السبت 20 إبريل 2024
اقتصاد

عبد اللطيف يكو: أبواب الوكالة الحضرية والمحافظة العقارية مفتوحة في وجه المواطن ليحصن نفسه من كل نصب عقاري

عبد اللطيف يكو: أبواب الوكالة الحضرية والمحافظة العقارية مفتوحة في وجه المواطن ليحصن نفسه من كل نصب عقاري عبد اللطيف يكو
خص عبد اللكيف يكو، رئيس رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، "أنفاس بريس" بحوار سلط فيه الضوء على دور التوثيق في الأمن العقاري، داعيا مقتني العقارات إلى ضرورة اتخاذ كل السبل من أجل تحصين عقاراتهم من كل نصب.
 
أثيرت مؤخرا على خلفية الفضيحة العقارية لمجموعة «باب دارنا» مسؤولية الموثقين في توثيق عقود لاقتناء السكن في طور الإنجاز، حيث اتهم الضحايا الموثق المعتقل على خلفية التحقيق معه، بأنه قام بالتدليس عليهم، كيف تلقيتم هذه الاتهامات؟
 القضية معروضة على القضاء، ولا يمكنني بأي وجه من الوجوه إعطاء وجهة نظري فيها، من باب استقلال السلطة القضائية، وحتى لا يكون لرأيي أي تأثير على القضاء..
على العموم مهنة التوثيق هي من المهن الصعبة وليست السهلة في تدبير ملفات مرتبطة بالأموال والعقارات، اليوم عندنا 1925 موثقا وموثقة، يشتغلون في احترام تام للقوانين والأعراف المعمول بها، ومع ذلك نضع التخليق ضمن أولويات مهنيي التوثيق. ويوميا تتم مراقبة مكاتب الموثقين من قبل المكاتب الجهوية بشراكة مع النيابة العامة، ولو لم تكن هذه المراقبة لكان عدد المخالفين أضعافا مضاعفة، حيث تشمل المراقبة مجالات الحسابات المالية والعقود والالتزامات والشروط الشكلية في أي عقد توثيقي، وهناك لجنة مختلطة تعقد اجتماعاتها الدورية للنظر في الشكايات التي تصلها بخصوص الموثقين كباقي المهن المرتبطة بالعدالة، وتقرر وفق الملفات المعروضة عليها أحكاما بالتوبيخ أو التوقيف أو التشطيب، ومن حق أي متضرر أن يرفع ملفه للمجالس الجهوية للموثقين أو النيابة العامة مباشرة.. لكن ما ينبغي معرفته أن الموثق يشتغل في وسط ينبغي أن يكون مشمولا بالتخليق. فالمسؤولية أيضا يتحملها المستهلك المعني بالعقد، إذ ينبغي عليه أن يتحرى صدق هذه الشركة العقارية وصورتها في السوق، وعليه طلب استشارة الموثق قبل إنجاز العقد..
 لكن هذا تكليف إضافي وليس في محله للمستهلك، في الوقت الذي يتوفر الموثق على كل وسائل الولوج لمعرفة طبيعة العقار والجوانب القانونية، فلماذا لا يتحمل الموثق مسؤوليته ويقوم بالنصح لهذا المستهلك؟
أنا أتحدث عن الاستشارة القانونية، أي قبل إنجاز العقد واقتناء العقار. فما يقع غالبا هو أن المستهلك يجعل من مرحلة التوثيق المرحلة الأخيرة بعد أن يكون ضحية سماسرة العقار، وأحيانا عندما يوضح له الموثق أن عليه التريث أو الحفاظ على مصالحه، يطلب منه المعني بالأمر التعجيل بالعقد، مدعيا بأنه تم الاتفاق مع صاحب المشروع العقاري في كل التفاصيل، وهنا تنعدم مسؤولية الموثق. أعطيك مثالا، في حالة اقتناء قرض بنكي، ألا نجد المعني بالأمر يطلب معلومات عن كيفية أداء أقساط القرض وفوائده في عدد من الوكالات البنكية، وفي الأخير يعقد العزم على هذه المؤسسة أو تلك؟ فلماذا لا يكون نفس الأمر بالنسبة لاقتناء عقار؟ اليوم كل المعلومات متوفرة، وكل المؤسسات الإدارية تتوفر على بوابة على الأنترنيت تعرض فيها معلومات قانونية لاقتناء سلف أو عقار، مثلا الوكالة الحضرية أبوابها مفتوحة لتلقي أي استفسار عن طبيعة أي عقار، والمحافظة العقارية أيضا توفر خدمة معرفة مالك العقار.. وعليه فإن من يسلك هذه الإجراءات القبلية الأكيد سيحصن نفسه من الوقوع في أي عملية نصب من أي جهة..
