الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى العراقي: في انتظار نتائج لجنة النموذج التنموي

مصطفى العراقي: في انتظار نتائج لجنة النموذج التنموي مصطفى العراقي

هناك خمس قضايا ذات أولوية تتطلب التعامل معها بجدية وبجرأة وبإرادة سياسية كي يستدرك المغرب تخلفه ويضخ في آلياته التنموية نفسا غير ملوث ولا استهلاكي.. هي خمس قضايا للخروج من هذه الدوامة التي تقف عائقا في وجه أي إقلاع حقيقي يزدهر فيه الاقتصاد وتتحسن القدرة الشرائية وتتقلص حقول الهشاشة والفقر في المدن  والبوادي.. خمس قضايا تشكل وما زالت وللأسف، شعارات سياسية. لكن لا جسور لها في الفعل.. تشكل مواضيع مؤتمرات وندوات لكن يتركها المؤتمرون كتوصيات والتزامات على طاولة خطابتهم وبين كراسي حضورهم.

 

هذه القضايا وغيرها كثير، تتمثل في: الفساد والريع، اللاعدالة الاجتماعية والمجالية، التهرب الضريبي، رداءة قطاع التعليم والصحة، تدبير الزمن.

 

لنبدأ بالقضية الأخيرة: ومن زاوية تدبير الزمن في الملفات الاستراتيجية. لقد صنع المغرب لحظة تاريخية بامتياز على المستويين الإقليمي والعالمي بإصدار هيئة الإنصاف والمصالحة لتوصياتها سنة 2005. وها نحن على بعد 14 سنة ومازالت العديد من التوصيات لم تفعل..

 

في 2010 بدأ ورش الجهوية المتقدمة، لكنه وبالرغم من إعادة صياغة الجهات وتأطيرها بقوانين تنظيمية، لكنها وبعد عقد من الزمن من انطلاق هذا الورش مازلنا نعيش جهوية ما قبل دستور 2011..

 

والاستراتيجية المندمجة للشباب. لقد تمت صياغتها ثلاث مرات  لكن لا أثر لها في التفعيل.. ونحن ننتظر من الحكومة الحالية التعامل معها بجدية.

 

والخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان التي صادقت عليها حكومة 2007 وأعيد فيها النظر من زاوية حكومة 2017 ورافقها ندوات وورشات و... لكن أغلب تعهدات هذه الخطة فقدت لون الحبر الذي كتبت به ولم تخرج من الوثيقة إلى الحقيقة...

 

القانون الجنائي، كم من مسودات لتعديله وكم من مذكرات ومرافعات.. وفي كل دورة برلمانية ومنذ أكثر من عقد ننتظر ومازلنا أن يوضع على جدول الأعمال.

 

والتربية والتعليم منذ ميثاق 1999؟؟ ها نحن بعد عشرين سنة نبحث عن مخرج لأزمة هذا القطاع... لم نضع الميثاق على السكة الصحيحة وشرعنا في استدراك ذلك بمخطط استعجالي وبرؤية 2030 واستنجدنا مؤخرا بقانون إطار...

 

وحتى دستور 2011 كانت ولادة قوانينه التنظيمية جد عسيرة نصوصا وزمنا. أما هيأته فبعضها لم يخرج للوجود بعد وبعضها ولد دون سقف روح هذا الدستور...

 

إنه تدبير الزمن. نضع الاستراتيجية أو الخطة أو المسودة أو... ونترك بياضا زمنيا يملؤه سواد استفحال الأوضاع  وتتضخم المتطلبات المالية  بفعل التأخير في الإنجاز...

 

أما قضية الفساد والريع فالشق الأول لم تؤثر في اتساعه الآليات الدستورية والإدارية لعدم نجاعتها أو لوجود جيوب المقاومة.. والريع في البر والبحر وعلى الطرقات والخدمات فلن يقف في وجهه إلا قرار يكون أم القرارات يجعل القانون والاستحقاق فوق أي اعتبار..

 

التهرب الضريبي  قضية تاريخية. أذكر هنا بمعطيين اثنين. أولهما تصريح مسؤول بوزارة المالية عن المصحات الخاصة.. وتدخلات وزير المالية في مناقشة ميزانية 2020.. هذا الأخير كشف عن حجم التهرب وعن القطاعات المستفيدة.. لكن السؤال الذي يطرح هنا: أليس للوزارة مسؤولية في ذلك بفعل تراخيها ومحدودية آليات مراقبتها؟؟

 

قد لا أضيف جديدا وأنا أتناول هذه القضايا. فقط أردت إثارتها ونحن ننتظر تقرير وتوصيات لجنة النموذج التنموي. إن هناك تخمة في التشخيص وجبال من التوصيات. وكل ذلك أصبح يشكل هدفا نضعه على الرفوف يراكم طبقات من الغبار. أو نرميه في دهاليز الإدارات والمؤسسات لتأكله الرطوبة والجردان وتسربات المياه بدل أن نترجمه بنجاعة ومسؤولية وبتدبير زمني مناسب حتى نخرج المغرب من تخلفه وفقره ومن أزماته التي تستفحل سنة على صدر سنة.