجريدة.

 

راديو الحكومة يتحدث عن دعم علف الشعير (الرويزة) بسعر لا يتجاوز 1,75 درهم، إلا أن الفلاح يكذب هذا الطرح ويعتبره مجرد إشاعة "لم نتوصل سوى بـ 6 كلغ للنعجة، ماكاين لا رويزة لا غيرها.. بهيماتنا كيموتو كل نهار بسبب الجوع وقلة ذات اليد"، يوضح فلاح آخر بسوق اليوسفية، مؤكدا أن "قطيع من 100 رأس (النعجة) تم بيعه بثمن 10 ألف درهم أي بسومة 100,00 درهم للنعجة"؛ مضيفا بأنه في جنوب المغرب "تم بيع شات رفقة رضيعها بسعر 75,00 درهم فقط".

 

قادتنا جولتنا بالسوق الأسبوعي إلى لقاء كساب بمنطقة إقليم اليوسفية، والذي شدد بدوره على معاناة الفلاح مع ندرة الماء وغلاء العلف "الرويزة يتم احتكارها من طرف المضاربين برحبة الحبوب ولا تصل إلى الفلاح البسيط... التبن ارتفع إلى أثمنة خيالية (البالة بسعر 35,00 درهم، والخنشة بسعر 30,00 درهم.. والشعير بـ 5,00 درهم الكلغ)". نفس المتحدث أوضح بأن مشكل الماء مطروح بشدة بالبادية "نشتري حاوية من الماء بسعر 300,00 درهم ونستعملها للشرب والتنظيف والسقي والطبخ ونحاول أن نروي عطش البهائم منها قبل الإنسان". مشيرا إلى أن منطقة سيدي محمد التيجي كنموذج تعاني ساكنتها من التهميش والإقصاء والفلاح لم يعد قادرا على ضمان أمنه الغذائي واستقراره بالمنطقة على جميع المستويات "نحن لم تصلنا الرويزة لمنطقة السبيعات، تم احتكارها من طرف السماسرة والمضاربين، ويتم بيعها أمام الملأ برحبة الحبوب بعد تغيير لون أكياسها".

 

 

الواقع المر الذي تتخبط فيها ساكنة منطقة أحمر، ينطلي على أغلب الفلاحين المتاخمين على حدود دكالة وعبدة والرحامنة، والذين ناشدوا القائمين على شؤون العالم القروي بضرورة استعجال "التدخل، وإنقاذ ما يجب إنقاذه من رؤوس المواشي والبهائم التي تتضور جوعا وعطشا بعد أن وصلت السكينة للعظم".

 

ودعنا السوق الأسبوعي باليوسفية بعد أن استشعرنا أن الأزمة عميقة بالمجال القروي الذي يئن تحت وطأة الجفاف والهشاشة والفقر وتوطئ السماسرة والمضاربين بالأعلاف المدعمة، ومع ذلك مازال الأمل نافذة يطل منها الفلاح المغربي بصبر وتبات لعل ضمير حكومة سعد الدين العثماني يستفيق من غفلته تجاه شعب كريم ومضياف ومشمر على سواعده لمواجهة تكاليف العيش والاستقرار بالعالم القروي.

 

رابط الفيديو هنا