الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

الفنان رشيد عبدين صوت الكروان القادم من سهول عبدة الساحرة

الفنان رشيد عبدين صوت الكروان القادم من سهول عبدة الساحرة رشيد يتوسط الإخوة جمال وعبدين الزرهوني

استضافت جريدة "الوطن الآن" و"أنفاس بريس" كروان الغناء الشعبي، صاحب نبرة الصوت الساحرة، الفنان رشيد عبدين الذي يحفظ عن ظهر قلب كل أغاني الفنان الشيخ عابدين الزرهوني، والذي يعتبر نسخة طبق الأصل لهذا الأخير، لتقديمه لعشاقه والمهووسين بالنمط الأطلسي وفن العيطة التي أجاد عزف وغناء متونها.

 لماذا اخترت الاسم الفني "رشيد عبدين" ؟

الاسم العائلي رشيد لميح، من موليد سنة 1988 ، حاصل على شهادة الباكلوريا سنة 2007 ، متزوج/ أب لطفلين. امتهن فن العزف على ألة لوتار المغربي. فمنذ صغري، عشقت كثيرا فن العطية الحصباوية والنمط الغنائي الأطلسي، الذي أبدع في أداءه مغربيا الفنان الرائد عبيدين الزرهوني، وقد اخترت هذا الإسم الفني، بحكم أنني مهووس بأداء عبدين الزرهوني ونمط غنائه الرائع، فضلا على أنني ترعرعت في نفس الحي الذي كانت تقطن فيه عائلة المرحوم السي عبد الرحيم الزرهوني والد الشيخين جمال وعبيدين الزرهوني بجنان الشقوري بمدينة أسفي. حيث توطدت علاقتي الفنية مع عائلة "الزراهنة".

حدثنا عن كيفية تشبعك بألة لوتار وفن العيطة؟

منذ حداثة سني، كنت استمع كثيرا لفن العيطة والأغاني التي كان يتقنها أفراد العائلة الفنية للزراهنة، وهم يتمرنون على العزف والإيقاع والغناء داخل بيتهما العامر. جمال الزرهوني، وعبيدين الزرهوني وأخوهما سيدي أحمد الزرهوني، والسي محمد الزرهوني ، كنت أتسلل داخل البيت واسترق السمع لعزفهم وغنائهم ، وأتابع بشغف واهتمام كبيرين لكل إبداعاتهم الفنية التراثية. وأتذكر أنني اشتريت أول آلة لوتار من الشيخ العربي الكزار رحمه الله بمشقة النفس، بإلحاح وإصرار، وبطلب من والدتي التي رضخت لطلبي في آخر المطاف خوفا على مساري الدراسي، حيث أحسست بفرح شديد وأنا اتلمس مكونات الآلة الوترية، وأوتارها الساحرة، وبدأت أتعامل مع لوتار بحب، وأصبحت الآلة رفيقتي ومؤنسة وحدتي منذ ذلك الحين.

 ما هي أول أغنية فعلت فعلتها في أحاسيسك الفنية، للفنان الشيخ عابدين الزرهوني؟

كانت بدايت تعاملي مع أغاني الشيخ الرائد عبيدين الزرهوني حين اخترت الاستماع بحس مرهف لأغنيته الجميلة "ياك حلفتي بحلوفك ما تخون العهد "، وأعدت غنائها بطريقته الخاصة صوتا وأداء، محافظا على كلماتها الجميلة، وألحانها الشجية، ومنذ ذلك الوقت سكنتني مواضيع أغانيه وطريقة أداءه، وصوته الشجي، وبحته المتفردة. التي عشقها الجمهور المغربي بشغف كبير.

