السبت 27 إبريل 2024
اقتصاد

عبد الصمد فلكي: فئة قليلة بدل تحمل أعباء صندوق التضامن الوطني تقتات من المال العام بشكل بشع ومستفز

عبد الصمد فلكي: فئة قليلة بدل تحمل أعباء صندوق التضامن الوطني تقتات من المال العام بشكل بشع ومستفز عبد الصمد فلكي
تمت المصادقة على المرسوم رقم 2.19.244 المتعلق بفرض تعريفة شبه ضريبية حددت نسبتها في 1 في المائة ستقتطع مع مبالغ التأمين وإعادة التأمين التي يؤديها المؤمنون لهم لإنعاش الصندوق الذي سمي بصندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية ومواجهة مخلفات الكوارث الطبيعية المختلفة ، هذا  وأن كان لا احد يمكن ان يكون ضد اعانة المتضررين من الكوارث.
 "أنفاس بريس" ناقشت عدالة هذه الضريبة مع الدكتور عبد الصمد فلكي، دكتور في الحقوق جامعة محمد الخامس أكدال:
 
 في نظرك ما هو  السند الدستوري والقانون  لفرض ضريبة إنعاش صندوق التضامن ضد الكوارث؟
 
إذا تحدثنا عن السند القانوني والدستوري بالتحديد في هذا الموضوع، فالمنطق القانوني يضع هذا الالتزام في خانة المساهمة والتكليف التضامني وليس رسما او ضريبة وفقا لمنطوق المادة 39 من دستور 2011، التي تنص على أن على الجميع ان يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور، وأيضا المادة 40 من نفس الدستور، والتي تنص صراحة على أنه على الجميع أن يتحمل بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد. ثم هناك نقطة على غاية من الاهمية بهاتين المادتين، وهي مسألة تضامن الجميع، اي أن التكليف يكون إلزاميا وشاملا لكل المواطنين كل قدر استطاعته. وهنا نلاحظ بخصوص تحديد موارد الصندوق أن القانون أهمل هذا الطرح الدستوري الصريح، وبدل أن يحدد مبلغ التكليف حسب دخل كل فئة من فئات المواطنين عامة، فإنه حدد نسبة معينة مستقرة تؤدى ضمن مبلغ تأمين المركبات والدراجات النارية، مع العلم ان هناك من الميسورين من لا يملك رخصة سياقة ولا مركبة، ليس لعدم قدرته المادية، ولكن لرفضه ذلك وقناعته بعدم حاجته إليها، إما لدواع صحية او جسدية او نفسية، وغالبية من يملكون المركبات هم من ذوي الدخول المتوسطة والضعيفة، والذين يزيد هذا القانون إثقالهم بتكليف المفروض أن يوزع على الجميع بالمنطوق الصريح للقانون الاسمى، وبالتالي فإن مضمون قانون إحداث الصندوق في شقه المتعلق بالمصادر المادية الخاصة به، يعتبر واقعيا متعارضا مع النص الدستوري، وعدم تماشيه مع غايته.
 
لماذا يتم اللجوء دائما  في حالة الأزمات إلى المواطن عبر  اثقاله بالضرائب والرسوم؟
 
