الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

النهري : الصمدي يهنىء نفسه على ريعه الجديد كمستشار في التعليم العالي

النهري : الصمدي يهنىء نفسه على ريعه الجديد كمستشار في التعليم العالي حميد النهري
خلفت تدوينة كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي السابق خالد الصمدي موجة من الاستهجان من طرف أغلب المتتبعين لسياسة التعليم ببلادنا.
حيث كتب في حسابه أنه "ابتداء من هذا الأسبوع، استأنف بتوفيق الله وحسن عونه مسار الإسهام في تنزيل إصلاح المنظومة التربوية من موقع جديد بصفة مستشار لرئيس الحكومة مكلف بقطب التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة"، وهو القطب الذي مجده الصمدي وقال أنه "يضم فريقا من الخبراء المتميزين المتخصصين في هذا المجال برئاسة الحكومة" مشيرا أن "البداية كانت بوضع برنامج العمل والمخطط التنفيذي ومؤشرات الإنجاز إلى جانب آليات التتبع والتقييم.."
ولو أني في الحقيقة لم أتفاجأ من هذا التصريح، لأني كنت أشرت في مقال سابق إلى العراقيل التي كان يضعها الصمدي في طريق الوزير الحقيقي أمزازي؛ ومشروعه الإصلاحي وتحولت بعد ذلك إلى صراع بين الطرفين لأن كاتب الدولة كان يشتغل بمنطق الوزير السابق لقطاع التعليم العالي ؛والذي في مرحلته تأزمت وضعية القطاع أكثر واقصد هنا الحسن الداودي.
إذن التدوينة هي تحصيل حاصل من طرف من سمحت لهم الدولة وسياسة الوهم أن يتلاعبوا بمصير ومستقبل أجيالنا. وإذا رجعنا إلى تدوينة الصمدي ليس لتحليلها لأنها لا تستحق ذلك فهي صادرة عن جهة لم تعد لها أي مسؤولية بل كانت تعتبر إحدى مظاهر الفشل في تدبير قطاع بحجم التعليم العالي أصبحت اليوم مصنفة في جانب الفشل وانعدام الكفاءة حسب السياسة الجديدة لما بعد الخطاب الملكي.
لكن ضروري أن نوضح أكثر رسائل هذه التدوينة لأنها بكل أسف يمكن اعتبارها عادية جدا ويمكن أن تصدر عن أي شخص عادي يمكن أن يكتبها في أي مكان وما دام الفايسبوك أصبح يلعب هذا الدور فصاحب التدوينة اختاره ليشوش به عله يكسب من وراء هذا الوهم شيئا .
- إن الصمدي في تدوينته يهنئ نفسه بالمنصب الجديد وفي ذلك إحراج كبير لرئيس الحكومة الذي تأخر كثيرا في تفعيل مضمون الخطاب الملكي ؛والآن يظهر انه يتحايل على توجيهات الملك فكيف يعقل أن يخرج كاتب دولة من باب الوزارة ويعود عبر النافذة للإشراف على قطب التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي والثقافة في ديوان رئيس الحكومة.
- إن استعراضه لكفاءة وعلو كعب الإدارة الجديدة التي أصبح ينتمي إليها لهو مس خطير بسلطات الوزير الحقيقي للقطاع سعيد أمزازي ؛ ولبرنامجه الإصلاحي وانتقادا واضحا للمسؤولين في وزارة التعليم بل وانتقاصا كبيرا لكفاءتهم والتي حسب الصمدي ربما كانت وراء فشل أوراش إصلاح القطاع.
رغم أن الجميع (إدارة نقابات مؤسسات جامعية رؤساء جامعات عمداء مدراء أساتذة جامعيين طلبة...) كل هؤلاء يعلمون أن العقبة الكبرى التي واجهت كل الأوراش الإصلاحية هي عقبة كتابة الدولة التي كان الصمدي على رأسها والتي خلقت ازدواجية في تدبير القطاع خصوصا وأنه كان يخدم أجندة أخرى مغايرة لأجندة الوزير الحقيقي سعيد امزازي؛ بل إن هفواته شكلت امتدادا واضحا لأجندة الوزير السابق لحسن الداودي.
-أما على صعيد ما سماه الصمدي في تدوينته بالإنجازات التي حققها فهنا قمة العبث
فمن جهة عندما نتكلم عن إنجاز قطاع ما (ولو افترضنا ذلك) فإننا نتكلم عن مساهمة مختلف المتدخلين وقطاع التعليم بالخصوص يتميز بكثرة المتدخلين وهؤلاء جميعهم يعلمون أن الصمدي كان يستعمل أسلوب الكلام من أجل الكلام لا غير وخير مثال على ذلك؛ تجربته مع جامعة عبد المالك السعدي (كثرة الوعود والمشاريع النظرية....) وصلت حد التخمة، وأدت إلى إحراج كبير لإدارة وهياكل وأساتذة جامعة عبد المالك السعدي مع المواطنين بحيث تم توريط الجامعة في مجموعة من المشاريع التي لا يمكن تحقيقها .
ومن جهة أخرى استعمل مجموعة من الإحصائيات والتي لم تثبت فاعليتها على أرض الواقع . بل كان ولا زال يستعملها إلا كأداة لحملة انتخابية مفتوحة والأمثلة متعددة (مكان بالماستر لكل مجاز برنامج مدرس المستقبل ....)
وفي الأخير؛ رغم اختلافنا مع وزارة التعليم على بعض مقتضيات إصلاح المنظومة التعليمية إلا أننا نطالبها بالرد الواضح والمسؤول على هذا العبث فقانونيا هي المسؤولة على إصلاح المنظومة التربوية ولها مسؤولية كبيرة في تنزيل القانون الإطار أمام الملك والحكومة والبرلمان و المواطنين.
أما مسألة تتبع التنفيذ فهي مسؤولية الحكومة عبر اللجنة الوطنية التي تم المصادقة على مرسوم تأليفها يوم 3 أكتوبر 2019 من طرف مجلس الحكومة؛ وهي اللجنة التي يرأسها السيد رئيس الحكومة و ليس مستشار معين في إطار ثقافة الريع السياسي .
ولوزير القطاع وحده مسؤولية التنسيق ولا يمكن لأي شخص أو جهة أخرى أن يحل محل الوزارة كهيئة للتتبع لأن المرسوم واضح في هذه النقطة.
فكفى من العبث فالأمر يهم قطاع التعليم ويهم مستقبل أبناءنا وعلى وزير القطاع السيد سعيد امزازي أن يتحمل مسؤوليته ويضع نقطة النهاية للخرجات المهزلة لكاتب الدولة السابق المكلف.
حميد النهري، أستاذ رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق طنجة