كانت لك طبعا تجربة مع المجموعات الغنائية حدثنا عن هذا المشوار الفني ؟

خضت التجربة الأولى في ميدان المجموعات الشعبية، مع إحدى مجموعات لوتار الغنائية بأسفي، التي كان يرأسها الفنان عبد الهادي الفوريستي، مدة أربع سنوات متتالية، ومن بعد قررت أن أجدد أواصر وراوبط الفن الحصباوي والأطلسي مع الشيخين جمال وعبيدين الزرهوني، وأتقرب جدا منهما فنيا و إنسانيا، وكان ذلك فعلا بداية لتجديد علاقتي الفنية ، حيث انطلقت في مشواري التكويني الجيد منذ سنة 2008 ، خطوة خطوة دون تسرع. مستعينا بأذني الموسيقية التي وهبني الله، وبقوة حضوري و التقاطي لأبجديات العزف والغناء، وتوظيف صوتي الغنائي إلى غاية سنة 2012 . بعد ذلك التحقت بمجموعة الشيخة الطباعة والمتمكنة فنيا أستاذة عيوط الحصبة خديجة مركوم... إلى حدود الساعة مازالت أرافقها في جولاتها الفنية التي كنت اشتغل فيها بألة لوتار وأؤدي وصلات غنائية متنوعة في فن العيطة والغناء الشعبي ، بالإضافة إلى أغاني الشيخ عبيدين الزرهوني التي أحفظها عن ظهر قلب ( أحفظ كل انتاجات الفنان عبيدين الزرهوني ).

هناك محطات فنية في مسارك شكلت مدارس لتقلينك أصول العزف والغناء ...من هم شيوخك؟

اعتبر الشيخ جمال الزرهوني ملهما لمسيرتي الفنية بحيث أنني حفظت كل أغانيه العيطية التي جددها وأتقن أدائها بعد تنقيحها من كل الشوائب والتمييع بفعل الدخلاء على حقل فن العيطة والغناء الشعبي، كما أنني استلهمت في مشواري الفني النمط الغنائي الأصيل للشيخ عابدين الزرهوني، بالإضافة إلى تأثري بطريقة أداء الشيخة خديجة مركوم وكيفية تعاملها مع النصوص العيطية...  لقد استفدت من ثلاثة مدارس فنية في مشواري الفني المتواضع ، واعتبر تلك المدارس أساس بنيان شخصيتي وصقل مواهبي وتفجير طاقاتي، بتأثيرهم المباشر والإيجابي في تراكماتي الإبداعية، وهم، مدرسة الشيخ جمال الزرهوني و مدرسة الشيخ عبيدين و مدرسة الشيخة خديجة مركوم، فضلا عن احتكاكي ببعض شيوخ فن العيطية الحصباوية الذين طبعوا مسيرتي الفنية خلال جلساتنا التدريبية بأسفي.

هل كانت لك تجارب فنية خارج المغرب؟

في سنة 2018 خضت تجربة فنية مع الشيخة خديجة مركوم بعد مرافقتي لها في سهرات خارج المغرب بفرنسا، وكانت تجربة غنية ومفيدة من خلال لقاء مغاربة العالم العاشقين لتراث فن العيطية، ورافقنا في هذه الرحلة الفنية الشيخ بيريك والشيخ صالح والفنانة خديجة البيضاوية ، حيث أحيينا حفل فني في مدينة باريس في المعهد العربي. وفي 2019 كانت لي تجرة فنية أخرى في هولندا بمدينة امستردام حيث قدمنا وصلات في فن العيطة شكلت في نفسي منطلقا جديدا قوامه التقة في النفس وبناء قنوات جديدة خارج المغرب.

ما هي مشاركاتك الفنية وفرص المرور في البرامج التلفزيونية بالقنوات المغربية ؟

بالنسبة للتسجيلات الفنية بالمغرب كانت لي فرص ثمينة جدا رفقة الفنان الهرم الشيخ عابدين الزرهوني، والشيخ جمال الزرهوني، والشيخة خديجة مركوم، في أغلب البرامج الفنية التلفزيونية ( الأمازيغية / نجوم الأولى / مسار / ألحان عشقناها / شدى الألحان....).