 لكن أمام حالة مجموعة «باب دارنا»، فإن الموثق يعرف بأن ملكية الشركة للعقار ليست مكتملة، وينجز عقود حفظ لها، إلى أي حد أن هذا الموثق يعد شريكا في النصب الذي تعرض له من أنجز لهم هذه العقود؟
لا أريد الدخول في حيثيات قضية معروضة على القضاء، لكن المشرع المغربي أعطى إمكانية أن يرد بيع العقار قيد الانجاز على عقار غير محفظ حتى لا يبقى هذا النوع من العقارات خارج الدورة الإنتاجية، رغم أن التعامل في العقار غير المحفظ يبقى محفوفا بالمخاطر من عدة وجوه، والقانون واضح في هذا النوع من البيوع العقارية، ولا معنى لأن يتوافق البائع والمشتري على كل الأمور، ويكون دور الموثق هو إنجاز العقد..
 لكن عمليا هو أن المجموعات العقارية الكبرى تفرض على المقتني توثيق العقد عن موثق بعينه، وكأننا أمام تواطؤ، وعندما يحتج المقتني بضرورة إنجاز العقد عند موثق آخر، يرفض ملفه، في نظرك ألا يعد هذا شبهة التواطؤ؟
لا، لا يمكن وصف الموثقين بالتواطؤ مع المنعشين العقاريين، والتواطؤ معاقب عليه، وممنوع بتاتا، وإن كان هذا الاحتكار نحاول التخفيف منه من خلال توحيد التعرفة من حيث إجراءات الإنجاز لخلق نوع من التوازن ومحاربة المنافسة غير المشروعة خاصة في المدن الكبرى، ومن حق أي مقتن حرية اختيار موثقه الذي يثق فيه، ومع ذلك فإن احترام الشروط الشكلية لإنجاز أي عقد توثيقي ينبغي أن تكون موحدة بين جميع الموثقين.. «وما كاينش موثق ديال هذا الطرف، وموثق ديال الطرف الآخر».
لكن لنكن صرحاء، قانون بيع العقار في طور الإنجاز لا يطبق بشكل سليم، وهناك تلاعبات من جميع الأطراف المعنية بإنجاز عقوده، والمشتري هو الحلقة الأضعف وسط هذه الدوامة، والتجربة أثبتت أن هذا النوع من العقود لا تكون نتائجه دائما سارة، ومع ذلك يستمر المواطنون في اللجوء لهذا البيع للتسهيلات التي تظهر لهم..
 فعلا، هذا القانون يتحدث عن 5 في المائة من ثمن الشراء تقدم عند إنجاز عقد الحفظ، والحال أن هذا النسبة تجاوزت الثلث في فضيحة مجموعة «باب دارنا»..
 كما قلت لك لا يتم احترام النصوص المعنية بهذا القانون، وكل مخالفة خصوصا من المشتري لا تحميه في حالة وقوع مشكل في ما بعد، وعوض أن يتنازع في مبلغ نسبة 5 في المائة المنصوص عليها، يصبح أمام أحيانا نصف المبلغ، في الوقت الذي لم تنجز فيه الشركة العقارية 5 في المائة من المشروع، وتزداد الأزمة استفحالا عندما يكون هناك ضحايا كثر ومبالغ مالية بملايين الدراهم.. طبعا هناك بيوعات من هذا القبيل يتم احترام مقتضيات ما جاء في عقودها التوثيقية، لكن ليس كل مرة تسلم الجرة، وهنا مسؤولية الدولة بالدرجة الأولى في حماية المشترين، والضرب على أيدي كل من يريد زعزعة الأمن العقاري ببلادنا، وحان الوقت لمراجعة القانون المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز، وتدرك أنه قانون ازداد ميتا، وتعقد لقاءات مع المنعشين العقاريين والموثقين والخبراء والبنوك، وتناقش معهم الجوانب السلبية التي برزت من تطبيق هذا القانون وسبل تجاوزها، وعلى المشرع أن يدرك بأن ما كان يقع في سبعينيات القرن الماضي من نصب على خلفية العقارات في طور الإنجاز، لم توقفها النصوص القانونية لسنة 2016، بل ازدادت حدة، لأن المرسوم لم يصدر بعد، والدليل ارتفاع عدد الضحايا، مع العلم بأن لجوء أشخاص تحت مسمى منعشين عقاريين لبيع عقارات ليست في ملكيتهم ليس مقتصرا على المغرب فقط، بل هناك عدد من الفضائح العقارية اهتزت لها الدول.