 كما تعلمون فالتركيز على المواطن في كل تكليف سواء كان ضريبيا أو كان تكليفا ماديا إضافيا في شكل زيادات مختلفة في كل مناحي الحياة اليومية، مرده إلى الصعوبات الاقتصادية التي يتخبط فيها المغرب وضعف السيولة وثقل المديونية وقلة المداخيل وكثرة النفقات وعدم استقرار المواسم الفلاحية، ومع واقع عدم الاعتماد على قروض خارجية جديدة للتمويل الحكومي بحكم تفاقم مستوى المديونية، فإنه بات لزاما ان يكون المواطن المستهدف الأساسي لتوفير مصادر التمويل، وليست هنا تطرح الإشكالية وإن كان هذا الأمر لا يراعي الوضعية المادية الحقيقية والمزرية لعامة المواطنين، انما المشكل الأساس يتجلى في عدم تطبيق مبدأ المساواة بخصوص التحملات المادية، وعدم شمول هذا التحمل جميع فئات المواطنين، حيث نجد فئة عريضة ساحقة تتحمل مختلف التكاليف من زيادات في المواد الأساسية وفي المحروقات وفي الضرائب والسكن والماء والكهرباء، بينما نجد فئة قليلة جدا بدل تحمل الأعباء المادية في إطار التضامن الوطني نجدها تقتات من المال العام بشكل بشع ومستفز في كل مناحي الحياة، حيث التعويضات الخيالية المتنوعة والاستفاذة من السيارات الفارهة بمحروقاتها وصيانتها والسكن الوظبفي الراقي بكل مقوماته وخدماته وخدمه مجانا، بتكليف زائد ولكن على حساب المال العام، إضافة إلى تحملات تقاعد الوزراء والبرلمانيين، إذ كيف يمكن ان نركز فقط على المواطن البسيط في كل التكاليف لإنعاش الميزانية العامة والحالة هذه؟ لذلك لابد من إعادة النظر في هذا الاختيار ومحاولة التخلص من هذه العادات؛ والقطع مع هذه الممارسات التي لن تزيد الوضع في المغرب إلا تأزما و تهديدا حقيقيا للسلم الإجتماعي.
 
ما قيمة التضامن  إذا لم تتم دعوة الاغتياء وأصحاب الثروة  والأجور المرتفعة للمساهمة في الصندوق بالدرجة  الأولى؟
 
 لقد سبق ان تناولت هذا الموضوع سابقا، وأكدت على أن منطق التضامن يفرض المساهمة من أجور وتعويضات كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين ورجال المال والاعمال و رجال الاقتصاد، اذا كانت لدينا فعلا الإرادة الحقيقية والجرأة والشجاعة للإقدام على هذا الإجراء مهما تعرض القرار للانتقاد و المواجهة من أصحاب المواقف المعارضة له، والتي تكون مستهدفة. إن المصلحة العامة تقتضي التضحية لمن استطاع اليها سبيلا، والاقتناع بالموقف البناء والتخلي عن الأنانية وعدم التشبث بمبدأ عدم الانتقاص من المدخول والريع والثروة، لان مساهمة في اطار التكليف مهما كان مبلغها لا ولن ينتقص من ثروة الغني ولا من مدخول مسؤول رفيع، بل بالعكس ففي تطبيقها سيعرف المجتمع رخاءا وازهارا ،وتوفر كاف للسيولة المالية وحلا اكيدا لاية أزمة او معضلة مطروحة وانتعاشا مريحا لكل الصناديق وليس فقط لصندوق مواجهة الكوارث الطبيعية.
 
ما هي الضمانات  التي تطمئن بأن موارد هذا الصندوق  ستوجه فعلا إلى ضحايا هذه الكوارث؟
 
 الواقع أن توالي إعلان عجز الصناديق الواحد تلو الاخر او افلاس هذا و اختلاس الملايير من هذا جعل غالبية المهتمين بالشأن العام أكاديميا، وأنا منهم، يتحفظون بخصوص الضمانات الموجهة لموارد صندوق مواجهة الكوارث الطبيعية، فعلا أتساءل انا إلى اي مدى يمكن لهذا الصندوق ان يحقق الأهداف المتوخاة من انشاءه؟ وهل مقدراته المادية ستكون كافية بالشكل الذي يغطي تعويضات كل ضحايا هذه الكوارث الطبيعية؟ وأركز على القول كل ضحايا الكوارث الطبيعية وليس جلهم، ثم هل سيكون مبلغ التعويض محترما وكافيا لإعادة إصلاح ما أفسدته هاته الكوارث؟ أم سيكون تعويضا هزيلا لا يسد حتى رمق الحاجة؟ هي اسئلة مهما تم التهرب من الإجابة عنها، إلا أن الواقع كفيل بأن يظهر المستور عن الشروع في الإجراءات الإدارية التطبيقية بخصوص منح التعويضات بالكيفية المنصوص عليها في القانون.