الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

أحمد الحطاب: أبينا أم كرهنا، إننا نعيش أزمةَ قيمٍ حادة

أحمد الحطاب: أبينا أم كرهنا، إننا نعيش أزمةَ قيمٍ حادة أحمد الحطاب

حتى نقتنعَ بأننا نعيش أزمة قيم، يكفي أن نُدرك أن لكل مجتمع، في زمن معين، قِيمُهُ التي يتشبّث بها حتى النخاع لأنها هي التي تُحرّك حياتَه اليومية وما يحدث فيها من معاملات وتصرفات وسلوكات.

 

وحينما نتحدث عن المجتمع، فالأمر يتعلق بمجموعة من الناس، رجالا ونساء، اختاروا عن طواعية أن يعيشوا معا في مكان مشترك. غير أن العيش في هذا المكان المشترك لن يستقيم إلا إذا ساد بين أعضاء هذا المجتمع نوع من التضامن والتكافل والتكامل والتسامح... وما الذي يضمنُ هذا النوع من العيش في المجتمع؟ إنها بكل بساطة القيمُ بشتى أنواعها ومشاربها والتي هي قيم إنسانية أولا وقبل كل شيء. وهنا، لا بد من التذكير أن الإنسان ليس إنسانا إلا بقيمه التي تستمد وجودها من الأخلاق السامية.

 

فلنأخذ كمثل من القيم التي يرتكز عليها اشتغالُ المجتمعِ "الصالحَ العامَّ". والصالحُ العام، كقيمة اجتماعية، لا يمكن أن يكون مُطبَّقاً على أرض الواقع إلا إذا توفَّرت من أجله قِيَمٌ أخرى كالتضامن والتكافل والتكامل ونكران الذات، إلخ. وهذا يعني أن القيم التي تحرِّك المجتمعَ متداخلةٌ فيما بينها ومتكاملةٌ، أي أنها تشكِّلُ مجموعةً أو منظومةً أو وحدةً متراصّةً قد تفقد نجاعتَها وفعاليتَها إذا اختلَّ أحد عناصرها أو مكوناتها.

 

وبعبارة أخرى، يحق لنا أن نقولَ: إن تقهقرَ إحدى قيم المنظومة قد يؤدي، طال الزمن أو قصر، إلى تقهقر القيم الأخرى. فعندما يفقد المجتمع أهم قيمة المتمثلة في "الصالح العام"، فهذا معناه أنه فقدَ قيما أخرى تضمن استمراره وتساكُنَ أعضائه. حينها، تختلُّ المنظومةُ برمَّتها وبالتالي، يدخل المجتمع في أزمة قيم. فما هي إذن أزمة القيم؟

 

"أزمة القيم" هي تلك الفترة من الزمن المتفاوتة المدة والموسومة بتغيير يسير في اتجاه غير محمود مخالف لما ساد من قيمٍ في مجتمع ما. و"أزمة القيم" تتطلب اتخاذَ قراراتٍ وإجراءاتٍ جماعية جريئة ومتوافق عليها من شأنها أن تحدَّ من تداعيات واستفحال هذه الأزمة ومن تحسين الوضع المترتِّبِ عنها. ولا داعي للقول إن "أزمة القيم" تحمل معها قلقاً وخيبةَ أملٍ يستوجبان تكتُّلَ و تضافرَ جهود الجميع من أجل إيجاد توجهاتٍ ومسالكَ جديدةً لتجاوزها والخروج منها.

 

السؤال الذي يفرض نفسَه: علما أن هذه الأزمة طالت بدون استثناء جميعَ مرافق الحياة من سياسة ومؤسسات سياسية وإدارة ومنظومة تربوية وصحية وتجارة والخدمات العمومية، الخ. وأصبحت آثارُها تظهر واضحةً للعِيان، هل تمَّ اتخاذ ما يلزم من قرارات وإجراءات من طرف مَن بيدهم تدبير الشأن العام ومن طرف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والقيِّمون على الشؤون الدينية والمُنتَخَبون، وخصوصا منهم نواب و مستشارو الأمة؟

لا أريد أن أطيلَ في الكلام لأن الكل يعرف الجواب.

 

ـ أحمد الحطاب، فاعل مدني