إنها مآسي القدر المرتبطة بسخريته تلك التي أصبحنا نعيشها في وطننا الضائع، نتيجة ممارسات المسؤولين.. هذه الأخيرة التي تعود بنا عقودا إلى الوراء حتى أصبحنا لانفرق بين الخلفيات والدوافع، هل هي نتاج نية مبيتة أم قلة معرفة؟ فما معنا أن تزور مقر السلطة الإدارية وتقدم تصريح لعقد اجتماع عمومي، وفق الفصل 3 من الظهير الشريف رقم 1.58.377 (بشأن التجمعات العمومية)، وهذا الاجتماع طبعا لتأسيس جمعية، وبعد ذلك يطلب منك الباشا اسم الجمعية والقانون الأساسي، والجمعية لم تتأسس بعد، لأن هذه الوثائق طبعا ستتم المصادقة عليها في الجمع العام، وبكل أسف يجب أن تقدم أنت المواطن البسيط للسيد الباشا توضيحا مهما، أساسه أن هناك فرقا بين الفصل 3 من ظهير التجمعات والفصل 5 من ظهير تأسيس الجمعيات.
لكن الاشكال الكبير، والذي لا يجب أن نسكت عنه بأي حل من الأحوال، هو بعد تأسيس الجمعية وتقديم التصريح بها وفق مقتضيات الفصل 5 من الظهير الشريف 1.58.376 والذي يضبط بموجبه حق تأسيس الجمعيات يفاجئك الباشا بمحاولة إلزامك بتعديل الاسم والقانون الأساسي للجمعية، تحت طائلة عدم تسلم الملف، ضاربا بعرض الحائط كل القوانين وكذا الدستور والمواثيق الدولية في هذا الشأن وحتى الأحكام القضائية الإدارية الصادرة في نوازل مماثلة...
وهنا نوضح للمسؤولين بوزارة الداخلية وأمام الرأي العام الوطني والدولي، أن الجواب الذي قدمنا للسيد الباشا، وبكل أدب واحترام، هو أن الجهة المدنية الوحيدة التي لها حق تعديل القانون الأساسي واسم الجمعية، هي الجمع العام وليس الأشخاص، والسلطة الوحيدة المخول لها القضاء ببطلان الجمعية هي السلطة القضائية، وبالضبط المحكمة الابتدائية الشاملة لنفود تأسيس الجمعية.
وإلى هنا سأحجم حاليا عن تعليق الباشا عن ذلك. وفي الأخير لم يبق في وسعنا إلا شيء واحد، قمنا به، هو إخراج نسخة من مطبوع، إصدارات مركز الدراسات والأبحاث الجنائية بمديرية الشؤون الجنائية والعفو، سلسلة نصوص قانونية العدد 8 بوزارة العدل، وبدأنا بقراءة الفصل 5 من ظهير الجمعيات وكذا الفصل 7 منه. هذا الاخير الذي جاء فيه اختصاص المحاكم في البث في بطلان الجمعيات..
وبالرغم من ذلك أصر السيد الباشا على إلزامنا بتعديلاته... وفي الأخير لم يبق أمامنا إلا الاستعانة بمفوض قضائي، حيث صرح له السيد الباشا بما أوردنا سابقا، وحصلنا على محضر قانوني بذلك.
أترك الأمور القانونية في هذا الحد إلى مقالة أخرى، حيث سأفصل فيها الجانب المتعلق بالدستور والمواثيق الدولية، وسأعرض على أنظار الرأي العام أحكاما قضائية، وإشكالية اسم المنكوب (بوضع ثلاثة نقاط على الكاف) الذي رفض الباشا أن يكون اسما للجمعية؛ وأعود إلى مسألة مهمة في هذا الصدد، حيث تراودني تساؤلات عديدة: هل نحن نعاني بورزازات من إشكالية فهم صحيح للقانون أم أن هناك أمورا أخرى؟ أليس من الملحوظ حاليا أن مجمل التنظيمات الحزبية تفتح دكاكينها السياسية استعدادا للانتخابات؟ وربما قد يكون تعطيل تأسيس هذه الجمعية له فوائد لجهات معينة... ألا يتوفر أرشيف باشوية ورزازات على نفس القانون حرفيا، فقط تم تغير اسم الجمعية ضمنه وهو خاص بجمعية أخرى ولها وصل إيداع نهائي؟ أم أن مسؤولينا المحليين لا يراجعون دروسهم جيدا؟