هل من جديد في الساحة الفنية باسم الفنان رشيد عبدين ؟

جديدي الفني يتعلق بألبوم فني تم تسجيله مؤخرا، أتمنى للجمهور المغربي أن يروقه وينال اعجاب المتتبعين لهذا النمط الغنائي التراثي العيطي ... في نفس الوقت نشتغل على عمل مشترك رفقة الفنان الرائع الفارس السي حسن السرغيني الملقب ( بمول العود) صديقي وأخي، والذي اعتبره رفيقي في درب المحافظة على فن العيطة، وشريكي الدائم في الجلسات الفنية رفقة بعض الشباب الذين يحملون لواء تراث فن العيطة. طبعا هناك استشارة دائمة وتواصل دائم مع معلمنا الشيخ جمال الزرهوني .

 أين يقضي رشيد عبدين أوقاته للتمرين والتداريب ؟

معظم أوقاتي منذ أن تشربت فن العيطة من عائلة الزراهنة، وتحديدا منذ سنة 2010 ، كنت التجأ إلى كنف "الزاوية" على ساحل البحر، بمنطقة البدوزة عند الصديق عبد اللطيف والذي اعتبره أخ وصديق عزيز، كان وظل سندا لنا نحن الثلاثة ( حسن مول العود وأمين الورديني وعبد ربه)، بحيث أننا نعتبر "الزاوية" بمتابة المعهد والمدرسة الموسيقية التي تعلمنا فيها أبجديات وأصول العزف والإيقاع والغناء، يستقبلنا ويفتح لنا فضاء اللقاء والتواصل للتمرين والتداريب والنقاش في مواضيع ذات الصلة بفن العيطة وشيوخها وروادها وطريقة أدائها عزفا وغناء. وكان فضاء الزاوية يشكل بالنسبة لنا "معهدا موسيقيا" يوفر لنا جميع الآلات الوترية والإيقاعية وكل شروط التعلم الذاتية والموضوعية.

 ما هي أفضال مدرسة الشيخ جمال الزرهوني عليكم كشباب مهووس بفن العيطة ؟

لا ينكر إلا جاحد، أن تصحيح وتنقيح كلام ومفردات، كل مواضيع ونصوص فن العيطة الحصباوية سمعناها ولقنها لنا معلمنا وملهمنا الشيخ جمال الزرهوني و كذلك الشيخة خديجة مركوم، حيث كنا نتلقى دروس الدعم والتقوية في هذا الشأن، بعد أن كنا نمرر مفردات وكلمات خاطئة ضمن غنائنا العيطي بسبب معرفتنا الناقصة لمتون العيطة. لذلك انضبطنا بشكل صارم في احترام الموروث الشفهي الغنائي لنصوص العيطة واطلعنا على تفسيراتها وشرحها وأسباب نزولها في سياقها التاريخي.

 كلمة أخيرة للقراء والمتتبعين لمشوارك الفني ؟

احترم كل الفنانين وشيوخ وشيخات العيطة، وأقدر عطائاتهم الفنية، وأنزع قبعتي لكل الباحثين والمختصين في مجال فن العطية والتراث الشعبي، لأن حب الناس لا يباع ولا يشترى فهو هبة ونعمة ربانية أحمد الله عليها، تجعلني أحظى بالتقدير في عيونهم، فأنا مازلت تلميذا أتلمس المستقبل الفني، واعترف بالشيوخ الرواد الذين ضحوا بوقتهم ومالهم من أجل رفع لواء موروثنا الثقافي الشعبي على مستوى تحصين وتثمين فن العيطة. كما أرفع تحياتي لجمعية المغرب العميق لحماية التراث التي تكابد من أجل رد الاعتبار لشيوخ العيطة وتحسيس الشباب بأهمية المحافظة على آلة لوتار المغربية.